الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

قصة “أم الهنا” عمّة مبارك التي ربته بدلا من والدته.. وكيف “رد الجميل” لابنتها

القاهرة 24
أخبار
السبت 29/فبراير/2020 - 06:05 م

كانت الزيارة الأخيرة لمبارك إلى مسقط رأسه؛ للعزاء في نجل عمه، بكفر المصيلحة، منشأ الرئيس الراحل ومسقط رأسه، هنا في كفر المصيلحة حكايات وذكريات ربما لا يعرف كواليسها كثيرون، هنا عاش وتربي في أحضانها، وأحضان أهل قرية ضمت مبارك طفلا وشابا فقيرا بائسا متطلعا، ظلت تلك الحكايات حبيسة أدراج الزمن، ربما بسبب منصبه الحساس، وربما سقط كثير منها سهوًا من سجل الزمان، حتما تلك القصص والحكايات ربما تجد منفذا وطريقا إلى النور بعد وفاته، كونها ظلت أسيرة الكتمان لعقود، وبالتأكيد محاطة بالكم الأكبر من الشغف وحب المعرفة التي تحيط بسياج الشخصيات العامة، لا سيما أن صاحبها ظل على كرسي الحكم بالمحروسة لما يناهز 3 عقود.

“القاهرة 24” قطعت هذه الرحلة مدفوعة بنهم القارئ لمعرفة أسبار وأغوار أدق تفاصيل الرئيس الراحل، ودخلت إلى قلب القرية التي شهدت مسقط رأس مبارك، وعاش بها 17 عامًا كاملة، لتفاجأ بكلمة واحدة تلوكها ألسنة السواد الأعظم من سكانها… “مبارك نسينا فنسنياه”.

لم تختلف آراء أقارب الرئيس المخلوع في مسقط رأسه بكفر المصيلحة التابعة لمركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية حول مبارك قبل تخليه عن السلطة عما بعد 2011، حيث اتفق الجميع على رأي واحد هو أنه نسيهم منذ أن دخل الكلية الجوية فنسوه، إلا أن بعض أقاربه ما زالوا يتذكرون صفات الشاب محمد حسني مبارك، الذي عاش في كفر المصيلحة طفولته والسنوات الأولى من شبابه بين أهالي الكفر، حتى دخل الكلية الجوية، ليبتعد منذ ذلك التاريخ عن أقاربه وأهله تدريجيا وما عاد يذكرهم منذ أن تولى منصب نائب رئيس الجمهورية عام 1975.

“القاهرة 24” عاشت يوما كاملا مع أقارب الرئيس السابق في مسقط رأسه، وقلبت معهم شريط ذكرياتهم مع ابن قريتهم الذي شهدوه رئيسا وعاشوا حتى شاهدوه مخلوعا مطاردا بالاتهامات واللعنات.

ولد الرئيس السابق محمد حسني السيد السيد مبارك في 4 مايو عام 1928 لأب كان يعمل رئيس قلم محضرين بمحاكم شبين الكوم ثم محكمة طنطا وأم ربة منزل تدعى نعيمة إبراهيم، والرئيس الأسبق هو أكبر إخوته وله أربعة أشقاء وهم: سامي حاصل على دكتوراه من جامعة ألمانية عاش حتي عام 1984 بألمانيا وتزوج هناك وأنجب سامر وأحمد وتوفي منذ أربع سنوات، وفوزي وكان في كلية الطب بجامعة المنوفية، ولم يكمل تعليمه والسبب حسب ما تردد أنه ارتبط عاطفيا بفتاة في الكلية ثم تركته فانتابته حالة نفسية أدخل على أثرها مستشفي العباسية فترة طويلة إلى أن توفاه الله، أما الشقيق الثالث لمبارك فهو عصام وهو محاسب وصاحب شركة استيراد وتصدير بمدينة نصر، وهو الشقيق الوحيد لمبارك الذي ما زال على قيد الحياة، الشقيقة الوحيدة لمبارك «سامية» كانت متزوجة من السيد عزب، الذي كان يعمل في الميكنة الزراعية بوزارة الزراعة وتوفاها الله دون أن تنجب، وحسب أقارب مبارك في كفر المصيلحة فإن مبارك عاش صغيرا في أربعة منازل حتى التحاقه بالكلية الجوية.

حكاية المنازل التي عاش فيها مبارك َوالمنزل الذي باعه والده لجزار القرية

المنزل الذي ولد به بمنطقة دار موسى وهو عبارة عن منزل بسيط من دور واحد، وكان ملكا لوالده السيد السيد أحمد مبارك وكانت تعيش فيه عمته أم الهنا وشقيقه الأصغر إبراهيم الذي توفي وهو شاب صغير.

كانت أم الهنا تحب ابن أخيها الصغير حبا كبيرًا لدرجة أن أقاربه كانوا يصفونها بأنها أمه الحقيقية.

