تتجاهل البرلمان والصحافة وتكتفي بـ”تويتر” و”التوك شو”.. رانيا المشاط “الاقتصادية” التي لم تنجح في إنقاذ السياحة
حالة من التخبط يعيشها القطاع السياحي، نظرًا لعدم قدرة الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة السياحة، على إحداث نقلة نوعية في القطاع الذي يعاني كثيرًا منذ عام 2011.
حالة من الاستياء شهدتها الأوساط الصحفية والسياحية من عدم تواصل الوزيرة الجيد معهم، واهتمامها فقط بالتدوين عبر حسابها على “تويتر” وإبراز إنجازتها وما تحققه على الصعيد الشخصي، بجانب الظهور في بعض برامج “التوك شو” للحديث عن الخطوات الكثيرة التي تقوم بها، دون أن يكون لها مردود قوي على أرض الواقع.
الدكتورة رانيا المشاط تولت وزارة السياحة في يناير 2018، ولم يلقى القرار آنذاك استحسان العاملين بقطاع السياحة، إذ تُعد المشاط بعيدةً كل البعد عن هذا المجال، بحكم كونها وكيل المحافظ البنك المركزي للسياسات النقدية لمدة 11 عامًا، فضلًا عن عملها الدائم بالمجال الاقتصادي وليس السياحي.
الوزيرة وعلى مدار أكثر من 21 شهرًا منذ توليها زمام الأمور بوزارة السياحة، لم تحرز التقدم المنتظر في ظل التسهيلات والحراك الذي تشهده مصر في الآونة الأخيرة.
بدأت رانيا المشاط حقبتها بإثارة التساؤلات، حيث قررت الوزيرة نقل أثاث مكتبها في برج مصر للسياحة بالعباسية إلى مكتب جديد اختارته لنفسها في مقر هيئة التنمية السياحية بالجيزة، الأمر الذي جعل البعض يتسائل عن أسباب نقل أثاث مكتب، في تصرف لم يفعله وزير سابق.
المشاط صنعت أزمة بين وزارة السياحة ونقابة المرشدين السياحيين، بعدما أصدرت القرار رقم 95 لسنة 2019، بتعيين لجنة لتسيير أعمال النقابة لمدة 3 أشهر تكون، والدعوة لانتخاب مجلس جديد للنقابة.
مجلس إدارة نقابة المرشدين السياحيين المنحل، أعلن عدم الاعتراف بقرار رانيا المشاط، قرر تحديها وفتح باب التقدم لانتخابات مجلس إدارة النقابة، على الرغم من القرار الوزاري.
الوزيرة لم يكن لها يومًا علاقة بالقطاع السياحي، لذلك لم تحسن التصرف في الأزمات التي تواجهه، ففي أغسطس من العام الماضي، تعرضت المشاط لأزمة عقب وفاة سائح بريطاني وزوجته في أحد فنادق الغردقة الشهيرة.
الوزيرة أصدرت بيانًا عقب الواقعة، لم يكن على قدر مستوى الواقعة، ولم تفعل سوى أنها ألمحت إلى إدانة الفندق ووعدت بسلامة بقية السياح، دون أن تنتظر أي إجراء في التحقيقات، أو تصدر بيانًا قويًا للصحف الإنجليزية عن معايير الأمان والسلامة في الفنادق المصرية.
وزيرة السياحة أصدرت قرارها رقم 442 لسنة 2019، حول وقف إنشاء الشركات السياحية بكافة فئاتها، الأمر الذي فتح باب الهجوم عليها.
وتقدمت النائبة أمال رزق الله، عضو مجلس النواب، بسؤال للحكومة مُوجه لوزيرة السياحة قرار بوقف إنشاء الشركات السياحية بكافة فئاتها.
وقالت رزق الله، إن مصر فى أحوج الحال إلى تنمية السياحة، حيث يُعد قطاع السياحة أحد القطاعات الحيوية في الدولة ذو تأثير بالغ الأهمية على النشاط الاقتصادي، فهو يرتبط بزيادة الإنتاج في القطاعات التي تتصل به، والخدمات المختلفة، مثل الكهرباء والمياه، وشبكات الاتصالات، إضافة إلى أن قطاع السياحة يجلب الاستثمار اللازم لتطوير الخدمات الأساسية في المناطق القريبة للمواقع السياحية، وبالتالي التأثير على التنمية الاقتصادية، مؤكدًة أننا بالكاد حصلنا على إشادات دولية بشأن تعافي السياحة المصرية، وأيضًا بدء تشغيل شركات السياحة التي كانت في حالة من الكساد لسنوات طوال.
