وراء كل محنة منحة.. قصص 5 محاربات مصريات في اليوم العالمي للمرأة
على جانب من مسرح الحياة تقف بطلات من نوع خاص، رسمن لأنفسهن سيناريوات خاصة وصدقنها فحققنها، من ضمن الآلاف تقف حواء كعادتها المعطاءة تحارب وتتحمل وتصبر، والأجمل من كل ذلك تبتسم، فقد قررن أن يعشن في الحياة كناجيات لا كضحايا، واثبتوا تثبت أن في المنع عطاء، ومن بطن المحن تولد المنح.
قصص لـ5 محاربات من عظيمات مصر، الذبن نحتوا في الصخر، وحاربوا المرض والظروف ليتوجوا بالنجاح في مجالات محتلفة، بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة، متغلبين على بعض المعوقات التي قد تعيق البعض من تحقيق أحلامهم وآملاهم.
لوحاتي بيدي المصابة.. يسرا أشرف تتغلب على الشلل الدماغي بالرسم
لم يغيب عن ذهن يسرا أشرف، صاحبة الـ21 عامًا، ولو للحظة حلمها الذي يراودها منذ نعومة أظافرها، إلا أن مرضها كان يهدد طموحاتها كما تقول، “كنت دايما بقول إزاي هوصل لحلمي ده وأنا تعبانة، وتعبي مأثر علي ايدي اللي هرسم بيها”.
وبمرور الأيام، كان الحلم يراود الفتاة إلا أنها كانت تقف دون حيلة، يدها لا تقوى على مطاوعة أحلامها وطموحاتها، حتى أخذت قرار بالتغلب على المرض، كما تؤكد: “قلت لأ هرسم يعني هرسم، وفعلا رسمت وكانت اول رسمه ليا وكنت فخورة بيها وفرحانة”، لاسيما وأن الرسمة كانت بيدها المصابة.
بدأ الأمل يعود للفتاة مرة أخرى بعد اليأس الذي كان يمنعها من الرسم، وبدأت في تدريب نفسها حتى أصبحت “رسامة”، ووصلت إلى الرسم “الجلاكسي” وأصبحت تعبر عن نفسها ومشاعرها به، وأصبح مصدر إلهامها الذي تكسر به كل لحظات اليأس التي تنتابها.
بعد قرابة 10 سنوات من الشغف، قبلت رسومات يسرا في العديد من المعارض الشهيرة بمصر والدول العربية، “مثل دافنشي، ومعرض صحبة دمياط، معرض المنارة بالأدرن، ملتقى المنارة بالأردن، معرض أرتو، رؤسة العربية، بنت الورد، وآرت فيجن”، وما زلت الفتاة تطمح في الوصول لأهم مسابقات الرسم حيث تختتم، “هفتل ورا حلمي ومش هيأس مهما حصل”.
سهيلة بطلة رياضة الكارتية من متلازمة داون: “حلمي أكون بطلة عالم”
“دايمًا خلي حلمك وهدفك قدامك، وملكش دعوة بالناس، أنا حلمي أكون بطلة عالم”، هكذا نسجت سهيلة خميس، 21 عامًا، في الحياة، لنفسها خيوط حلم يظنه البعض للوهلة الأولى مستحيل نظرًا إصابتها بمتلازمة داون، لكنها حسمت أمرها وفي قرارة نفسها صممت على أن تجعل كلام الناس الصخرة التي يتحطم عليها يأسها، والذي بالفعل كان كلام قاسيًا، لكنه بات دافعًا لنجاح سهيلة “عمر الإعاقة ما كانت عقبة، وأنا أحلامي كتير”.
تعرضت سهيلة لمواقف عديدة كانت قاسية عليها، فاحتراف رياضة الكاراتيه وألعاب القوى داخل فرقة فنون لمتحدي الإعاقة للفنون الشعبية منذ 2010، أمر صعب على فتاة قًدر لها المبارزة بشراسة في اختبارات حياتها، وما كان لها غير النصر حليفًا.
حصلت على جوائز عديدة في الكاراتيه، فقد حصدت المركز الثاني في بطولة الجمهورية عام 2011، وبطولة الأصدقاء الدولية 2016 مركز أول تحت سن 18 عامًا، ودرع التفوق في الكاراتيه، وبطولة الجمهورية حتى عام 2017 مركز أول تحت سن 18، ومركز ثان إسكندرية، كما حصلت على مركز ثالث جمهورية فوق سن 18 عامًا، ومركز 4 فوق سن 18 لعام 2019.
لم يقتصر تفوق سهيلة على البطولات الرياضية فقط، بل إن للتفوق العلمي نصيب من حياتها ووقتها، التحقت سهيلة بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وهي حاليًا بالفرقة الأولى بها، في ألعاب القوى حققت سهيلة نجاحات فيها هي الأخرى، فكانت مركز أول لعام 2018 على مستوى المحافظة، ومركز 4 في رياضة الجري على مستوى الجمهورية، بل وما قد يزيل الدهشة حصولها أيضًا على أفضل راقصة في مهرجان الأقصر الدولي للفنون الشعبية 2016.
بطلة مصر في رفع الأثقال للأقزام: “التنرم سبب إصراري على النجاح”
لم تلتفت إيناس قدري الجبالي، صاحبة الـ24 عام، إلى التنمر الذي كانت تتعرض له منذ صغرة، بسبب قصر قامتها، فكانت تتسلح بجملة والدها لها “إحنا اللي هنخلي الناس تفخر بينا أو تسخر مننا”، لذا آمنت بحلمها واسطتاعت أن تكون، فأصبحت بطلة مصر في رفع الأثقال.
