غضب على البابا.. والرجل الحديدي يتصدر المشهد رغم موته (تقرير)
نعى البابا تواضروس الثاني ببالغ الحزن الأنبا بيشوي، مطران دمياط وكفر الشيخ ورئيس دير القديسة دميانة ببراري بلقاس، الذي توفي مساء الثلاثاء الماضي، إثر تعرضه لأزمة قلبية عقب عودته من أرمينيا ممثلًا عن الكنيسة الأرثوذوكسية المصرية في أحد اللقاءات المسكونية.
وقال البابا :”نودع اليوم الشخص المبارك الأنبا بيشوى الذى كان ممثلًا عن كنيستنا القبطية في كثير من مؤتمرات اللاهوت بالخارج، فهو كان أحد أعمدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وباحثًا جليلًا في العقيدة واللاهوت، وكان دائمًا يبحث عن الفضائل والجواهر بالكتاب المقدس”.
وتابع البابا :” إن الأنبا بيشوى كان خادمًا معمرًا في خدمته بالكنيسة، حيث عمر الكثير من الكنائس بإيبارشيته بجانب ديره، لم يقتصر دوره على تعمير الكنائس خارج مصر مثل مساهمته ببناء كنائس في إثيوبيا ودول أخرى تلك المسيرة التي تعلمها من البابا شنودة الثالث، لولا زيارتي الرعوية بأمريكا التي أعددنا لها منذ أكثر من عام، كنت بالتأكيد أحضر صلوات الجنازة، ولكنى متواجد معكم بالروح”.
لنبدأ حيث إختتم البابا كلمته المُسجلة التي نعي فيها الأنبا بيشوي خلال صلاة تجنيزه في دير القديسة دميانة ببراري بلقاس ظهر الأمس.
https://www.youtube.com/watch?v=oiPz0hllkUU
العديد من الأقباط إنتابهم الشعور بالغضب تجاه عدم قطع البابا لزيارته الرعوية بالولايات المتحدة الامريكية والعودة الى القاهرة ليترأس صلاة تجنيز الأنبا بيشوي، الذي وصفه البابا بإنه أحد أعمدة الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية.
حركة “شباب كريستيان للأقباط الأرثوذوكس” أصدرت بيانًا وصفت فيه عدم حضور البابا لتجنيز المطران الأنبا بيشوي بوصمة عار في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية و في حق مطران علامة بقيمة و قامة الأنبا بيشوى، على حد تعبيرها.
وقالت الحركة في بيانها الموجه للبابا تواضروس :” لنا عتاب الأبناء على أبيهم وهو عدم قطع رحلتكم بالولايات المتحدة الأمريكية لحضور الصلاة على جثمان مثلث الرحمات نيافة الأنبا بيشوى”.
وتابعت الحركة :”عفوًا قداسة البابا تواضروس الثاني، أنت تعلم أن التقليد الكنسي الأرثوذكسي يفرض عليك الحضور وقطع الرحلة وهذا ما قام به مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث مع نيافة الأنبا أثناسيوس، مطران بنى سويف والبهنسا عندما تنيح، وكان في رحلة رعوية بفرنسا وعلى الفور توجه الى القاهرة ومنها الى مطرانية بني سويف للصلاة على مطرانها”.
وأستكملت :”عفوًا قداسة البابا تواضروس الثاني، رئيس أكبر كنيسة في الشرق الأوسط، عدم حضور قداستكم هو وصمة عار في تاريخ كنيستنا الأرثوذكسية و في حق عمود الكنيسة الأرثوذكسية نيافة الأنبا بيشوي، مطران دمياط و البراري ورئيس دير القديسة دميانة و العالم اللاهوتي”.
بيان الحركة سبقه وابل من من الإعتراضات والهجوم على قداسة البابا لعدم قطع زيارته للولايات المتحدة والعودة للصلاة على الرجل الحديدي “الأنبا بيشوي”.
