“راعوا الناس اللي حواليكم اسألوا عليهم قبل ما الوقت يفوت”.. آخر رسالة لطالب حلوان المنتحر
ما زال الغموض يحيط بحادث انتحار “نادر” طالب كلية الهندسة جامعة حلوان، من أعلى برج القاهرة.
نشر أحد أصدقاء “نادر” تدوينة، لآخر ما تم بينهم عبر “فيس بوك”، قائلًا: “النهاردة الساعة 4 تقريبًا كنت قاعد ولقيت صاحبي بيقولي: “هو أكاونت الواد نادر اتهكر ولا إيه؟ أصل فيه بوستات غريبة” فروحت أشوف فيه إيه لقيت بوستات ورا بعض عمري ما شوفت نادر بيرفع زيها، واستغربت وقريت كام سطر حسيت بنوع من السخرية واني كنت هتصل بيه عشان أهزر معاه إن الأكاونت بتاعه اتهكر، نزلت في بوست منهم لقيتني بقف عليه شوية وبقرأه بتمعن حسيت أن ده نادر أكيد مش حد تاني وقلبي عمال بيتنفض ورا كل كلمة وحاسس إن في حاجة”.
وأضاف: “كل كلمة فيه كان فيها وجع مكبوت وعمره ما قاله لحد، فلقيته بيحكي عن حياته وعن حاجات شخصية عمري ما سمعتها منه شخصيًا، واكتشفت إنه كان وحيد طول عمره، والده متوفى وأخته مسافرة وأخوه مظلوم وكل ده في سنة واحدة! والأغرب عمري ما حسيته بيشتكي!! كان مستحمل لوحده كل ده وإحنا لما حد بيغيب يومين بنزعل ونعاتب ونشيل من بعض، وعمرنا ما قدرنا نعمة الناس اللي في بيتنا ولمجرد اتولدنا بيهم افتكرناهم كيان ثابت ولا يمثل أي نوع من النعم”.
وأشار :”كل بوست من بوستاته كان فيه قهر من الظلم اللي في الدنيا ده وقد إيه كان بيزعل على كل واحد ضعيف ونفسه يساعده وحس إن عمر الظلم ده ما هيخلص وظهرت ميول انتحارية. لقيتني مخضوض عليه وقلبي واكلني وقولت يا رب يكون هزار وإن لما هكلمه هنشتم بعض عادي وجيت أكلمه لقيت موبايله مغلق! ولقيتني مسكت التليفون وبكلم أصحابي الساكنين قريب منه وقولتلهم يوصلوله بس ونطمن عليه وحاولنا كتير بدون جدوى وكل شوية حاسس إن في حاجة هتحصل ومش عايز أصدق قلبي وأقول ده نزعات شيطان وإن شاء الله خير، سألنا والدته لقيناها في حالة انهيار بسبب إنه خرج من بدري ومقالش رايح فين ومش عارفة توصله ومقدرناش نقولها على اللي هو كاتبه لا تقلق أكتر وجينا ننزل نسأل في مستشفيات، لقيناه مسح البوستس بتاعته وفتح داتا بس مش عارفين نوصله وقعدنا نتصل ونبعت ومفيش فايدة بعديها قفل الاكاونت بتاعه نهائيًا”.
وأكمل:”حاسس إن في وجع جاي وأنا مش قده وبحاول أصبر نفسي بأمل إني هوصله ألاقيه يهزقني إني عملت حوار على حاجة تافهة، مرة واحدة فتح الاكاونت تانى كانه كان عايز يسيبهولنا ذكرى ليه وأنا القلق بياكل فيا واحدة بواحدة وقررنا نحاول ندور عن طريق أكاونته عن أصحابه وجيرانه لعل وعسى يكون هو قاعد عند حد أو ليه مكان بيروحه لما يكتئب”.
انتحار طالب بهندسة حلوان من أعلى برج القاهرة
وأوضح: “بعديها لقيتني بجمع أحداث اليوم حتة من قدام وحتة من ورا عن تحركاته وكأني في فيلم بحث عن شخص مفقود ومرة واحدة عشان أعصابنا تتلف في حدود الساعة 8 لقينا خبر عن مصرع أحد طلاب هندسة حلوان عن طريق قفزه من أعلى برج القاهرة بس الهوية لسه مش معروفة والقلق زاد عن حده، وقعدنا نصبر نفسنا بأن أكيد مش هو لاننا لقينا جار ليه قال إنه كان بيهزر معاه عادي وسابه الساعة 5:30 وغيره قال إنه كان قريب من نادي معين فاتعلقنا بالمعلومتين دول إن أكيد نادر بخير وإنه مجرد مكتئب وهنروح نقابله بالكتير، يشاء المولى عز وجل إنه يقرر ياخده مننا ولقينا خبر بتعرف على المتوفى وكان هو نادر، ربنا يرحمه”.
وأكد: “حسيت إن ربنا بعتني أدور وراه وأقلق عشان ناخد الموضوع بشكل جدي مش هزلي وحسيت بذنب رهيب إني لو جيت بدري يوم، ساعة أو حتى دقيقة كان زمانه وسطنا وبنهزر معاه، أول مرة أحس بعجزي للدرجة ده وتقصيري تجاه الناس اللي حواليا، ربنا يرحمه ويغفر له ويصبر أهله ويصبرنا يا رب، نادر كان من الناس اللي رغم كرهي الشديد بالاعتراف بده إلا إني كنت غيران من ذكاؤه وعقليته وأخلاقه وإنى نفسي أقدر أنافسه بجد وكان عندي إحساس إنه هيبقى حد عظيم وهيسافر بره بدون عناء، اتخطف يا ربى سبحان الله، كان في نفسي كل يوم إني أروح أكلمه وأقوله ما تيجي ننزل يا ابني سوا وعايز أشوفك واحكيلي بتعمل ايه واتاخد مني في لحظة، يا رب سامحني على تقصيري”.
أول صورة لطالب الهندسة المنتحر من برج القاهرة
واختتم: “راعوا الناس ال حواليكم اسألوا عليهم قبل ما الوقت يفوت وتقول يا ريت اللي جرى ما كان لأن الندم صعب جدًا وفوق طاقة أي بشر، مكنتش متصور إن دي تبقى آخر رسايل بيني وبينه.. الله يرحمك يا حبيبي، سامحني”.