أبو ريدة و”كدابين الزّفة”
هو هاني أبوريدة عمل إيه للكرة المصرية؟
ربما يطاردني هذا السؤال كلما كتبت أي حرف يخص المهندس هاني أبوريدة عضو المجلس الأعلى للاتحاد الدولي فيفا، وعضو المكتب التنفيذي بالاتحاد الإفريقي لكره القدم، وعضو لجنة الإصلاح في الفيفا، وعضو المجلس العالمي لكرة القدم IFAB الذي يقوم بوضع تشريع وقوانين كرة القدم في العالم.
وربما هناك العديد من المناصب الأخرى للمهندس هاني أبوريدة في مجال كرة القدم على مستوى الاتحاديين المصري والإفريقي.
ولو قررت الرد بكل تلك المناصب على من يسأل السؤال السابق أجد رداً قصيرا وده ماله ومال مصر، وكأن وجود هذا الرجل في كل تلك المناصب العالمية والإفريقية لا يخص سمعة وكرامة وقيمة مصر وأبنائها في شيء!
ولكن أتجاوز عن هذا الرد وأبحث في السؤال نفسه واسأل من سأل بعض الأسئلة التي من الممكن أن يجد فيها إجابة سؤاله وسؤال الجميع عمل ايه أبوريدة للكرة المصرية؟
بعيدا عن أنه كان رئيس اللجنة المنظمة لأنجح البطولات التي تم تنظيمها على أرض مصر مثل كأس الأمم ٢٠٠٦ وكأس العالم للشباب ٢٠٠٩ وكأس أمم أفريقيا الأخيرة ٢٠١٩، وما ينسب له من جهد جبار يتعلق بصورة مصر مباشرة أمام العالم كله وهو ما اعترف به الجميع بأنها الأنجح تنظيميا في التاريخ، فإنني وعلى الرغم من ذلك سوف أعود لبداية عام 1991 والذي قدم فيها المهندس هاني أبوريدة مشروعاً يسمي مشروع المنتخبات الوطنية وكان رئيس الاتحاد في تلك الفترة هو اللواء الدهشوري حرب وقدم وبدأ أبوريدة هذا المشروع مع منتخب 1973 و من بعده خمس منتخبات أخرى انتهوا بجيل متعب و عبدربه منتخب 1983.
تلك المنتخبات وهذا المشروع كان نواة الجيل الذي حقق كأس الأمم الأفريقية عام 1998 ومن تبقى منه أكمل مع باقي الأجيال التاريخ بتحقيق الثلاثية التاريخية.
لك أن تتخيل أن مشروع المنتخبات الذي بدأ في عام 1992 وانتهى في 2004 قدم لمصر أكثر من 100 لاعب على المستوى الدولي، ولك أن تتخيل أن منتخب مصر الذي حقق كأس الأمم الأفريقية في عام 2006 كان نتاج كل تلك المنتخبات فضم على سبيل المثال لا الحصر عصام الحضري من منتخب 1973 وأحمد حسن من منتخب 1975ومعه وائل جمعة من منتخب 1976 وظهر محمد أبو تريكة وبعده إبراهيم سعيد، وهناك وبعدها ظهر منتخب برونزية العالم منتخب شوقي غريب الذي انضم منه الكثير من النجوم لمنتخب مصر ثم منتخب 1983 منتخب المعلم حسن شحاتة الذي قدم نجوم الجيل الذهبي أحمد فتحي وحسني عبد ربه والراحل محمد عبد الوهاب وشريف إكرامي وعماد متعب وعمرو زكي وهي المجموعة التي أكملت المشوار للنهاية.
والحقيقة انه بنهاية هذا المشروع لم تقدم المنتخبات المصرية في قطاعات الناشئين أي نجوم للمنتخب المصري لفترة طويلة حتى جاء جيل صلاح ورفاقه، الذي بني عليهم أبوريدة عودته للإشراف على منتخب مصر مرة أخرى عام 2016 بعد إخفاقات كبيرة للمنتخب المصري والغياب عن المشاركة في بطولة كأس الأمم الأفريقية ثلاث مرات متتالية.
أبوريدة قرر الإشراف على المنتخب المصري رغم أنه كان بعيداً عن المجلس وكان متواجد كعضو في الاتحاد المصري بصفته الدولية طبقا لقانون الرياضة المصري السابق.
