الجمعة 22 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

“كانت هتفرق في الوداع”.. روايات الذين لم يتمكنوا من فراق أحبابهم بسبب كورونا (خاص)

القاهرة 24
أخبار
الأحد 29/مارس/2020 - 06:41 م

كثر هي الكلمات التي تظل حبيسة القلوب ولم تنطق بها الأفواه، كثر هي المشاعر التي لا تبارح مكانها لتسكن أفئدة من نحبهم، وكثر هي لحظات الندم على كلمات ومشاعر لم نمنحها لأشخاص فارقوا الحياة دون سابق إنذار.

لا أحد منا يعلم موعد الرحلة الأخيرة في عمر أحبائه قبل سفرهم الأبدي بموت يغيبهم عن عالمنا، وإن كنا نعلم ذلك الموعد “مية مية كانت هتفرق في الوداع”.

عشرون ألف شخصً راحوا ضحية فيروس كورونا المستجد في شتى بقاع العالم، من بينهم 36 شخصا في مصر، حسب إحصائيات وزارة الصحة والسكان، تاركين خلفهم أحبة أوجعهم الفراق وأدمت قلوبهم لحظات الوداع المفاجئة.

تقول إسراء النمر في ديوانها “لم أعد قادرة على غسل وجهي، لأنني كلما مررت بأصابعي عليه، ارتعش، وأتذكر ناس هذا الوجه الذين غادروه”، أشعر كأني جزء من السبب أول ما قالت زوجة المتوفي في محافظة الدقهلية لتروي مأساة عدم مقدرتها لقائه في اللحظات الأخيرة، لم يكن يحكي عن التعب رغم أنه كان ظاهرًا عليه، كل ما كان يقوله هو أنه بخير رغم أنه لم يكن كذلك، وبعد نحو أكثر من أسبوع كان لزامًا عليه الرحيل للمستشفى ليكتشف أنه مصاب بفيروس كورونا المستجد وعليه تم نقله للعزل في الإسماعيلية.

تضيف، أسبوع واحد قضاه في مستشفى العزل في الإسماعيلية لم يكن كافيا لأن نقضي أياما أكثر بعد سنوات كان نتاجها 4 أبناء، ربما من حبهم له أصبحوا مرضى بنفس ما أصابه، لكنهم في النهاية لم يتمكنوا أن يقولوا له وداعًا، الزوج الذي ناهز عمره الـ50 توفى دون أن يخبرنا محل إقامته في العالم الآخر، الجنازة التي يحق للجميع أن توصلهم لمعرفة المكان للحبيب في العالم الجديد لم نتمكن من حضورها، ولم نتمكن جميعا من أن يكون بيننا “حضن أخير”.

أطفال وصبية، أفراح وأتراح، زوجة وأشقاء، كل ما نعرفه عن تعريف “الحياة” كان ينعم به المتوفى بكورونا في سمالوط محافظة المنيا، يقول شقيقه لـ”القاهرة 24″ إن أصعب ما يمكن أن يتعرض له الإنسان أن لا يسير في جنازة شقيقه، يحمله على كتفه ويحتضنه حتى يوارى عليه الثرى، أصعب ما في الفراق بهذه الطريقة أنك لا تمارس عاداتك الطبيعية مع الوفاة فتغسل وتكفن وتقف على رأس الميت لتمنح لنفسك وليس له أوقاتا تساعدك على أن تصبح متوازنا في الفترات غير معروفة المدى للقياه مجددًا.

ويروي عن المتوفى أنه كان طيبا مثل كل الأرواح التي يمكن أن تسمع إنها جميلة وطيبة، لكن حتى ما ينقذنا وهو الحب فقدناه عندما تركنا بهذه الطريقة، يدفن بلا حضور ويبقى الاهتمام من الجميع بنفسه أولا مصاب أم لا، ماذا لو كان مصابًا، هل يتعرض أولاده لنفس المأساة؟، لكن ناس هذا الوجه الذين غادروه، لن يفكر فيهم أحد، وربما هو ما يفسر العذاب المستمر بعدهم لم يعد متمثلا في الفراق فقط، وإنما في تحمل ذنب عدم القدرة على نسيان المغادرين.

‏”النهارده كنت كويس قدام الناس .. بس ما كنتش أنا، ومش عارف إمتى هاكون كويس وأنا!”، فؤاد حداد،  يصف حال نجل أحد المتوفين في منطقة حلوان بالقاهرة، والذي يقول: الناس يصعب عليها أن يتوفى ذووهم، وعدم الرؤية مجددا ولو للجسد قد تكون قاتلة، لكن أن يكون قدرك أن لا تراهم للمرة الأخيرة حتى وهم متوفون أمر بالتأكيد لا يحتمل، شعور بأنك بنفسك تختار أن تكون إلى جانبهم في اللحظة التي ينتقلون فيها من عالم إلى عالم أصعب ما يكون.

ويضيف أن الذي ينقذنا هو الحب، الحب للأشخاص الذين عهدنا منهم نفس الفعل، أما عدم وجودنا في هذه اللحظات يشعرنا إننا لم نكن نحب منذ البداية، مات والدي بفيروس كورونا المستجد، رغبنا جميعا في وجودنا لكن لم يكن يتثنى ذلك، التواجد كان ممنوعا ثم انهمكنا في التأكد من عدم إصابة أحدنا بنفس المرض، في النهاية لم تكن الوصمة أبدا في المرض والوفاة به، وإنما شخصية في الأذهان وضعناها لأنفسنا بأننا لن نستطيع أن نروي لأحفادنا إننا لم نتمكن أن يكون بيننا وبين الأحب إلينا “حضن أخير”.

 

اقرأ أيضًا:

وإذا مرضت فهو يشفين.. متعافون يروون الرحلة من الإصابة بكورونا وحتى الشفاء (خاص)

مذكرات أم بمستشفى العزل.. إيمان طبيبة مصابة حرمها كورونا من الاحتفال مع أبنائها (خاص)

تابع مواقعنا