السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

عمر عبد العليم يكتب: غياب الكبير

القاهرة 24
سياسة
الخميس 29/أكتوبر/2020 - 06:41 م

في ظل غياب القوة الناعمة وتعثر الدبلوماسية العالمية في إنهاء الكثير من الصراعات والأزمات، انتقلت تلك الصراعات من كونها دبلوماسية لتصبح عسكرية نظامية حتى مع الاشتباكات المسلحة والحروب لم تحسم هذه القضايا بسبب عوامل عدة، وأبرزها تطور التسليح لدى الكثير من الدول والذي أرهب الدول بعضها من بعض وباتت كل دولة تضع في عين الاعتبار مقدرة الدولة الأخرى في الفتك بها أو إحداث تدمير لا يحتمل، ما يطلق عليه في العلوم السياسية “الردع المتبادل”.

في سياق متصل ظهرت فرق وحلفاء جدد وتقسيم عالمي جديد يضم لاعبين جددًا، اعتدنا دائمًا أن نراهم أطرافًا أصيلة في صراعات كثيرة في مناطقهم فقط، إلا إنهم لم يكونوا أبدًا قادة أقطاب عالمية ولم يكن لهم أي دور بارز خارج محيط دولتهم. بين هذا وما سبق تعددت المشاكل الإقليمية والدولية، وكثرت أشكالها (احتلال أراضٍ، سيطرة وفرض نفوذ، مشاكل عرقية وطائفية، تهديد للأمن المائي، وغيرها).

وجدت في ما يحدث عالميًّا من خلل تشابهًا كبيرًا مع ما يحدث مجتمعيًّا من فشل، وأردت طرحه بشكل متواضع والذي يأتي من سبب رئيسي وهو غياب الكبير. بعدما كان يعيش المجتمع الدولي في نظام ثنائي القطبية ثم متعدد القطبية، كانت هناك كلمة مسموعة وقوة يتم فرضها وتفرض على الدول الشباب، والآن وللأسف شاخت تلك الدول الكبيرة والتي كانت تعد أقطابًا، وأنهكتها الأزمات المالية المتتالية وتمكن الوباء منها وانهار بيت العائلة الاتحاد الأوروبي وأصبح لكل دولة في الاتحاد رأيها المنفرد، انشغلت أمريكا بأزماتها، بينما نضجت شباب الدول وصغار الدويليات، وأصبحوا يحاربون ويؤثرون على الرأي الشعبي والعالمي، كبرت تركيا وأصبحت تدير منطقة القوقاز وشرق المتوسط وتستعيد تراث أجدادها العثمانيين، فيما بلغت قطر، وعملت بالإعلام وهي تدير منظومة إعلامية كبيرة يشاهدها العالم، ونضجت باكستان ورأت أن الآخرة هي خير وأبقى، واشتدت إثيوبيا وبدأت في البحث عن ميراثها بالطرق الشرعية وغير الشرعية، وبصراحة مطلقة، تفوقت إسرائيل بالجهد والعمل الدؤوب والآن تحتضن الجميع حتى من كان يعادونها في السابق يوقرونها حاليا ويتوددون لها. وما كان للكبار إلا أن يعتمدوا على صغار القوم من الجماعات المسحلة الممولة منهم بالأساس وبعض الأفراد الأشقياء كأدوات لبعث الرسائل دون التدخل المباشر لأنهم يدركون ويلات الحرب بخبراتهم.

تمامًا مثل ما يحدث في مجتمعاتنا، فبعد أن غاب الأب في رحلة البحث عن المال، والتفتت الأم لسد دور الأب، ثم أدركت أن لنفسها حقًّا عليها، التفتت عن صغارها لاستعادة ما فقدته من سعادة، وبات الشيخ يتحدث بما قاله أنتوني روبنز وستيفن كوف، ليدرأ المفسدة عن نفسه، نضج الصغار على غير أساس، لا يوجد رادع ولا مانع، لا توجد قيم ولاخلق إلا لمن رحم ربي، حتى وإن وجدت تباينت لاختلاف أنماطها. المجتمع يُدار بالعصابات والأشقياء وبالهوى، تماما كأشقياء داعش والبي كي كي. يجب على الكبير العودة لدوره ولو بكلمة العقل وبحكمة الشيخ، ويجب أن نوقر ونمجد مؤسساتنا الأزهر والكنيسة وإنعاشهما، فليس من الطبيعي أن يكون الواعظ والقائد بيننا ونلجأ لغيره أو نحجر على رأيه، ونطبق على صوته إلا في المناسبات والمحافل لنقول إن لدينا كبيرًا وأننا على خلق وأننا نمشي على النهج والصواب.

تابع مواقعنا