“النور مكانه القلوب”.. “محمد وأحمد” شقيقان كفيفان يبيعان الأدوات المنزلية في شوارع قنا (صور وفيديو)
“النور مكانه في القلوب”.. كلمات أثبتها شقيقان بمركز الوقف، شمالي محافظة قنا، يواجهان إعاقة كف البصر وتغلبا عليها فلم تكن عائقا أمام ممارسة عملهما في بيع الأدوات المنزلية، فلم يطلبا المساعدة نظرًا لإعاقتهما ولم يمدا أيديهما لأحد، ويمارسا تجارتهما بكل عزم وإصرار.
يعمل محمد عبد الحميد حسين، حصل على ليسانس دراسات إسلامية وعربية جامعة الأزهر، وشقيقه أحمد، حاصل على ثانوية أزهرية، بائعين متجولين، يحملان بضاعتهما ويجوبان بها شوارع وحواري الوقف، يستوقفهما زبائنهما الذين يعرفونهما جيدًا، لمشاهدة تلك البضاعة وشرائها.
أصيب “محمد وأحمد”، بالعمى منذ ولادتهما، هما وشقيقان آخران لهما، وبعد انتهاء دراستهما، عملا كخطيبين في المساجد بالأجر، بمقابلة 140 جنيها شهريا، وبعد أن ضاقت بهما الحياة، لجأوا إلى التجارة في الأدوات المنزلية.
يقول محمد لـ”القاهرة 24″، إن مرتب الأوقاف لم يكن كافيا لتلبية متطلبات الحياة، خاصة بعد أن تزوج وأصبح لديه أسرة وطفلين، مشيرا إلى أنه كان يتقاضى مبلغ لا يتجاوز الـ140 جنيها مقابل خطبة 4 جمع خلال الشهر، ومع توقف صلاة الجمعة ضمن الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا، أصبحت تجارته هي مصدر دخله الوحيد، بالإضافة إلى معاش من التضامن الاجتماعي يصل إلى 425 جنيها.
مع دقات الساعة السابعة صباحا، يستيقظ الشقيقان ويبدءان يومهما بالصلاة، ثم تبدأ رحلتهما من منزلهما بمركز الوقف، إلى مركز دشنا لشراء بضاعتهما من تجار الجملة في رحلة تستغرق أكثر من 5 ساعات يستقلان خلالها عدة وسائل مواصلات ما بين سيارة كبوت متهالكة ثم معدية نيلية، وتوك توك، ثم العودة مرة أخرى مع آذان الظهر لينطلقا في شوارع بلدتهما لبيع تلك البضاعة التي غالبا ما تكون «طقم كوبيات، أو صواني تقديم، أو مكنسة، وغيرهم من الأدوات المنزلية الخفيفة»، وعلى الرغم من مشقة رحلتهما شبه اليومية إلا أنهما يريا في نفسهما نموذجًا لرفض «مدة اليد».
محمد وأحمد يعرفان زبائنهما من أصواتهم، وحفظا الطرق والشوارع من كثرة السير بها: “بنتعب وبنشقى طول النهار في الشوارع، وفي عز الحر، علشان ما نمدش إيدينا لحد، بس في نفس الوقت بنلاقي صعوبة في السير في الشوارع ودايما بنخبط ونتعور في العربيات أو التكاتك اللي وقفة في الشوارع، إلا لو حد حذرنا”.
“أحمد” الشقيق الأصغر، يشير إلى أن السير في الشوارع المزدحمة أو التصادم في السيارات ليست العقبة الوحيدة التي تواجههما أثناء عملهما في بيع الأدوات المنزلية، لافتًا إلى أنهما كثيرا ما يتعرضان للنصب من الزبائن غير المعروفين بالنسبة لهما عند دفع مقابل ما يبيعونه: “في ناس بتدفع لنا 50 جنيه على أنها 100، بس الزباين المعروفين بيتعاملوا معانا بما يرضي الله”.
أحلام “الشقيقين المكفوفين” بسيطة كملامحهما، تتمثل في العمل بمؤهلاتهما الأزهرية في أحد المساجد، بدلا من عناء السير بالشوارع لبيع تجارتهما: “نفسنا نشتغل في مسجد بمؤهلاتنا الأزهرية، عشان نقدر نوفر لأسرنا حياة كريمة بدل البهدلة في الشوارع”.
لخدمة المكفوفين.. افتتاح مركز رؤية لتحويل المواد العلمية لطريقة “برايل” في قنا