أبطال في الطقس السيئ.. عمال الصرف الصحي بالإسكندرية جنود مجهولة في مواجهة "الغرق" (صور)

عقارب الساعة تدق الخامسة فجرا، في ليلة شتوية قاسية البرودة، عندما رن هاتفه اللاسلكي لمطالبته بالنزول إلى إحدى نقاط منطقة شرق الإسكندرية التي غمرتها مياه الأمطار، وأرسل سكانها شكوى عاجلة إلي الخط الساخن 175 التابع لشركة الصرف الصحي بالمحافظة.

محمد عمر؛ 39 عامًا، هو أحد العمال القائمين علي واحدة من سيارات كسح مياه الأمطار بمنطقة شرق الإسكندرية، والذي يظل مع زملائه مع كل نوة أمطار في حالة تأهب، واقف أمام سيارته ينتظر التحرك للوجهة التي يتم الإبلاغ عن وجود تجمعات أمطار بها، غير مبالين ببرودة الجو ولا سقوط الأمطار عليهم.

18 ساعة عمل هي الفترة التي قضاها "عمر" في عمله علي سيارة شفط المياه، خلال ليلة الإثنين بالتزامن مع سقوط أمطار على فترات متتابعة علي مدار اليوم، بدأت من الخامسة فجرًا، وحتي الحادية عشرة مساء، استطاع خلال تلك الفترة التنقل مع أكثر من مكان بين ميادين حي شرق.

ولفت "عمر"، إلى أنه بجهود العمال وشركة الصرف التي تبدأ خلال الصيف بتطهير الشنايش ومعالجتها وصيانتها، وتستمر حتي الشتاء بتصريف مياه الأمطار أول بأول من الميادين، استطاعت الإسكندرية السيطرة علي حوادث الغرق التي كانت تشهدها حتي عام 2015.

وقال إنهم يتعرضون لمخاطر كبيرة خلال تصدرهم المشهد ووقوفهم في ليالي البرد القاسية والأمطار تتساقط عليهم، إلا أنهم أعتادوا الأمر وأصبحت فترة الأمطار هي ذروة الشقاء في عملهم، مشيرا لدور الشركة علي تدريبهم في التعرف على المخاطر وطرق التعامل معها.

"بنقف في عز السقعة، وبنلبس أفارول طارد للمياه ولكنه لا يحمينا في بعض المواقف من وصول المياه لأجسامنا، ولكننا نُصر علي الثبات والتعامل مع أي حالة غرق، وكل ما يهمنا هو ردع الأذي الذي يصيب أهالي أي منطقة حال تعرض شوارعهم للغرق" .. بتلك الكلمات عبر حسين العمروسي؛ عامل بشركة الصرف الصحي بمنطقة وسط الإسكندرية.

وأضاف "حسين" أنه خلال السنوات الشتوية القاسية يتواجد في الشارع علي مدار 24 ساعة، وخلال الأمطار البسيطة والمتوسطة تستمر ساعات عمله 12 ساعة من السابعة صباحا وحتي السابعة مساءا، حتي يستبدل فريقه وردية أخري مع زملاؤهم، مشيرا أنه خلال نوة "الفيضة الكبرى" تم تكليفهم بالمرور بسيارات شفط المياه علي طريق الكورنيش لسحب أي تجمعات للمياه بشكل مستمر حتي تستوعب أكبر قدر من مياه الأمطار".

أما عبده محمد، عامل على سيارتين أحدهما لشفط المياه والأخري "مدمجة"، فيقول إن مهمتهم لا تتوقف فقط عند حدود سحب مياه الأمطار من الشوارع بسيارة "الشفط"، ولكن أيضا إزالة الرواسب وتسليك الشنايش بشكل مستمر خلال فترات الهدنة الفاصلة بين وقت سقوط الأمطار، وذلك بسيارات "الدمج" الحديثة.

وأوضح أنهم يتحركون بناءً على خطة يضعها اللواء محمود نافع؛ رئيس الشركة، بحيث يتم تكليف كل مجموعة بنقطة تمركز تتحرك من خلالها في خط محدد حتي يتم تنظيم الجهود وتوزيعهم لتغطية جميع المناطق، لافتا إلي أنهم يتلقون من خلال البلاغات التي تصل لزملائهم بغرفة العمليات خطة التوجه لعلاج أي شكوي من تجمع المياه، فضلا عن العمل الطبيعي بالتوجه بالسيارات لسحب المياه اول بأول.

يُذكر أن الإسكندرية شهدت خلال اليومين الماضيين موجة من الطقس السئ، بسقوط أمطار غزيرة صاحبها رياح شديدة وانخفاض كبير في درجات الحرارة، وعلي أثرها أغلقت سلطات ميناء الإسكندرية بوغاز مينائي الإسكندرية والدخيلة أمام حركة الملاحة البحرية.

وكذلك أهابت محافظة الإسكندرية، في بيان لها مساء اليوم، بالمواطنين توخي الحذر وإتخاذ كافة الاستعدادات والتدابير اللازمة للحد من الأثار الناجمة عن الظواهر الجوية المتوقعة غدا الثلاثاء، وذلك استكمالا لنوة الفيضة الكبري، حيث توقعت هيئة الأرصاد الجوية أن تتعرض الإسكندرية لموجة أمطار غزيرة.