وتسائلت النائبة: “”لماذا هذا القرار فى هذا التوقيت تحديدًا؟، وما الهدف منه؟، وما هو العائد الوطني والسياحي العائد من تطبيق هذا القرار؟”، متابعةً: “ما احوجنا الى إجراءات لتنشيط السياحة وتفعيل المنافسة الشريفة بين الشركات السياحية، من خلال ضخ دماء جديدة لشركات سياحية جديدة، وليس حظر إنشائها”.
العلاقة بين رانيا المشاط ومجلس النواب ليست في أفضل حال، فعقب توليها الوزارة طالبت لجنة السياحة والطيران بمجلس النواب، وزيرة السياحة بحضور اجتماع موسع عقدته اللجنة، لبحث تنشيط السياحة والاهتمام بالأنماط المختلفة ومنها السياحة الرياضية والعلاجية، إلا أن المشاط تجاهلت المطلب ولم تحضر.
وفي يونيو من العام الجاري، تغيبت وزيرة السياحة عن اجتماع مناقشة أزمة إلغاء حجوزات الطيران لعدم سداد إحدى شركات الطيران تأمينها للاتحاد الدولي للنقل الجوي “الأياتا”، الأمر الذي جعل لجنة السياحة والطيران المدنية بمجلس النواب، تشن هجومًا على الوزيرة.
النائب عمرو صدقي، رئيس لجنة السياحة بالبرلمان، ألمح إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تتغيب فيها الوزيرة عن الحضور، وهو ما يستحق توجيه إنذار شديد اللهجة، فيما قال النائب مصطفى بكري: “تم تأجيل مناقشة الموضوع قبل ذلك لعدم حضور الوزيرة، واليوم لم تأت، ويجب أن يكون هناك رد على ذلك”.
المشاط أثارت الجدل بتصريحتها عقب 10 شهور من توليها الوزارة، والتي رفضت فيها الإعلان عن أعداد الوافدين إلى مصر، قائلةً إن الوزارة تلقت تعليمات بعدم الإفصاح والإعلان عن الأعداد الحقيقية باعتبارها أمنًا قوميًا. العديد من الشخصيات العامة والهامة دوليًا، قدموا إلى مصر لقضاء عطلاتهم، دون أن تستفيد وزارة السياحة بوجودهم على أرض مصر، حيث قالت الوزيرة: ” لابد من وزارة السياحة مراعاة عدم اقتحام الحياة الشخصية للمشاهيرة الذين يأتون للاستمتاع بشكل خاص من قضاء أوقاتهم في مصر حيث لا يوجد أي تعاقد بينهم لإجبارهم على استغلال زياراتهم في الترويج للمقاصد المصرية السياحية الذين يتوجهون إليها”، دون تقديم أي وجهة نظر أو حل للاستفادة الكبرى من الترويج المجاني للسياحة المصرية.الكاتب الصحفي الكبير عادل حمودة، نشر مقالًا حول أداء الوزيرة ودورها في القطاع السياحي، قال فيه: “إن الدكتورة رانيا المشاط موهبة اقتصادية متفجرة بخبرات أكاديمية مذهلة جعلتها متميزة في مجال الإصلاح المالي البعيد تماماً عن النشاط السياحي، وليس في سيرتها المهنية كلمة واحدة تشير إلى خبرة في السياحة”.
وتابع: “حسب ما أعرف ليس لدينا مثلها في تخصصها الذي يصعب تكراره بمستواها، بجانب رقة شخصيتها التي تقترب كثيرًا من الخجل مما لا يفيد كثيرًا في علاج أزمات السياحة وإخراجها من عثراتها”.
واختتم حمودة مقاله: “لو شئنا وزيرًا للسياحة يقدر على إنقاذها، فابحثوا عن شخص بمواصفات الدكتور ممدوح البلتاجي.. خبرة هائلة في التعامل مع الميديا العالمية وقت الأزمات الصعبة.. سهولة في حل مشاكل أهل الكار رغم تنافرهم من بعضهم البعض.. ونتائج ملموسة سجلت له في التاريخ. أما رانيا المشاط فنحن في حاجة إليها في الملف الأهم الذي تفهم فيه.. ملف الاقتصاد.. وتلافي الآثار الجانبية المؤلمة لروشتة صندوق النقد الدولي”.