لماذا فشلت نوكيا في العودة بقوة “النوستالجيا” داخل السوق المصري؟
رغم إعلان شركة hmd المطورة لهواتف نوكيا في كثير من المناسابات سعيها لاقتناص حصة جيدة فى السوق المصري، في ظل منافسة قوية، الا ان ذلك لم يتجاوز حدود الأماني، بعد ان تفوقت أحدث الشركات الصينية في الحصول على حصة أكبر من حصة نوكيا ذات التاريخ العريق.
يقدر أحد موزعي الهواتف حصة نوكيا منذ أن عادت للسوق بعد أن استحوذت عليها شركة hmd قبل أربع سنوات بحوالي 3% من مبيعاته مقارنة بباقي العلامات التجارية المنافسة، بينما تشير إحصاءات مؤسسة «IDC» إلي استحواذ نوكيا عام 2019 علي 10% من مبيعات الهواتف في السوق المحلي.
موزع آخر -خالد سمير- يشير إلي أن نوكيا تعتمد علي حركة البيع والشراء عبر منصات التجارة الإلكترونية في معظم الوقت، بجانب بعض المراكز المعتمدة الرئيسية ويخلفها التوزيع في المحافظات، وتضع رهانها بالكامل علي الطلب عبر منصات التجارة الرقمية.
مضيفا، “الشركة من الواضح عدم اهتمامها بالتوزيع الداخلي فهي لا تقوم بدعاية كافية لجذب جمهور ولا تقوم أيضا بتسعير مناسب للمنافسة مع الشركات الاخري”.
وتابع، “هواتف نوكيا لم تشهد في كثير من الاحيان اقبالا كبيرا من المستخدمين بسبب المبالغة في تسعيرها مقارنة بالهواتف التي تقدمها الشركات الأخرى في نفس الفئة، ورغم ثقة العملاء في تصنيع الهاتف – حيث إن نوكيا معروفة بخاماتها الجيدة – فإن هناك قلقًا من المستهلكين من خدمة مابعد البيع والصيانة”.
واشار الي ان “التعليقات الأكثر استخدامًا بين المستخدمين عند عرض هواتف نوكيا عليهم، تخص السعر والصيانة، بينما خامة الهاتف تحظى بإعجاب الجميع، الا ان سعره مقارنة بالهواتف الأخرى يظل مبالغا فيه”.
القصور الذاتي وعدم التكيف:
تاريخ شركة نوكيا يمتد لأبعد ما امتدت له جميع الشركات الموجودة في السوق حاليا، ورغم أن “نوكيا” لم تكن أول شركة تصنع الهاتف المحمول إلا أنها كانت الأشهر والأكثر شعبية في التسعينات والألفية.
وحققت الشركة انتصارات كبيرة وخطوات هامة في تاريخ ثورة الاتصالات التى بدأت من ثمانينات القرن الماضي، وانتشرت هواتفها في كل العالم وعرفت بالمتانة وجودة الخامات، إلا أن الانهيار الذي شهدته نوكيا فيما بعد، والذي بدأ مع عام 2001 ودخول منافسين بالشاشة اللمس”التاتش” لم تسطع الشركة اجتنابه أو ملاحقته.
وقد انتهى الأمربها تباع ب 7.2مليار دولار إلى مايكروسوفت الأمريكية في أوائل 2014، ثم تباع وحدة هواتفها إلي شركة hmd في عام 2016.
ومنذ فقدت الشركة لقب أكبر شركة مصنعة للهواتف في العالم بعد أن انخفضت حصتها في السوق العالمي من 49.9% عام 2007، إلى 3% فقط في النصف الأول من عام 2013، لم تحاول نوكيا مرة أخري السيطرة علي السوق إلا بمساعي لم تكن كافية أبدا لعودة مزلزلة مرة أخري.
ورغم أن المنافسة أصبحت في أوجها وأصبح السوق العالمي مكانا شرسا مع التحول التقني الرقمي والتوسع في استخدامه معتمدا علي الهاتف، فإن نوكيا لا تهتم بهذه المنافسة، وكأنها تتوارى في أقصى مكان، مخالفة السباق.
وأرجعت دراسة قام بها محمد مختار لجامعة القاهرة أسباب انهيار وتخلف نوكيا عن مواكبة التطور في وقت كانت تتسيد فيه السوق، إلى قصورها الذاتي.
وقال خلال الدراسة إن “نوكيا “ فشلت فشلا ذريعا في تشخيص مشكلتها الأساسية، بداية من تحديد موقعها من التغييرات الجذرية التي طرأت على صناعة الهواتف المحمولة و خصوصا مع تحول المنافسة، من المنافسة على تصنيع الهواتف الذكية إلى المنافسة على الأجهزة والبرامج والمطورين، والتطبيقات، والتجارة الإلكترونية، إلى فشلها في تحديد الوضع المأمول الوصول اليه.
وأضاف خلال الدراسة: “فشلت نوكيا في تخطي المستوى الأول لهرم الاحتياجات بالشكل الموضح أدناه، مقارنة بمنافسيها وخاصة آبل وسامسونج واللذين توصلا إلى أن كل ما تحتاجه من المحمول هو شاشة فقط والباقي تتكفل به البرمجيات.
وهي حالة تشبه “القصور الذاتي Active Inertia – وهي خاصية تصف ميل الجسم إلى أن يبقى على حالته ويقاوم التغير في حالته الحركية” هكذا وصف الشركة.
لكن أحد المحللين قال: إن الشركة تسعي منذ استحوذت عليها شركة hmd للمنافسة وتلافي الأخطاء السابقة، وبالفعل طرحت بعض الهواتف المنافسة بشدة والتي تتميز بجودة الأداء والخامات.
وتابع، لكنها لم تظهر بقوة في السوق المحلي رغم قدرتها علي المنافسة بسبب عدم اعتماد استراتيجية الشركة علي الدعاية ذات الجمهور الوفير، وبسبب استخدامها أنظمة تشغيل غير مرغوبة لفترة.
وأشار الباحث إلى أن نوكيا لم تقم بمحاولة استرداد مكانتها التي تحفظها “النوستالجيا” في قلوب المصريين بالشكل المطلوب. لذلك ما زال عليها العمل كثيرا للتربع مرة أخرى بين المستحوذين الكبار، ولا بد أن تجد صيغة لتوفر بها ما يحتاجه المستهلكون والأسعار المنافسة الآن وبين ما تعرف به من جودة وإتقان.