أم الهنا أنجبت ثلاثة أولاد وهم: عزة ومكرمة وفرماوي، وكان الرئيس السابق يحبهم أكثر من حب إخوته لدرجة أن الرئيس السابق كان دائم الإقامة مع عمته أم الهنا ولا ينشغل بوجود والدته نعيمة ووالده الذي كان دائم الإقامة خارج المنزل بسبب عمله المتنقل بين مختلف البلدان والمدن. أقارب مبارك يدللون على ذلك بأن مبارك أمر بإعطاء عزة ابنة أم الهنا شقة فاخرة خلف استاد شبين الكوم الرياضي، بعد أن أصبح رئيسا تكريما لوالدتها.

ويشير أقارب الرئيس الأسبق إلى أن والده السيد السيد أحمد مبارك تنحدر أصوله من البحيرة، وأنه استقر في كفر المصيلحة بسبب عمله المتنقل بين المحاكم، ثم جاء بعض أبناء عمه إلى الكفر وأقاموا به ليكونوا عائلة صغيرة في بدايات عشرينيات القرن الماضي، وهم أولاد عبدالعزيز منصور مبارك، وأبناء الدمرداش مبارك، والذي أنجب اللواء طيار صلاح مبارك وأبناء عبدالفتاح موسي مبارك وكذلك أبناء الدكتور سعيد مبارك، الذي حضر الرئيس السابق جنازته في عام 1974، عندما كان قائدا للقوات الجوية في آخر زيارة لمبارك لقريته.

ثاني المنازل التي أقام بها مبارك -كما يؤكد أقاربه- كان منزلا في شارع عبد العزيز باشا فهمي بالقرية، وهو منزل بسيط من دور واحد وعبد العزيز فهمي كان وزيرا للحقانية في وزارة سعد زغلول وعائلته من بعده، والذين ينسب لهم القضاء على البطالة في الكفر، حتى أن أهالي القرية يتندرون بأنه قام بـ”توظيف الحمار” وترجع قصة الحمار الذي قام بتوظيفه عبدالعزيز باشا فهمي وصرف له مرتبا عندما أصيبت قدم الحمار في حادث قطار، فأمر الباشا بصرف راتب شهري للحمار لشراء البرسيم له مقابل توصيل الحمار لبريد أهل الكفر، وعودة إلى الشارع الأشهر الذي يمتد لأكثر من 400 متر تقريبا، نجده يتوسط الكفر وبه منزلان أحدهما عاش فيه مبارك خمس سنوات بعد أن اشتراه والده، ويقابله منزل آخر أكثر رقيا منه وبه حديقة صغيرة وهو المنزل الذي تمتلكه والدته نعيمة إبراهيم وأشقائها أحمد حلمي ومصطفي ومحمد وفتحية وهذا هو المنزل الثالث الذي استقر فيه مبارك، منذ أن كان تلميذا بالمرحلة الابتدائية، حتى تخرجه في مدرسة المساعي المشكورة الثانوية بمدينة شبين الكوم، التي تبعد نحو ثلاثة كيلو مترات عن كفر المصيلحة وكان مبارك يمشيها سيراً على قدميه يومياً وقد انتقلت أسرة الرئيس السابق «والده ووالدته وإخوته» إلى منزل الأم بعد أن ترك أشقاؤها الأربعة المنزل وذهبوا إلى القاهرة للعمل والإقامة الدائمة بها. لذلك وجدت والدة مبارك «نعيمة إبراهيم» الفرصة سانحة لكي تعيش مع زوجها وأبنائها في هذا المنزل الذي يعتبر أرقى وأفضل من منزل زوجها المقابل، ليبيع والده منزله المقابل إلى جزار القرية عبدالحميد النويشي، الذي قام بهدم المنزل المتواضع لوالد الرئيس وأقام منزلاً جديداً من ثلاثة طوابق، لتختفي معالم ثاني منزل عاش فيه مبارك، بعد أن تم هدم المنزل الأول أيضاً، بدار موسي الذي ولد فيه مبارك وتركه والده لشقيقته أم الهنا لتعيش وتتزوج به، لتهدمه فيما بعد وتنشئ منزلاً من أربعة طوابق.

