كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في افتتاح فعاليات “الأسبوع العربي للتنمية المستدامة”
ألقت اليوم، الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية خلال افتتاح فعاليات النسخة الثالثة من الأسبوع العربى للتنمية المستدامة، بالتعاون بين وزارة التخطيط؛ والأمانة العامة لجامعة الدول العربية المنعقد تحت عنوان “شراكة متكاملة من أجل مستقبل مستدام” والمقرر عقده علي مدار أربعة أيام حتى 6 نوفمبر، وبالشراكة مع البنك الدولي، والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي.
وخلال الافتتاح أعربت الدكتورة هالة السعيد عن سعادتها بالمشاركة في افتتاح الأسبوع العربي للتنمية المستدامة في نسخته الثالثة من العام الحالي 2019، كما أعربت أيضًا عن اعتزازها كوزيرة للتخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري بجمهورية مصر العربية لاستمرارية العمل الجاد والتعاون البناء مع جامعة الدول العربية في تنظيم هذا الحدث المنتظر من كل عام.
وقالت السعيد، إنه يشرفها أن تنقل إلى السادة الحضور تحيات وترحيب السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر العربية بمناسبة انعقاد أعمال الأسبوع العربي الثالث للتنمية المستدامة، وخالص تمنياته لأعمال الأسبوع العربي بالتوفيق والنجاح، مؤكدة أنه يشرفها أيضًا أن تُلقى على الحضور الكريم بالإنابة عن سيادة الرئيس كلمة بمناسبة افتتاح الأسبوع العربى للتنمية المستدامة.
كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي
وخلال كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي التي ألقتها نيابة عنه الدكتورة هالة السعيد أكد سيادته أنه من دواعي سعادته أن نجتمع اليوم سويًا على أرض الكنانة مصر، والتي ترحب وتعتز دائمًا بضيوفها من الدول العربية الشقيقة، وكافة دول العالم الساعية للتنمية والمتطلعة لمستقبل أفضل يسوده الأمن والسلام والرخاء للجميع.
وأوضح السيسي أنه استكمالًا لما حققناه من نجاح خلال الأسبوع العربي للتنمية المستدامة في نسخته الأولى والثانية، والذي حرصت مصر على استضافته وتنظيمه بتعاون مثمر مع كل من جامعة الدول العربية والبنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، تحت شعاري “نحو شراكة فاعلة” و”الانطلاق نحو العمل”، ها نحن اليوم نستكمل ما بدأناه سويًا من مسيرة عمل في إطار هذه الشراكة الفاعلة وهذا التعاون المثمر لنطلق معًا النسخة الثالثة من الأسبوع العربي للتنمية المستدامة، تحت شعار “شراكة مستدامة لمستقبل أكثر استقرارًا” مرتكزًا على ثلاثة محاور هي “التكامل بين شركاء التنمية”، “التحول إلى حياة أفضل”، “آفاق جديدة لعالم متغير”، مستهدفًا تحقيق التكامل بين جميع الشركاء وأصحاب المصلحة وتوفير منصات حوارية تخلق حلول مبتكرة للمعوقات التي تحول دون تنفيذ كامل أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية، وذلك فى إطار سعينا نحو مستقبل أكثر استقراراً ومستدام وآمن لجميع الشعوب العربية.
وأضاف الرئيس أننا نجتمع اليوم في وقت يشهد فيه العالم أجمع وفي القلب منه منطقتنا العربية ظروفًا ومتغيرات اقتصادية وسياسية متسارعة وفي غاية الأهمية، تفرض مزيدًا من الأعباء والتحديات، وتؤثر سلبًا على الجهود التي تبذلها الحكومات لتحقيق التنمية مما يتطلب منا مضاعفة الجهد والعمل الجاد الحثيث.
أجندة التنمية المستدامة 2030
وتابع أنه بعد انقضاء أربعة أعوام على إطلاق أجندة التنمية المستدامة 2030، يقف عالمنا العربي اليوم أمام فرصة كبيرة لحشد الإمكانيات المتاحة وبذل كل الجهود لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، ولتحديد خطوات مستقبلية وفقًا لأولويات المنطقة العربية، مما يستدعى توطيد أواصر التعاون بين جميع الشركاء وتسريع وتيرة العمل وصولًا إلى المستقبل الذى نصبو إليه.
وأكد رئيس الجمهورية على أن الأسبوع العربي للتنمية المستدامة يجسد أهمية العمل الجماعي وإقامة الشراكات الجادة على جميع المستويات لمواجهة التحديات الاقتصادية، والاجتماعية، والإنسانية، والأمنية، والسياسية، وهو الأمر الذي يتسق مع الجهود المصرية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال رؤية مصر 2030 والتي انطلقت في مطلع عام 2016، كما يتسق مع ما حققته مصر من نتائج ملموسة على المستوى المحلي، ومع دورنا الفاعل في تحقيق التنمية المستدامة على المستويين الإقليمي والدولي، حيث تشارك مصر في كافة المبادرات والجهود المبذولة لتحقيق التنمية المستدامة، وتؤكد دائمًا على أهمية التكامل بين مختلف جهود ومبادرات التنمية، وضرورة أن تأتي جهود الدول متسقة وداعمة لهذه المبادرات.
