الإثنين 23 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الحرب التجارية.. هل هي مقدمة لحرب عسكرية؟

القاهرة 24
الخميس 11/يونيو/2020 - 11:29 م

عندما استطاعت الإدارة الأمريكية بما تتمتع به من سطوة خلال اجتماعات بريتون وودز أن تقضي على فكرة كينز باستخدام عملة (البانكور) التي هي خارج سيادة أي دولة، انتصرت فكرة الاقتصادي الأمريكي هاري وايت، بأن يكون الدولار هو عملة التقييم الدولية في عروض التجارة، ويتم تقييم باقي العملات بالدولار والذي يتم تقييمه بالذهب، منح أمريكا أسبقية على باقي الدول وجعل الدولار هو العملة العالمية الرئيسية والتي يتم تقييم البترول والمعادن النفيسة بها وهي العملة صاحبة الإبراء العام في معظم العمليات التجارية على مستوى العالم، وأمسى للدولار السطوة على باقي العملات، وقد ارتبطت به الكثير من العملات، كما استطاعت أمريكا معاقبة أي دولة مارقة اقتصاديًا من خلال تحكم الدولار في عروض التجارة العالمية.

الآن هي بداية النهاية لسطوة الدولار، طبعًا كانت البداية صينية من عام 2009 عندما بدأت الصين في استخدام اليوان في عمليات التجارة البينية مع دول مجموعة البريكس، وكما قلنا مطالبة رئيس بنك الشعب بإحياء فكرة البانكور بوجود عملة خارج نطاق السيادة لأي دولة، ثم خطوة إنشاء منظمة دول الحزام والطريق ومحاربة أمريكا في أسواقها التقليدية، وباقي أساليب الحرب التجارية مع أمريكا يدعم الصين اقتصاد قوي مع ناتج محلي صيني سنوي (GDP) تخطى حاجز 13 ترليون دولار، وتشابك مصالح بعض الدول مع الصين لاسيما الدول النامية، والتي كانت الصين أكثر سخاءًا معها وإنشاء الصين لصندوق تنمية القارة الإفريقية، وبنك الصادرات والواردات الصيني كان له دور أساسي ثم إنشاء البنك الآسيوي.

إلا أن الصين لم تكن وحيدة في هذه الحرب كما يظن الكثير، فقد دخلت روسيا على الخط، أعلنت وكالة بلومبرج الاقتصادية أن روسيا بدأت في تقليص أصولها المالية من الدولار تجنبًا للمخاطر المرتبطة بالدولار في المعاملات الدولية من ناحية، ومن ناحية أخرى دعمًا للصين وتحديها المتصاعد للهيمنة الأمريكية، ولم تكن المفوضية الأوربية بعيدة عن ذلك فإن السيد/ جون كلود يونكر رئيس المفوضية الأوربية سخر من أمريكا وإقدامها على إجبار أوروبا على التعامل بالدولار، ووصف الخطوة الأمريكية بالسخيفة، والسيد/ برونو لو ماير وزير المالية الفرنسي أفصح عن إرادته بعدم ارتباط فرنسا ماليًا بالدولار، لذلك اضطر ترامب وإدارته لإعلان الحرب التجارية على الصين وكندا وروسيا بل وأوروبا بفرضه ضرائب باهظة على الواردات لأمريكا من هذه البلاد، بلغت على الصين بمفردها حوالي مائتي مليار دولار، وهذه الحرب التجارية وحدت العالم ضد الهيمنة التجارية الأمريكية والاقتصادية، لإنهاء هذه الهيمنة الاقتصادية لأمريكا في أقرب فرصة ممكنة.

كما أن قرار كل من الصين وإيران وروسيا والاتحاد الأوروبي وفنزويلا بالتخلي عن الدولار سيكون من نتائجه الحتمية القضاء على سلاح العقوبات الاقتصادية الأمريكية والذي طالما استخدمته كثيرًا وبشكل مبالغ فيه كما سيحد من القوة الشرائية للمستهلك الأمريكي والذي هو العصب الحقيقي لاقتصادها ونأتي لسلاح النفط، فالصين هي أكبر مستهلك وقد أزاحت أمريكا عن عرش استهلاك النفط، فهي تستورد حوالي 8.50 مليون برميل يوميًا، وروسيا أكبر ثاني مصدر للنفط بعد السعودية، حوالي 7.4 مليون برميل يوميًا، للقارئ أن يتخيل حجم الضرر على الدولار إذا تخلت الدولتان عنه في تسعير النفط بيعًا أو شراء، والصين في الوقت الحالي تمارس ضغوط على السعودية الحليف التقليدي للولايات المتحدة الأمريكية، لقبول تسعير نفطها باليوان الصيني، أكثر من 18 مليون برميل بترول تسبح في مياه الخليج على ناقلات عملاقة يوميًا متجهة إلي السوق الآسيوية يكون للأسواق الصينية حصة الأسد فيها.

صحيح إن التاريخ يصرح أن محاولة التخلي عن الدولار لا تخلوا من مخاطر حقيقية، فالعراق وليبيا تم تدميرهما لأن زعماء هاتين الدولتين حاولا بيع ثروات دولتيهما البترولية باليورو أو عملة غير الدولار، فهل ستتمكن أمريكا من التعامل مع الصين وأخوتها كما تعاملت من قبل مع العراق وليبيا؟، وهل ستكون هذه الحرب التجارية والاقتصادية مقدمة لحرب عسكرية؟ يبدوا أن الأيام القادمة حبلى بكثير من المفاجآت.

 

تابع مواقعنا