قصة منزل والدته الذي استأجره أحد أعيان القرية وكان يدفع الإيجار (ثلاثة جنيهات ونصف) للرئاسة

أما المنزل الذي كانت تمتلكه «نعيمة إبراهيم»، فقد عاش فيه مبارك مع أشقائه الأربعة إلى أن التحق بالكلية الجوية، وهذا المنزل على مساحة 600 متر ومكون من أربع غرف وصالة كبيرة ومطبخ وحمام وحديقة صغيرة، وبعد أن التحق مبارك بالكلية الجوية.. انتقل والده للعمل بإحدي المحاكم بالقليوبية واستأجر منزلاً بسيطاً بمدينة قويسنا التي تبعد 10 كيلو مترات عن كفر المصيلحة ليكون قريباً من محل عمله، ولذلك رأي خال الرئيس السابق أحمد حلمي إبراهيم أنه من الضروري أن يعرض منزل شقيقته (أم مبارك) للإيجار عام 1959 لشخص يدعي نصر بكير من أعيان الكفر وقتها وكان يعمل بوزارة الري، واستأجر المنزل بمبلغ ثلاثة جنيهات، وعاش فيه هو وأبناؤه الخمسة، حتي تركه لنجله محمود الذي يعيش فيه حتي الآن مع أسرته.

ويريد محمود أن يحافظ على معالم المنزل الذي عاش فيه مبارك لذا لم يغير أي شيء فيه حتي الآن، وعلل الفخامة التي يبدو عليها المنزل بأن جد مبارك من الأم كان يعمل موظفاً حكومياً وكانت حالته ميسورة بخلاف أبيه.

وعن طفولة «مبارك» يقول محمد نصر بكير: إنه سمع من والده أن مبارك كان شقياً جداً في شبابه وكان «دياراً» أي يتردد على جميع منازل القرية بلغة أهلها، وكان يحب أن يعرف أخبار أهل الكفر، وكان يتم وصفه بأنه «مش سهل»، مشيراً إلى أن ابن خال الرئيس السابق ويدعى اللواء فؤاد أحمد حلمي إبراهيم، عرض عليه منذ عام استرداد المنزل مقابل 300 ألف جنيه فقط، مؤكداً أنه رفض أن يترك المنزل مقابل هذا المبلغ الزهيد الذي لا يتناسب مع القيمة التاريخية للمنزل الذي عاش فيه الرئيس السابق.

وأوضح أنه يدفع الإيجار في المحكمة بعدما اختلف مع أقارب الرئيس حول شراء المنزل.

بكير وجميع أهالي الكفر وأقارب الرئيس يروون أن الذي ضيع «مبارك» في أواخر أيامه هو نجله جمال وزوجته سوزان.

«بكير» يقول إن مبارك كشخص «ممكن يكون كويس»، إلا أن نجله ولجنة السياسات وأحمد عز ضيعوا تاريخه.

كان مبارك يحب إعطاء دروس خصوصية لأبناء الكفر خاصة مادة الحساب والرياضيات، لأنه كان متفوقاً فيها، في مقابل عدد من دعوات الغداء عند أهالي التلاميذ الذين كانوا يتعاملون معه.

مدافن آل مبارك في كفر المصيلحة لا يوجد بها سوى والد مبارك، بينما تم دفن أمه «نعيمة» في مقابر الرئيس بمدينة نصر في أوائل الثمانينيات.

يؤكد أحد أقارب مبارك أن والده وهو زوج عمة الرئيس الأسبق كان له مطعم بجوار مدرسة المساعي المشكورة بمدينة شبين الكوم، وكان مبارك يتردد عليه يومياً ليأكل عنده، حتى أنه تشاجر مع أحد زملائه بالمدرسة ذات مرة وكسر زجاج شباك الفصل، فألزمه ناظر المدرسة بإصلاح الزجاج أو يتم رفده من المدرسة، فلجأ إلى زوج عمته ليأخذ منه 12 قرشاً ثمن الزجاج حتى لا يبلغ أباه.

أحد أقارب مبارك قال لنا إن مبارك باع أبواه وأشقاءه الأربعة بعد أن أصبح ضابطاً وأنه لم يحضر جنازة شقيقه سامي الذي توفي منذ أربعة عشرة عاما، ولذلك فليس من الغريب على حد قوله أن يبيع شعبه بعد أن أصبح رئيساً، مشيراً إلى أن الرئيس الأسبق كانت لديه عقدة من عبد العزيز باشا فهمي ومن نجله محمد وأحفاده بسبب ثراء هذه العائلة، والفقر الذي عاشه الرئيس السابق في شبابه، ورغم أن عبدالعزيز فهمي توسط لقبول مبارك بالكلية الجوية، فإنه ظل يكره هذه العائلة طيلة حياته.

أهالي كفر المصيلحة يعتبرون أن “الريس بتاعهم هو عبد العزيز باشا فهمي” ويطلقون على الكفر اسم “كفر باريس” نظراً للمباني الشاهقة ونسبة التعليم المرتفعة به، ولنظافة شوارعه، وتوافر جميع الخدمات من أسواق متميزة ومحلات أنيقة ما جعل الكفر في نظر أهله قطعة من باريس.

ويرفض أهالي كفر باريس نسبة الفضل في هذا لمبارك، مؤكدين أن عبد العزيز فهمي وعائلته من بعده هم أصحاب الفضل في ذلك وحدهم.

تابع مواقعنا