أبوريدة كان داعما لاختيار الأرجنتيني هكتور كوبر وتحمل المسؤولية بمفرده وكان مشروعه، ورغم قلة كل شيء ورغم ضعف المستوى الفني للمنتخب المصري صعد الفراعنة لكأس الأمم في مجموعة فيها منتخب النسور النيجيري القوي.
منتخب نيجيريا في نفس الوقت أخرج منتخب الجزائر بطل أمم إفريقيا من تصفيات كأس العالم بالفوز عليه بثلاثية نظيفة في نفس الملعب الذي تعادل فيه الفراعنة مع النسور بهدف لكل فريق، أعاد أبوريدة الفراعنة لأمم أفريقيا ووصل المنتخب المصري للنهائي و لولا الإصابات التي ضربت الفريق في كل المراكز، حتى أن الفريق لعب المباراة النهائية بقائمه مكونة من 14 لاعب فقط وبعمرو وردة في مركز رأس الحربة، وخرج الفراعنة مرفوعين الرأس.
أعاد أبوريدة الفراعنة إلى كأس العالم بعد غياب 28 عاما و لكن النتائج في كأس العالم لم تكن مرضية للجماهير المصرية، ولكن هل كنا هناك لننافس على اللقب؟!
هذا قليل من كثير قدمه مهندس الكرة المصرية هاني أبوريدة، وربما يتحدث البعض عن إخفاق الفراعنة في أمم إفريقيا 2019، وربما هذا الإخفاق سببه الأول إقامة البطولة في مصر لأن مشروع أجييري، ولازالت عند رأيي أن مشروع أجييري كان ناجح حتي لقاء تونس ولكن مع قرار إقامة البطولة في مصر ضاع المستقبل وعدنا للماضي وطريقة القدام “علشان البطولة عندنا”.
إنجازات أبوريدة على المستوى الشخصي كفيلة بأن يرفع أي مصري رأسه في أي محفل كروي في العالم فيكفي أنه الوحيد الذي لم تطاله تهم الفساد التي طالت كل أعضاء المكتب التنفيذي للفيفا، ولكنه بقي في منصبه على الرغم من حرب أقوى أجهزة المخابرات في العالم وآلاتهم الإعلامية في انجلترا وأمريكا، بل أصبح عضو لجنة إصلاح الاتحاد الدولي لكرة القدم، وهي اللجنة التي أعادت هيكلة الفيفا وتسن قوانين النزاهة للعالم كله، وبدلا من أن نفخر به تجد من يجلس خلف ميكرفون أو موبايل بكاميرا أمامية ويتهمه بكل بساطة بأنه فاسد، رغم أن كل أنظمة العالم الكروية والأمنية قالت إنه الأفضل بين الجميع، ولو أنت وطني غير عابث أو تجامل في الباطل فعليك التقدم بشكوى للنائب العام بدلا من التشنيع وقلة الأدب، ولكن لعن الله باقه الإنترنت التي جلعت كل من هب ودب يتحدث ويخرج علي الجميع بآراء أقل ما يقال عنها إنها كوميدية وسمجة.
يتحدث الجميع عن إنتخابات الجبلاية وعن دخول أبوريدة أو منافسة البعض له ولكن الحقيقة أنه أمر كوميدي أن تطلب من محترف في برشلونة أن يواجه لاعب هاوي من نادي طنطا مع كل الاحترام لنادي طنطا ولكن تلك هي الحقيقة.
الحقيقة أن وجود أبوريدة على رأس المنظومة الكروية في مصر يعطيها قوة أمام العالم، والحقيقة أن أبوريدة لم يدعي إنه عضو المجلس الأعلى للفيفا والذي يتخذ كافة القرارات التي تخص شأن الكرة في العالم ولكنه بالفعل في المجلس الذي كان يسمى اللجنة التنفيذية من قبل، بل للحقيقة هو أقدم أعضاء هذه اللجنة، ولم يدعي إنه عضو المكتب التنفيدي للكاف ولكنه موجود بالفعل و لم يدعي انه أحد أهم ثمانية رجال يحكمون كره القدم في العالم ولكن الفيفا هو الذي اختاره.
أبوريدة لم يدعي بطولة زائفة ولكنه بطل بالفعل بكل ما حققه وفعله للكرة المصرية ولصورة مصر وله شخصياً .. ولكن من يقول أن الرجل ينسب لنفسه بطولة زائفة أن يقدم لنا بطولاته التي حققها هو حتى الآن!