مواهب متعددة منحت للفتاة العشرينية، فليست بطلة الجمهورية في رفع الأثقال وألعاب القوى فقط، بل هي ممثلة مصر في مسابقة الحلم المصري لعام 2019، فضلًا عن كونها الحاصلة على المركز الـ4 في مسابقة ملكة جمال الأقزام على مستوى العالم.
بعد حصول ابن قريه الإسماعلية التابعة لمركز كفر سعد بمحافظة دمياط،على شهادة من المعهد الفني التجاري بدمياط، قررت أن تتخصص في ممارسة رفع الأثقال وألعاب القوى، ولعل ما دفعها لذلك حلمها في أن تصبح “أول لاعبة رفع أثقال من الأقزام بكفر سعد”.
في اليوم العالمي للمرأة توجه الفتاة رسالة لفتايات مصر، “مفيش حاجة اسمها مستحيل، إحنا نقدر نكمل ولازم نكمل ونكون زي الأبطال اللي موجودين قدامنا”، متابعةً: “لازم نسعي ويكون عندنا عزيمة وإصرار ونتحدي نفسنا”.
بعد بتر قدمها علياء تهزم الخبيث: “هكمل طول ما ربنا في ضهري”
طالما كانت الأزمات تكشف عن طينة البشر، حتما سيكون هناك من تنحي له احتراما وتبجيلا، البعض اختار أن يتعامل مع الأزمات كابتلاء وأجادوا الترحاب به، يحدث أن تقف الحياة عند محطات صعبة تود لو أن قطار عمرك تخطاها ولم يقف عندها، لكن هناك اختار قدره، لا من اختاره قدره.
المحطة الأولى من حياة علياء حامد كانت إصابتها بمرض السرطان، والمحطة الثانية كانت فقدانها ساقها اليمنى جراء عملية جراحية انتهت بالبتر، أما المحطة الثالثة فهي تركيب طرف صناعي، والمحطة الرابعة هو الرفض من التحاقها بجامعة عين شمس عدم قبول ذوي الإعاقة الحركية بقسم الجغرافيا كلية الآداب.
كان من الأيسر على ابنة الـ21 عامًا أن تستسلم لما آل له قدرها، لكنها أثرت أن تختاره لا يختارها، تعافت منذ 10 سنوات من العلاج الطبيعي منذ أن كانت طفلة صغيرة، وأصرت على ممارسة رياضة التايكوندو منذ 8 أشهر وحصلت فيه على بطولتين كمركز أول في مسابقة درع القاهرة المفتوح، وأصرت على تكميل تعليمها فالتحقت بكلية الآداب جامعة الحلوان لتدرس في قسم الجغرافيا فيه.
قالوا قديمًا أن فاقد الشيء لا يعطيه، فجاءت مثل هذه النماذج في حياتنا لتثبت أن فاقد الشيء هو أكثر من يعيطه؛ ربما لأنه الأعلم بمرار حرمانه، بطاقة نفسية كبيرة أكملت علياء حياتها، لم تمنعها أو توقفها أزماتها عن حب الخير والغير، فقد كان للمجال التطوعي جانبًا من حياة علياء التي تطوعت في رسالة نشاط قوافل خارجي، وأصبحت متطوع مسئول فيه، مقدمة رسالة “هكمل وهثبت نفسي أكتر عشان ربنا في ضهري و بابا وماما وإخواتي”.
قصة تفوق أسماء السعيد على مرض العظم الزجاجي: “شغالة في بنك وبساعد غير القادرين”
“ورا كل محنة منحة”، جملة رسخت في ذهن أسماء السيعد، صاحبة الـ26 عامًا، والتي لم ممنعها مرضها “عضم زجاجي”، من ممارسة حياتها الطبيعية، فتغلبت على الصعوبات، وكسرت اليأس ووصلت لحلمها، وأصبحت عونًا لغير القادرين.
في البداية واجهت أسماء صعوبة في أن تعيش كغيرها من الفيتات، حيث تشير إلى المدارس كانت لا تقبلها بسبب مرضها، إلا أن إيمان الفتاة بنفسها وإصرارها على الحلم، منحها الصبر والعزيمة فتقدمت للدارسة والتحقت بالمدرسة، حتى التحقت بكلية آداب قسم الفلسفة، وانهت مرحلة الدراسات العليا كغيرها من الفتيات اللاتي يمارسن حياتهن بطبيعة مطلقة دون تحجيم من مرض أو غيره، مؤمنة بـ”مفيش حاجة اسمها مستحيل، نقدر نعيش ونشتغل وننجح”.
بعد الانتهاء من الدرسات العليا، عملت أسماء منسقة مشروع “كرسي بالمقاس” لمساعدة ذوي الهمم، في مؤسسة تنموية بألمانيا، والآن تعمل الفتاة العشرينية بأحد البنوك المصرية، فضلًا عن أنها مسئولة مشروع “فرحة” لمساعدة غير القادرين على الإنجاب من مستخدمي الكراسي المتحركة، بالحقن المجهري، حيث توجه لمعاني مرض العضم الزجاجي رسالة بقولها: “إنت تقدر مفيش مستحيل”.