الإثنين 04 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

محمد فارس يكتب: مصر وجهود الحفاظ على الحياة والمستقبل

القاهرة 24
سياسة
الثلاثاء 12/مايو/2020 - 01:34 ص

في الواقع، يظل الحفاظ على الحياة هو الغاية الأسمى للإنسان، والضامن للمستقبل، وفي ظل التحديات الراهنة التي فرضها علينا فيروس كورونا المستجد وسبل مواجهته بعد أن تحول إلى وباء، أصبح الأمر أكثر صعوبة، بل وصل إلى كونه تحديا، تحدى البقاء والحياة.

خلال العقود الماضية شهد العالم الكثير من الكوارث بأشكالها المختلفة والمتعددة، ومنها من كان أشد خطورة من “كورونا”، وتلك الكوارث كان من بينها الحروب سواء بشكلها التقليدي أو الحديث، بالإضافة لصراعات بسط النفوذ السياسي أو الإقتصادي، وهو ما كلف البشرية أثمانا باهظة.

بالطبع لا أقصد التقليل من الخطر المحدق الذي يمثله انتشار الفيروس في العالم ومعه مصر، لأن كل ما يهدد الحياة هو أمر جلل، لذا كثرت الدعوات التي تطالب الدولة بفرض حظر كامل، وهي دعوات حسنة النوايا، لكن من يطلقها قد لا يكون على دراية كاملة بتبعات ما ينادي به والنتائج المرتبطة بذلك من الناحية الاقتصادية.

ومن واقع التاريخ فإن الأوبئة تحصد ما تحصده، ولكن لا يستمر زمنها القبيح كثيرا، هكذا علمتنا الخبرة البشرية، إلا أن الوباء عادة ما يخلف ورائه كوارث، تضرب رياحها في المقام الأول أعمدة اقتصاد البلدان التي يصيبها، ولكن تظل المعرفة لدى الحكومات هي من تعيد ترتيب أولويات الدول من أجل وقف نزيف الخسائر البشرية والمادية.

إن ما اتخذته مصر من إجراءات احترازية منذ بداية ظهور فيروس كورونا في مدينة ووهان الصينية، أكد بما لا يدعو مجال للشك أن القائمين على إدارة الدولة المصرية لديهم رؤية مستقبلية ثاقبة، ساهمت بشكل كبير في مجابهة دخول الفيروس إلينا، وهو ما دعم عدم تفشيه بالشكل الذي جعله يضرب كبرى الدول ممن لديهم نظام صحي متقدم.

وكي لا نصل إلى الاختيار بين السيئ والأسوأ من حيث النتائج والأثر، فلا بد من عودة الحياة العملية إلى ما كانت عليه من قبل، وعودة حركة الإنتاج من جديد، حتى لا تفجعنا الإحصائيات والأرقام المتعلقة بالاقتصاد، فالواقع يؤكد عدم وجود دولة في العالم لديها القدرة على التوقف الكلي لكافة أنشتطها الاقتصادية، لأن ذلك يهدد ما أحرزته من تقدم ويأكل ما قامت بجنيه من أرباح خلال السنوات الماضية، لتعود إلى مراحل قاسية.

وتوضح المؤشرات أن وباء “كورونا” سيكون له موجة ثانية في المستقبل القريب، بما يشير إلى عدم الاقتراب من القضاء عليه، وذلك بفعل الاضطراب في المعلومات الخاصة بالفيروس نظرا للأسباب المختلفة والتي تدخل فيها العديد من المعطيات المتباينة، فعلى سبيل المثال، يتمتع الفيروس نفسه بمستويات متغيرة من الخطورة، لأنه يمر بتحولات لم تتوقف بعد جراء إختلاف مناعة المصابين به، بالإضافة لطبيعة البيئة التي ينتشر وتؤثر في قوته.

ومن جهة أخرى تظل قدرة الدول على إمتلاك نظام صحي قوى وأجهزة الفحص الخاصة بالكشف عن الفيروس، تؤثر بشكل واضح في قياس تفشي الوباء والتصدى له، وبالتالي فان الاستنتاجات السريعة عادة ما ستكون مغايره للحقيقة، وهو ما يستوجب عدم وقف عجلة الإنتاج، لتتمكن الدول من تقوية منظومتها الصحية وتخصيص ميزانيات لمحاربة هذا الوباء.

سباق دولي محمود يشهده العالم من خلال الشركات العملاقة لإيجاد مصل لهذا الفيروس، وجميعها يصارع الزمن للحصول على مكتسبات السبق في العثور على الدواء الذي يقضي على هذا الكابوس الضاغط على صدر البشرية، وذلك لأسباب قد يختلف بعضها عن الأخر، فالسبب التجاري يداعب لعاب الشركات العاملة هي هذا المجال.

لا يستطيع أحد إنكار أن وباء كورونا غير العالم بالفعل، وسوف يستمر في إحداث تغيرات به بشكل أكبر وأعمق في المستقبل، وهو ما يفرض ترتيب أولويات العالم من جديد فيما يخص السياسة والإقتصاد والثقافة والعلاقات فيما بين الدول وغيرها من المجالات، لذلك ينحصر السباق في المستقبل وفق الأولويات الجديدة لعالم ما بعد كورونا.

إن هذه الأجواء المضطربة التي تسيطر على العالم ساهمت بشكل مباشر في تخبط الآراء وتصادم الرؤى، مما يجعل المستقبل الأفضل ينحاز للدول التي تستطيع عمل التوازن في التصدى لهذا الوباء مع دعم مسيرة التنمية واستمرار الأنشطة الاقتصادية والإنتاجية، وهو ما تقوم به الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي للخروج من هذه اللحظات المرتبكة من التاريخ، وذلك بسبب التقدير الأمثل للأمور ووضعها في قدرها الحقيقي.

تدرك القيادة السياسية والنخبة الحاكمة لمصر أن الأخطر من تفشي كورونا هو انتشار الفقر والمجاعات التي يخلفها طول أمد غلق المنشأت الاقتصادية، لذلك أتصور أن تقوم الحكومة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي بوضع شروط أكثر صرامة لإلزام المواطنين بالإجراءات الإحترازية حفاظا على حياتهم، وحفاظا على ما تحقق من إنجازات خلال السنوات الماضية.

سوف تنجح مصر في الوصول إلى المستهدف من المستقبل المشرق، لتعود الحياة مجددا في ربوع المحروسة، وسيكون التاريخ شاهدا على ذلك، فهو أصدق الشهود عندما يؤكد أن مصر دولة تمكنت من تجاوز كافة التحديات التي واجهتها من قبل، وإستطاعت تحقيق الفارق في مسيرة التنمية والحفاظ على الإنسان وإستكمال البناء.

تابع مواقعنا