أجندة تنمية إفريقيا 2063
وأشار السيسي إلى أنه بالإضافة إلى ما تُولِيه مصر من اهتمام خاص بالتعاون مع اشقائنا من الدول العربية لتحقيق التنمية المستدامة على المستوى العربي، تعطي مصر أهمية خاصة لأشقائها من الدول الأفريقية، لتشارك مصر بفاعلية في جهود تنفيذ أجندة تنمية افريقيا 2063، وتحرص على التعاون والتنسيق المستمر مع الدول الافريقية في مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية خاصة في ظل رئاسة مصر الحالية للاتحاد الافريقي، والتي تكللت بالإعلان عن بدء سريان اتفاقية التجارة الحرة بين الدول الأفريقية، وذلك خلال افتتاح القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي في نيامي في دولة النيجر الشقيقة، والتي من المنتظر أن تدعم آفاق التعاون التجاري والاقتصادي بين دول القارة، من خلال الإلغاء التدريجي للتعريفة الجمركية على التجارة بين الدول الأعضاء بالاتحاد، والتوجه إلى زيادة الشراكات الإنتاجية بين دول الدول الأعضاء وتقليل الاعتماد على تصدير المواد الخام.
وشدد على أنه حرصًا من مصر على تحقيق الأهداف الأممية لخطة التنمية المستدامة 2030 منذ تدشينها في سبتمبر 2015 وما تشمله من أهدافٍ تركز على تدعيم الشراكات الدولية، شاركت مصر على الصعيد الدولي في المنتدى السياسي رفيع المستوى للتنمية المستدامة.
انخفاض معدلات نمو الاقتصاد العالمي
وأوضح السيسي أنه ساهم في انخفاض معدلات النمو الاقتصادي العالمي عدد من العوامل أبرزها تصاعد حدة التوترات التجارية، وما تشهده اقتصادات عدد من الدول الناشئة من ضغوط اقتصادية، ومع توقعات آفاق الاقتصاد العالمي بتباطؤ معدل النمو العالمي يكون من المتوقع بنهاية عام 2019 أن تنخفض معدلات النمو في 70% من الاقتصاد العالمي، أخذًا في الاعتبار أن معدل النمو قد بلغ ذروته عام 2017 ليصل إلى 4%، وبدأ الانخفاض التدريجي إلى 3.6% في عام 2018، ومن المتوقع بنهاية 2019 أن يصل إلى أقل من 3%.
ولفت إلى أن هذا الأمر سيصاحبه ارتفاع في معدلات البطالة العالمية، وارتفاع في معدلات التضخم، وتزايدًا لأعباء الديون الداخلية والخارجية، متابعًا أنه يزيد من حدة تلك التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي ارتفاع درجة عدم اليقين بشأن الإجراءات المتعلقة بالإنتاج الصناعي والاستثماري في معظم اقتصادات العالم سواء المتقدمة منها أو الصاعدة، فضلاً عن عدم تعافي التجارة العالمية بعد.
وتابع أنه في خضم الرؤية القاتمة لمعدلات نمو الاقتصاد العالمي، فمن المتوقع أن تقود اقتصادات الدول الصاعدة والنامية نمو الاقتصاد العالمي بمعدلات نمو مرتفعة تصل في المتوسط إلى 5% بنهاية عام 2019، إلا أن الوصول إلى تلك المعدلات الإيجابية يستوجب التعاون بهدف زيادة الإنتاج، وتعزيز الطابع الاحتوائي.
وأوضح أنه من المفيد السير قدمًا في طريق الحوارات المجتمعية بين مختلف الأطراف المعنية بأوجه التنمية المختلفة، بالإضافة إلى تسوية الصراعات التجارية، والتصدي لتغير المناخ، وعلى صانعي السياسات أن يعملوا على أساس من التعاون للمساعدة على عدم تراجع الاستثمار نتيجة عدم اليقين المحيط بالسياسات.
وشدد الرئيس على أنه يتوجب علينا كدول عربية العمل على تحقيق مزيدًا من التعاون الاقتصادي بين دولنا، والعمل على تعزيز أوجه الابتكار في كافة المجالات، مع تكثيف الجهود وتوجيهها نحو تنمية رأس المال البشري لدينا بهدف الوصول إلى مستقبل أكثر استقراراً لدولنا العربية.
