“محرومون من النعيم”.. مريدو أبو الحسن الشاذلي يتحدثون عن إلغاء المولد لأول مرة منذ 7 قرون
طوال 7 قرون يزحف الآلاف سنويًا من المحبين والمريدين للصوفية في مصر والعالم بأكمله نحو جنوب غرب مرسى علم بالبحر الأحمر، وقبلتهم قطب الأقطاب أبو الحسن الشاذلي، لتأتي جائحة كورونا، هذا العام وتقطع العادة، وتحرم الملايين من الوقوف على جبل عرفات، وكذلك آلاف المحبين من فرحة الوقوف على جبل حميثرة في “الحج الأصغر” كما يطلقون عليه.
“محرومين من النعيم” لسان حال عشاق آل البيت في هذا اليوم، ففي أواخر ذي الحجة من كل عام يشد الرحال المحبين نحو حميثرة؛ لزيارة صاحب الطريقة الشاذلية الذي ينتهي نسبه إلى الإمام الحسين السبط رضي الله عنهما، ومحركهم الأول الحب والاشتياق.
محمد ذكي، أحد مريدي الطرق الصوفية في مصر، داوم على السفر من الأقصر نحو حميثرة طوال 10 سنوات ماضية، ويقول أن بالرغم من مشقة الرحلة إلا أن من زار مرة واحدة سيأتي به قلبه مرارًا، وسيهون عليه مشقة سفر نحو 10 ساعات، وأكثر في طريق واعر.
“روحانيات عالية.. ببقى رايح وواخدني الحب من هنا” يصف الشاب الثلاثيني حاله قبل الذهاب لمولد سيدي أبو الحسن الشاذلي، ويسرد أن في الوقت نفسه من كل عام وقبل الليلة الختامية للمولد بنحو 4 أيام يتحرك أهالي قريته رجال وشباب، في سيارات بأعداد كبيرة، في مظهر متوارث عن الأجداد، حسب قوله.
ويقول: “الصعيد كله مغرم بالشاذلي.. زي ما بنستنى عيد الأضحى بنستنى معاه زيارة سيدي أبو الحسن، ورثنا حبه وزيارته من جيل لجيل عن أجدادنا”.
وبلكنه صعيدية يغلب عليها الحنين، يقول:” فرحتنا زي فرحة اللي رايح الحج.. حب وراحة نفسية وسكينة في المكان كله، رحلة شيقة ومتعبة ولكن مانقدرش نستغنى عنها”.
“رحلة بفرحة بتعب بحب باشتياق” يقول ذكي أن بالرغم من صعوبة ومشقة الرحلة إلا أنه لا يستطيع أن ينقطع عنها، ساردًا: “تعبها شديد بس الي راح مرة قلبه هيجيبه ومش هيقدر ينقطع.. سفر 10 ساعات وأكتر في طريق واعرة، ودرجة حرارة عالية جدا وتكلفة.. ولكن كله يهون في سبيل الزيارة، رحلة بفرحة بتعب بحب باشتياق، والسكينة كل الحلو هتلاقيه في الرحلة”.
“يا برق قبل وصولنا لحميثرة.. بلغ سلام العاشقين معطرا” كلمات كثيرًا ماتغنى بها شوقي أحمد برفقة شيخه ومريدوه طوال 15 ساعة سفر من الغربية وحتى حميثرة، لتكون هونًا لتلك الساعات الطويلة مع مديح المصطفى والذكر وقراءة القرأن، في مشهد يتكرر مع الشاب سنويًا على مدار الخمس سنوات الماضية.
يستعد الشاب العشريني مع رفاقه للزيارة قبلها بفترة، ويصف فرحته حينها بفرحة الطفل ليلة العيد، فليلة السفر لحميثرة يهجر النوم جفونه، ويحكي:” أدام رايحين لسيدي أبو الحسن النوم بيفارقنا، روحانيات زيارة سيدي الشاذولي هي نفس روحانيات دخول المدينة المنورة، وزيارة حميثرة كأني داخل على المدينة”. مكملًا:” بالرغم من مشقتها ومشوارها الطويل جدا ولكن مابنحسش بتعب السفر، رايحين مشتاقين وكله يهون”.
يعيش شوقي تلك الفترة في خلوة مع الله ينتظرها كل عام، ويقول:”بنبقى في مكان طاهر ومش مشغولين بدنيا والشبكة هناك ضعيفة جدا ف بنعيش مع الله بالسبحة والذكر والصلاة والمديح وبس”. وعن إلغاء المولد في عام كورونا يقول:”سيرة حميثرة في الوقت دا بتبكينا.. محرومين من النعيم ولكن راضيين بقضاء الله”.