بدأ مصورًا صحفيًا بالحرب الأهلية فقرر توثيقها سينمائيًا.. مخرج “شارع حيفا” يتحدث لـ”القاهرة 24″ (حوار)
عانت العراق من آفة الحرب الأهلية التي بدأت عام 2006، وتسببت في هدم الروابط الأسرية وتمزيق العلاقات الإنسانية، وجعلت من العنف مبدأً يسيطر على التعاملات بين الناس، وهذا ما أبرزه المخرج العراقي مهند حيال، في فيلمه “شارع حيفا”.
الذي نقل معاناة الشعب العراقي بين القتل المفاجئ في الشوارع، وقصص حب تنتهي بطريقة مأساوية، حيث دارت أحداث الفيلم في شارع حيفا المتواجد بقلب العاصمة بغداد، ثم تحول فجاةً لأحد أشرس شوارعها قتلًا.
وعلى هامش مهرجان القاهرة السينمائي، التقى “القاهرة 24” بمخرج الفيلم، الذي كشف لنا عن كواليس تحضيره للتجربة الإخراجية الأولى له من خلال هذا الفيلم، وحدثنا عن مشاركته في مهرجان القاهرة السينمائي، الذي حصد منه جائزتين، أفضل ممثل وأفضل فيلم في مسابقة “آفاق السينما العربية”.
لماذا اخترت العمل بالصحافة قبل أن تعمل في مجال السينما؟
لأن في العراق بعد الغزو، كان هناك الكثير من الشعراء والأدباء والفنانين يعملون بالصحافة، فكانت الصحافة أشبه بالسلاح القوي الذي استغله العراقيون للتعبير عن آرائهم، فكان من المستحيل أن تقابلي أديبًا أو شاعرًا أو ممثلًا لا يعمل صحفيًا، فالصحافة هي أساس الإعلام.
كيف كان التغير بين صحفي ثم مخرج سينمائي؟
لا أستطيع أن أحدد بداية تلك النقلة، ولكن يمكن أن أقول إن الصحافة كانت بمثابة فترة تأهيل واستعداد للسينما، فأنا كنت صحفيًا ومصورًا حربيًا أثناء الحرب الأهلية، وقررت أن أبرز ما عانت منه العراق في شكل فيلم، وبجانب عملي كصحفي كنت أحب السينما أكثر.
لماذا كانت الفترة طويلة بين الحرب الأهلية بالعراق وإخراج فيلم “شارع حيفا”؟
كان السبب الرئيسي هو الظروف الإنتاجية، فكانت بداية الفكرة منذ 2006، وأخذت 5 سنوات حتى حصلنا على الدعم المادي المناسب، وهذا بسبب صعوبة الفيلم في مشاهده، فهو فيلم قاسٍ، وكان من الصعب أن يتحمس له أحد المنتجين.
هل يعتبر الفيلم مأخوذًا عن قصة حقيقية؟
فيلم “شارع حيفا” هو إعادة قراءة لأحداث واقعية، ولكنه ليس حقيقيًا كليًا، فنسبة الخيال طغت على الحقيقة، حيث عانت العراق من وجود قتلى ومصابين في الشوارع، وفقد الكثير عائلاتهم، وكان هناك بالفعل قصص مأساوية لا تحصى.
لماذا ركزت -في فيلم يتحدث عن الحرب الأهلية- على دور المرأة والنساء؟
كنت أناقش العقلية العراقية، المرأة بها كائن مؤثر وقوي ولها كلمتها، وقررت أن أظهر في الفيلم أن المرأة قوية ولا توجد امرأة تبكي، أو تجعل المشاهد يتعاطف معها، وكان هذا الشيء المختلف الذي أعطى للفيلم خاصية التميز، وتغيير صورة المرأة المتعارف عليها.
ألم تخف من فكرة تغيير صورة المرأة المعتادة في المجتمع الشرقي؟
بالطبع لم أخف، قررت أن أعكس صورة المجتمع الذي أعيش به، فالمرأة العربية قوية ومؤثرة في المجتمع، فلماذا أكذب؟ والمرأة العراقية قوية بالرغم من الحرب وما عانت منه، فهي باقية قوية ومستمرة في التمسك بحلمها وهذا ما أردت عكسه من شخصيات الفيلم، وأنا شخص مناصر للمرأة.
هل توقعت حصول الفيلم على جائزة بمهرجان القاهرة السينمائي؟
أشعر بالفخر بنفسي وببلادي، ولم أتوقع أن يحصل الفيلم على كل هذه الجوائز، وبالطبع أنا سعيد لحصوله على جوائز بالقاهرة السينمائي.
في ظل الحرب.. لماذا اخترت للفيلم الطابع الرومانسي الإنساني؟
اخترت هذا الطابع الرومانسي الإنساني ليكون قريبًا من وجدان الجماهير، فمثلًا شخصية “سعاد” المرأة التي عانت من أجل حبيبها، وابنها أطلق عليه النار، تمثل نموذجًا للحرب الأهلية التي عقّدت العلاقات العاطفية وخلقت بها فجوات بسبب اعتماد العلاقات الشخصية على نظام العنف.
لماذا فضلت “شارع حيفا” لتدور داخله أحداث الفيلم؟
“شارع حيفا” يمكن أن نطلق عليه قلب بغداد، فهو أحد أهم شوارعها الحيوية، ويسكن به العديد من أساتذة الجامعة والمثقفين، والممثلين، ،وأنا كنت أقضي وقتي هناك وبه العديد من ذكرياتي، ولكنه فجاة تحول لأحد “أشرس” شوارع الحرب الطائفية.
هل تتوقع أن يكون الفيلم تجاريًا؟
أنا لا أقتنع بالمسميات، سواء فيلم تجاري أو فيلم مهرجانات، فهو فيلم للناس، وما أسعى له هو أن يصل للناس الرسالة التي قصدتها، وإذا أردت إخراج فيلم تجاري فسأفعل، ولكن هذا ليس غرضي الأساسي، فأنا أرى أن الأفلام التي تعبر عن الواقع وتتميز بالبساطة هي ما تجذب أهواء المشاهدين.
ما هي أعمالك القادمة؟
أعمل على تحضير فيلم روائي طويل أتحدث فيه عن “بغداد 2020” وكيف تغيرت الأحوال، ولكنه ما زال في مرحلة الكتابة، وسأخرجه بعد عامين.