طبول الحرب
كنتُ قد كتبتُ عدةَ سيناريوهات لما بعد جائحة كورونا، وقلت إنّ العالم حتمًا سيتغير، وإن الصين وروسيا وإنجلترا، كلٌ منها سيطالب بنصيب أكبر في إدارة العالم بعد كورونا، على حساب الولايات المتحده التي لن تقبل بسهولة، وسيكون هناك جلسة تفاوض، ولذلك ستلجأ كل دولة لتعزيز قدراتها العسكرية؛ حتى يمكنها تعزيز قدراتها التفاوضية، وقد نشر معهد بكين لوضع الاستراتيجيات بحثًا تحت عنوان: هل الصين بحاجة إلى توسيع قاعدتها النووية؟ وقال التقرير إن الولايات المتحدة عمدت في الماضي القريب إلى تصاعد وجودها العسكري باستمرار حول الصين، حيث دخلت سفنها الحربية بحر شيشا، كما دخلت القاذفات بشكل مكثف في مضيق تايوان، وأعلنت عن نشر صواريخ كروز أرضية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لمواجهة أي تهديد صاروخي من الصين. وفي ظل هذه الخلفية ظهرت أصوات صينية تدعو الصين إلى زيادة تعزيز قوتها النووية. فمثلًا يعتقد الخبير العسكري الصيني سونغ تشونغ بينغ، أن تطوير الصين للأسلحة الاستراتيجية الجديدة بات ضروريا للغاية، مشيرا إلى أنّ ذلك يرجع بشكل رئيسي إلى اعتبارين: أولهما عدم السلمية، لأن الولايات المتحدة تقوم ببناء جيل جديد من الأسلحة النووية، يشكل تهديدًا كبيرًا للصين، ومن ناحية أخرى الأسلحة النووية الصينية بحاجة إلى التحديث المستمر؛ حتى تحافظ الصين على قدرات نووية قليلة العدد وممتازة الجودة، وذلك لبناء قوة نووية استراتيجية ذات طبيعة صينية. كما أكد خبير الأسلحة الاستراتيجية النووي يانغ تشينغ جون، وهو رئيس لجنة الشعب لمراقبة الأسلحة النووية، أن اتجاه تطوير الأسلحة النووية يكمن في كونها صغيرة الحجم، مع انخفاض نسبة الإشعاعات الملوثة للبيئة، كما يمكن تنويع منصات الإطلاق كما نوه الخبير الصيني بأن قوة الأسلحة النووية في الماضي تكون بعشرات الملايين من الأطنان من مكافئ مادة TNT، وأن الضرر الناجم عن استخدام الكمية الكبيرة شديد الخطورة، وأضراره الجانبية كبيرة، وموضع إدانة واستهجان من المجتمع الدولي لكن القوى النووية نجحت في تطوير أسلحة نووية تكتيكية مثل القنابل النيوترونية وقنابل اليورانيوم المستنفد. يتفق الخبراء على أن الولايات المتحدة تنتج الأسلحة النووية الخفيفة المكافئة لردع الصين، مما يجعل الصين بحاجة أيضا إلى تطوير أسلحة نووية أكثر تقدمًا في نفس الوقت، أيضًا بكميات أكبر، وذلك للحد بشكل فعال من الضربات النووية الأمريكية والردع النووي. وأكد سونغ تشونغ بينغ أن الصين لا تسعى للمشاركة في سباق تسلح نووي مع الولايات المتحدة، لكن لزيادة قدراتها النووية حتى تتماشى مع الاحتياجات الفعلية للأمن القومي، لأنها تواجه المزيد من التهديدات من الولايات المتحدة. وفيما يتعلق بعدد الأسلحة النووية أكد يانغ للصحفيين أن استراتيجية الصين النووية “قليلة وفعالة”، مؤكدًا أن الصين لديها القدرة على الصمود في وجه الضربة النووية الأولى للعدو وتوجيه الهجوم المضاد بفاعلية، وقدم للصحفيين افتراضًا متطرفًا: الصين لديها ما يكفي من الأسلحة النووية لمواجهة الولايات المتحدة، بالرغم من أن الصين لديها أسلحة نووية أقل عددًا من الولايات المتحدة. وأكد يانغ تشينغ جون أن السياسة النووية للصين لا تعتمد على المقارنة بعدد القوى النووية، من حيث النطاق والكم لدى الغير، مقررًا أن عدد الرؤوس النووية الصينية حاليًا تقدر بثلاثة أرقام، لكن قدرات الصين الإنتاجية وإمكانياتها غير محدودة. وعند الحديث عن جودة الأسلحة النووية الصينية، يعتقد سونغ تشونغ بينغ أن الصين تعمل على تعزيز جودة وكمية الأسلحة النووية وزيادة الطاقة النووية، لكن الخبير الصيني ليانغ تشنغ جون قرر أن جودة الأسلحة النووية الصينية لا توجد بها مشكلة على الإطلاق، مؤكدًا أن الصين لا تسعى مطلقًا إلى الدخول في حرب نووية لكنه قال “الصين لا تتسبب في المشاكل، لكنها لا تخاف منها”. ما رأيكم؟ الصين المتحفظة جدًا رسميًا في الحديث عن أي نزاع لا سيما نووي، يناقش اثنين من أعظم خبراءها في الأسلحة النووية فرضية الحرب مع الولايات المتحدة ويدعوان لتعزيز قدراتها النووية، أليست هذه طبول حرب لا يسمعها الأصم، ندعوا الله أن يحمي العالم من شرورها ونتائجها الكارثية.