سلام ورسالة النبي.. كيف يعيش مسلمو مصر أزمة الإساءة للرسول وعمليات الطعن في فرنسا؟
مرت فرنسا في عدة أيام قليلة، بالعديد من القضايا المثيرة التي جعلتها حديث العالم اليومي، ومنها ما صدر عن الرئيس الفرنسي ماكرون، وهجماته على الإسلام والنبي محمد، مما أدى إلى دعوات لمقاطعة المنتجات الفرنسية من قبل العرب والمسلمين، تبعها حوادث قتل وطعن مثل قتل مدرس فرنسي وهجوم على كنيسة بمدينة نيس.
“القاهرة 24″ حاور مسلمي مصر في فرنسا، للحديث حول أوضاعهم في البلاد وكيف يرون الأزمة الراهنة، وكيف تمر عليهم تلك الليالي العصيبة، وسط احتقان عام يسود الأجواء داخل البلاد.
في منزل صغير بمنطقة الألزاس شرق فرنسا، يعيش ناصر المواطن المصري الفرنسي المسلم، والذي هاجر قبل 28 عاما، جلس ناصر رفقة أسرته الصغيرة يتابع الأحداث عبر شاشات التلفاز، ما بين شعارات مسيئة من قبل عدد من الفرنسيين ومقاطعات من قبل عرب ومسلمين، لكن ناصر كان له رأي مختلف في تلك الأحداث.
قال ناصر لـ”القاهرة 24”: “الصورة التي ظهرت للنبي في فرنسا لا تعني لي شيئًا”.
تربى ناصر على أخلاق النبي محمد عليه السلام، وعاش حياته يقرأ المزيد عنها وعن صفاته وتعاملاته مع قومه وغير قومه، وكان ذلك سببًا قويًّا وكافيًا ليرى أن ما نُشر بعيد كل البعد عن رسوله الكريم، الذي يعرفه ويحتذي به، مُناديًا المسلمين بمسئوليتهم تجاه التوعية عن النبي محمد عليه السلام.
نظر الجميع للمشهد بأعين مختلفة في ردود الأفعال وكان رد فعل ناصر مختلفًا وذا نظرة عملية، حيث إنه أكد على دوره الفعال في تغيير نظرة الغرب عن الإسلام والمسلمين، وذلك من خلال معاملاته مع زملائه داخل العمل وخارجه، ومع جيرانه، مشيرًا إلى أن بداية تغيير تلك النظرة ستأتي عندما نتحلى بأخلاق وصفات النبي، وأيضًا وصف رد فعل العرب والمسلمين بحملات المقاطعة الفرنسية بأنها أمر سلمي وحضاري للتعبير عن رفض ما حدث.
“الجميع لديه الحق فيما يقول، ونحن لنا الحق في أن نقبل ذلك أو نرفضه بالطرق السلمية” جاءت تلك الكلمات من ناصر ليؤكد أن مجمع الحكماء في فرنسا، أصدر رد فعل بطريقة سلمية عن طريق مخاطبة الرئاسة الفرنسية، مُعبرًا فيها عن مدى تأثير ما حدث على شعور المسلمين وما فيها من كسر لمشاعرهم في فرنسا، وأنه لا يجب أن يأتي تشويه الرموز الدينية الإسلامية كطُعم داخل ألعابهم السياسية.
ماكرون: بعض المسلمين يعيشون أزمة وعلى فرنسا مكافحة الانفصالية الإسلامية
ومن ناصر في شرق فرنسا، إلى ناصر آخر على الحدود السويسرية الفرنسية الألمانية، حيث هذا الخليط الجغرافي بالإضافة إلى تعدد الجنسيات، تحدث ناصر مع “القاهرة 24” وقال: “حزني الأكبر سببه بعض المسلمين الذين يشوهون ديننا الحنيف الوسطي المسالم، ولا يقبل أي إهانة كانت، ولكنه يرى أن الحل دائمًا يأتي بالنقاش مع من هم أهل للعلم وليسوا أشخاص لا يفقهون إلا بعض الشعارات”.
الأزهر الشريف يدين هجوم كنيسة نيس: علينا التصدي للتطرف والتعصب
وفي وسط أجواء تشهدها فرنسا حاليا وكثير من الأقاويل والأحداث المتداولة، قالت الدكتورة جيهان جادو عضو مجلس حي بفرساي بفرنسا، “للقاهرة 24: “الوضع في فرنسا ليس مثل ما يتصوره البعض أن هناك مداهمات للمسلمين”.
وأضافت أن جميع المسلمين يتمتعون بكل حقوقهم داخل الدولة التي يكفلها الدستور والقانون مثل أي مواطن موجود على الأراضي الفرنسية ولا يجوز لأحد أن يتعرض لأي مسلم سلمي يؤمن بالدين الوسطي، وليس لديه مشاكل عامة.
وأكدت أن إساءة الرئيس الفرنسي ماكرون في التعبير، وأيضًا في التعميم بكل المسلمين مما أدى إلى تهديد الشأن العام، مشيرة إلى أن “ماكرون” لا يقصد التعميم بالمسلمين، بل إنه يُحارب الإسلاموفوبيا والجماعات المتطرفة التي تحرض على الكراهية والمساجد التي تستقطب الشباب الفرنسي وتصدر أفكارًا خاطئة باسم الدين الإسلام، بالإضافة إلى تحريضهم على التشدد وخطاب الكراهية ضد الدولة الفرنسية نفسها.
وأشارت إلى أن هناك مجلة فرنسية تُسمى “شارل ايبدو”، تقوم بالإساءة لكل الرموز الدينية وتسخر من الديانات المسيحية واليهودية أيضا”، وهي تُعد مجلة خاصة وليست تابعة للحكومة الفرنسية، مُطالبة العالم الإسلامي بأن يعترض على هذا النوع من الإصدارات عن طريق رفع القضايا المباشرة.
وأعربت جيهان عن مدى قوة خطاب شيخ الأزهر والرئيس عبد الفتاح السيسي خلال احتفالية وزارة الأوقاف بالمولد النبوي الشريف، ووصفته بأنه لخص كل ما يجول داخل كل مسلم، وأبدت تأييدها بالطريقة القانونية السليمة التي اعترض بها شيخ الأزهر على ما حدث.
وفيما يخص حرية الرأي، أوضحت الدكتورة جيهان، وجهة نظرها حول ذلك التعبير قائلة: “إنه لا يوجد حرية تعبير طالما أدت إلى عدم احترام حقوق الآخرين، لافتة إلى أن فرنسا دولة علمانية تفصل الدين عن الدولة، ولكن الإساءة للرموز من الممكن أن تهدد كيان أي دولة، وعدم احترام الآخر قد يسبب حقدًا داخليًّا وكراهية بين الأديان وبعضها.
واختتمت الدكتورة جيهان، بأن الحكومة الفرنسية ترى أن ما قالته غير مُسيء للإسلام، بل إنهم ينظروا للمشهد بحديثهم عن العلمانية، ومقصدهم هو التشدد في الإسلام، مشيرة إلى الطريقة التي تم بها قتل المدرس الفرنسي، والتي أثارت الذعر للشعب الفرنسي، خاصة وأنه شعب مُسالم وليس معتادًا على تلك الجرائم العنيفة.
وأضافت أيضًا أنه يوجد الكثير من الشعب الفرنسي معترض بالفعل على ما قاله الرئيس الفرنسي ماكرون، قائلة: “يتعايشون معنا تعايشًا سلميًّا قويًّا”، مؤكدة على أن هناك متشددين في كل ديانة وليس فقط في الإسلام.