الزيارة الخامسة لحسم الملفات الـ5.. السيسى فى السودان قبل موعده الرسمي (تحليل)
بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسى اليوم الخميس، مستهل زيارته الخامسة للسودان خلال حكمه، والأولى فى ولايته الثانية، وقطعا الرقمين “الخامسة” و”الأولى” لهمها دلالتهما السياسية والفنية للنظامين.
هذه الزيارة تثير تساؤل لدي الرأى العام الذى بدوره يعد مدخلاً لمناقشة أجندة الزيارة، أولى هذه التساؤلات، تتعلق بتوقيت الزيارة، التى تأتى بعد زيارة البشير للقاهرة الأشهر الماضية، وكان من المقرر أن يزور السيسي الخرطوم في أكتوبر المقبل، لكنه عجلها بثلاثة أشهر، ربما من منطلق طرق الحديد وهو ساخن بما يعني الاستفادة من أجواء التقارب بين أطراف ملف مياه النيل الثلاثة، مؤخرا بعد فترة من عدم التوافق بين الأطراف الثلاثة حول أزمة سد النهضة وهو الملف الأول، خاصة مع طرح الجانب السوداني حلًا وسطًا بين التمسك الإثيوبي بملء خزان سد النهضة في 3 سنوات على الأكثر والرغبة المصرية في ملء الخزان خلال 9 سنوات حيث طرح السودان الملء في 5 سنوات، وهو حلًا توافقيًا وهو أفضل من ملئه في فترة عام واحد وهو ما كانت أثيوبيا ترغب فيه، وأن تغير الموقف يعتبر خطوة للأمام نحو إنجاح المفاوضات.
الزيارة التى تأتى وسط أجواء ايجابية غير مسبوقة فى علاقات البلدين، دفعت الرئيس السيسي للتأكيد في تدوينة له على صفحتة الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، على أن “سعادتي بالغة بزيارتي للسودان الشقيق.. الروابط بين مصر والسودان خالدة كمجرى النيل شريان الحياة والأخوة بين البلدين”، بعد أن تم استقبال الرئيس السودانى فى القاهرة مايو الماضى بالورود.
ويؤكد الرئيس السيسي، دوما على حرص القاهرة على عدم صدور “أي لفظ مسيء” تجاه السودان أو أي دولة أخرى، وقال السيسي: “أرجو كمصريين أن نحافظ على حرصنا على عدم صدور أي لفظ مسيء للسودان أو لأي دولة أخرى”، مضيفا: “لن نحارب أشقاءنا في السودان”، وتابع: “أؤكد لأشقائنا في السودان وأثيوبيا نحن لا نتآمر على أي دولة، لا نناور ولا نقول تصريحات عكس توجهاتنا”، مما ساعد فى حالة من التهدئة بين القاهرة والخرطوم فى الملف الثاني الخلافى، وهى أزمة مثلث حلايب وشلاتين، التي تطالب بهما السودان، وتظهر من وقت للتانى ورقة التحكيم الدولى أو المفاوضات.
أما الملف الثالث فشهد وقف الاتهامات المتبادلة بدعم مصر للمتمردين بالسودان، وإيواء الخرطوم لأعضاء بجماعة الإخوان المسلمين، وما صحب تلك الأزمات من تلاسن سياسي وإعلامي، حيث رفضت مصر، منذ أيام، دخول رئيس حزب الأمة السوداني المعارض، الصادق المهدي، أراضيها بعد عودته من ألمانيا، بعد أن سلمت عددا من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المقيمين بالخرطوم، أبرزهم المتهمين فى خلايا إرهابية وتشكيل عمليات نوعية استهدفت قيادات أمنية ومؤسسات الدولة، لدرجة إن أحد المطلوبين الخطيرين أمنياً عاد فى طائرة سيادية مصرية خاصة من السودان، بعد تنسيق بين أجهزة الأمن هنا حيث ألقى القبض على أحد منفذى العملية بمصر وبمناقشته من قبل جهاز الأمن الوطني بوزارة الداخلية أرشد تفصيلياً عن العقل المدبر والمُخطط للعملية وعنوانه بالكامل فى السودان وتم إبلاغ جهاز المخابرات العامة لتولى الأمر التى بدورها نقلت الملف لنظيره السودانى، الذى أبدي استجابة ومرونة وموافقة لم تحدث منذ أكثر من ربع قرن، بل وترحيله على عجل فى الطائرة المصرية.
واقتصادياً تعنى الزيارة باجتماعات اللجنة الرباعية المشكلة من وزيري الخارجية ومديري المخابرات في البلدين بالتكليفات الصادرة إليهم وغيرها من آليات التعاون المشترك، وصولا إلى اجتماعات لجنة التعاون العليا برئاسة الرئيسين والتي ستستضيفها الخرطوم أيضا في أكتوبر القادم، حاضرة أيضاً بقوة على الأجندة بين الطرفين، مع أوجه التعاون الاقتصادي بين البلدين بعد افتتاح معابر (أرقين) و(أشكيت) و(قسطل).
وخامساً أخيراً، الجولة تستهدف أيضاً تأمين الخرطوم كامتداد استراتيجي مصرى أصيل، والتأكيد والسعي لإبعاد السودان عن المطامع الإقليمة والنفوذ الدولى المختلف سواء بتنحيتها عن محور قطر، بعدما حدث تقارب بينهما، وإبعادها عن النفوذ التركي خاصة فى ظل التواجد التركي في جزيرة سواكن السودانية باتفاقية موقعة في ديسمبر 2017، أو مشروع القواعد الروسية التي طلبتها الخرطوم من موسكو في نوفمبر 2017، إلى جانب ملف أمن البحر الأحمر، خاصة بعد تحركات الإمارات، ومحاولاتها السيطرة على موانئ هامة في جيبوتي.