وأوضح أنه حرصًا من مصر على تدعيم الشراكات الدولية، فقد أكدت أمام قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة والتي عقدت في سبتمبر 2019، على أن جهود الإسراع بتحقيق أهداف التنمية المستدامة تتطلب التحرك في إطار عدة محاور يتمثل أولها في الالتزام السياسي من جانب جميع الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية إزاء قضية التنمية المستدامة، وحشد الجهود نحو استدامة العمل الجماعي الجاد، لبلوغ غاياتها وفقاً للأولويات الوطنية للدول، أما المحور الثاني فهو مضاعفة الجهود الرامية لتوفير التمويل اللازم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
التنمية المستدامة في الدول العربية
فوفقًا لتقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية عام 2018 بلغ حجم الاحتياجات التمويلية لكافة دول العالم لتلبية أهداف التنمية المستدامة ما يتراوح بين 5 – 7 ترليون دولار سنوياً حتى عام 2030، وتحتاج دولنا العربية وحدها لنحو 230 مليار دولار سنوياً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وكشف التقرير عن أنّ الفجوة التمويلية الحالية، تقدر بأكثر من 100 مليار دولار سنويا، أما المحور الثالث فيخص دعم الاستثمار في العنصر البشري من أجل تحقيق التنمية المستدامة، والعمل على زيادة كفاءة المؤسسات الوطنية، وتكثيف الروابط بين العلوم والتكنولوجيا من ناحية وبين جميع أركان العملية التنموية من ناحية أخرى.
وأكد الرئيس أن هذا ما وضعته مصر نصب أعينها عند تحديد محاور استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030 من خلال شراكة فعالة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وبتعاون وثيق مع شركاء التنمية الدوليين مع إيلاء اهتمام خاص بتشجيع مشاركة كلٍ من الشباب والمرأة في تنفيذ برامج هذه الاستراتيجية؛ فيشكل هدف تشجيع مشاركة وتمكين الشباب والمرأة أحد نقاط الالتقاء لمختلف محاور خطط وبرامج التنمية، وهو الأمر الذي جعلها تتضمنٍ أهدافًا شاملة لكافة مرتكزات وقطاعات الدولة المصرية، كما تراعي الاستراتيجية مبدأ تكافؤ الفرص وسد الفجوات التنموية والاستخدام الأمثل للموارد ودعم عدالة استخدامها بما يضمن حقوق الأجيال القادمة.
نمو الاقتصاد المصري
وفيما يتعلق بانعكاس ذلك على إيجابية مؤشرات مصر الاقتصادية المختلفة المحلية منها والدولية، أشار رئيس الجمهورية إلى أن مصر حققت أعلى معدل نمو سنوي منذ عشر سنوات بلغ 5.6٪ خلال العام المالي 18/2019، ومن المتوقع أن يصل إلى 5.9% خلال العام القادم، مقارنة بنمو قدره 2.9% في عام 13/2014، وذلك بما يفوق معدلات النمو في الأسواق الناشئة والدول النامية، لتصل مصر إلى المرتبة الثالثة عالمياً في ارتفاع معدلات النمو الاقتصادية.
وفي السياق ذاته، أضاف أن معدل التضخم العام حقق انخفاضًا غير مسبوق في سبتمبر 2019 ليبلغ 4.3% مقارنة بـ 17.5% في ذات الشهر من العام السابق. وتأكيدًا على إيجابية معدلات النمو الاقتصادي المصري، فقد انخفضت معدلات البطالة لتصل الى 7.5% خلال الربع الثاني من عام 2019 مقارنة بـ 13.2% في عام 2014.
كما ارتفعت تدفقات النقد الأجنبي لتبلغ نحو 78 مليار دولار في عام 2018/2019 مقارنة بنحو 61 مليار دولار في عام 2008/2007 بنسبة نمو 28٪، وهو ما انعكس على ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي لتصل إلى 45 مليار دولار في سبتمبر 2019 بما يغطي احتياجاتنا الاستيرادية لقرابة التسعة أشهر، مقارنة بنحو 13.4 مليار دولار في مارس 2013، وهو ما يعتبر أحد أهم معايير ركائز الاستقرار الاقتصادي.
شراكة الحكومة والقطاع الخاص
وأكد رئيس الجمهورية على أن ما تم تحقيقه من نتائج ومؤشرات إيجابية ما هو إلا بداية لمسيرة طويلة من العمل الجاد والإرادة الحقيقية على المضي قدمًا لاستكمال تلك المسيرة.
كما أكد على أن كل ذلك لم يكن ليتحقق دون وجود شراكة فاعلة بين كافة الأطراف من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني إلى جانب شركاء التنمية المحليين والإقليميين والدوليين، متابعًا أنه ليس أمامنا سوى التعاون وتكامل العمل والجهود في مجالات التنمية المختلفة من خلال الشراكات المستدامة، لنصل جميعًا إلى مستقبل أكثر استقرارًا.
واختتم الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية كلمته بتمنياته أن تكلل مداولات هذا المحفل المهم بالنجاح في دفع الجهود الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة لصالح المواطن العربي، ودوامَ التوفيقِ والرفعةِ لأوطانِنا العربيةِ وشعوبِها الكريمة.
وتأتي فعاليات النسخة الثالثة من الأسبوع العربي للتنمية المستدامة بمشاركة المعنيين بملفات التنمية المستدامة على مستوى المنطقة العربية، وممثلي المجتمع المدني، إلى جانب المؤسسات العلمية والتكنولوجية والمبتكرين وكبار المسئولين ومتخذي القرار، فضلًا عن مشاركة ممثلي القطاع الخاص ومؤسسات الأعمال والخبراء الدوليين والعرب والإعلام.