البابا في وقتٍ سابقٍ قطع زياراته الرعوية مرتين، الأولى في ديسمبر 2016 عقب تفجير الكنيسة البطرسية الذي راح ضحيته 25 شخصًا وأصيب العشرات، وكان البابا آنذاك في اليونان ضمن جولاته الرعوية بالخارج.
والثانية حينما قطع البابا تواضروس زيارته لألمانيا في أكتوبر من العام الماضي عقب عملية الواحات الإرهابية الذي راح ضحيته 16 شخصًا والعديد من المصابين، وكان من المُفترض أن يزور البابا جنوب المانيا ويقوم بتدشين بعض الكنائس بالإضافة الى قيامه ببعض الأنشطة الرعوية.
الهجوم لم يكن فقط إعتراضًا على عدم حضور البابا لمصر لحضور تجنيز الأنبا بيشوي، وقطع زيارته الرعوية مثلما فعلها مرتين في السابق، بل وصل الأمر الى حد إتهام البابا بأنه كان على صدام مع الأنبا بيشوي.
مطران دمياط وكفر الشيخ والبراري، كان سكرتيرًا للمجمع المقدس منذ عام 1985 في عهد البابا شنودة ولم يفارقه هذا المنصب حتى تنيح سلف البابا تواضروس في مارس 2012، وعقب إعلان إعتلاء تواضروس الثاني لكرسي مارمرقس الرسول كبابا للكنيسة الأرثوذوكسية وبطريرك للكنيسة الأثوذوكسية، تبدلت الأحوال تمامًا، إذ شهدت الكنيسة تغييرات كبرى وفارق العديد من الأساقفة مناصبهم ومراكزهم وتولى آخرين مكانهم.
في نوفمبر 2012 تم الإعلان عن قرارات المجمع المقدس للكنيسة الأرثوذوكسية، فإذ بالرجل الحديد يفارق منصبه كسكرتير عام للمجمع المقدس ويحل بدلًا منه الأنبا رافائيل أسقف كنائس وسط القاهرة، ليفارق الأنبا بيشوي منصبه الذي ظل فيه لأكثر من 27 عامًا.
الرجل الحديدي الذي كان يمثل قوة كبيرة داخل المجمع المقدس، وأقام الكثير من المحاكمات الكنيسة لبعض آباء ومعلمي الأرثوذوكسية، تم مواجهة قوته تلك في عهد البابا تواضروس، الذي لم يسمح بتكرار تلك المحاكمات أو السماح للأنبا بيشوي بالتصرف بقوة في هذا الملف.
في إجتماع المجمع المقدس الذي عقد في يونيو 2013، نشبت خلافات عدة بين الأنبا بيشوي وبعض أساقفة المجمع لتمسك الأول بضرورة محاكمة بعض الأساقفة والبحث في أمرهم ولكن تصدى له الأنبا بفنتيوس، أسقف سمالوط، الذي جمعته خلافات عديدة مع الأنبا بيشوي خلال عهد البابا شنودة الثالث، وخرجت جميع قرارات المجمع المقدس بأغلبية التصويت عليها حتى وإن كانت على غير رغبة الأنبا بيشوي.
كل تلك المشاهد تجمعت في أذهان العديد من الأقباط والمتابعين عن كثب للشأن الكنسي، فالبعض كان يرى وجود خلافات بين البابا والأنبا بيشوي تتمثل في إختلاف طريقة إدارة الكنيسة من البابا تواضروس عن سلفه البابا شنودة الذي كان يُحب الأنبا بيشوي كثيرًا بل ويعتبر البعض أن المطران المتنيح كان صندوق أسرار البابا شنودة.
والبابا تواضروس الثاني من خلال كلمته في جنازة توديع الأنبا بيشوي، شدد على إن الكنيسة فقدت عالمًا كبيرًا وأحد أهم رجل الكنيسة الأرثوذوكسية، في هجمة إستباقية على سيل الهجمات الذي تعرض له عقب تشييع جثمان مثلث الرحمات الأنبا بيشوي.