كواليس وفاة مسن بعد 72 ساعة من رحيل نجله متأثرًا بكورونا في الشرقية (صور)

"لن تجد أحدًا يُحبك ويؤثرك على نفسه سوى والدك"، عبارة يعرفها الجميع ويتذكرها من تبتليه الدنيا بفقدان والده، لكن ماذا عن من يتعلق قلبه بنجله الأكبر ويرى فيه شبابه وأحلامه تكبر يومًا بعد الآخر، وفي طرفة عين يُصيبه المرض ويرحل سريعًا جراء فيروس يفتك بالعالم، وبين هذا وذاك يجد الأب نفسه بين الناس لكنه وحيد يأكل الحزن قلبه ما بين طرفة عينٍ وانتباهتها، قبل أن يرحل عن الدنيا وما فيها ليلحق بقرة عينه ويجمعهما قبرًا واحدًا.

على بُعد بضعة كيلو مترات من بندر مركز ومدينة الحسينية الواقعة بأقصى شمال محافظة الشرقية، وبينما انتصفت ساعات نهار الأحد الماضي، كان أبناء جزيرة "سعود" على موعد مع نبأ صادم بوفاة المهندس محمود محمد محمود رزيق، والذي أصابه فيروس كورونا وخضع على إثره للعزل داخل مستشفى "الحسينية" المركزي لمدة ناهزت عشرة أيام، قبل أن يصعد السر الإلهي وتفارق روحه جسده تاركًا سيرة عطرة يشهد بها القاصي والداني.

رحل المهندس محمود، والذي كان يشغل وظيفته بقطاع التنمية البيئية بديوان عام محافظة جنوب سيناء، وبين المُعزين كان والده واقفًا يُجاهد لئلا تخور قواه ويغلبه الضعف والحزن، يُحدث نفسه طالبًا اللحاق بنجله الذي كان بارًا به.

انقضت ساعات العزاء وعاد الجميع إلى دنياه، لكن الأب اختلى بنفسه بعيدًا يُحدثها أن الدنيا وما فيها لا تُطاق دون وجود ولده، ويأبى الأب أن يضع الطعام في حلقه أو يتذوق طعم الدنيا والحزن يعصر قلبه ويؤلمه الفراق على فلذة كبده، وفي اليوم التالي فوجئت بناته به يُخبرهن أنه راحل لا محالة وأن عمره ووجوده في الدنيا لن يستمر لأكثر من أسبوع، وسط حالة من الحزن استمرت لنحو اثنين وسبعين ساعة، قبل أن تخور قواه ويقلق الجميع عليه ليذهبوا به من فورهم إلى أحد أطباء المدينة.

داخل العيادة خضع الأب الذي نهزت أعوامه سبعين عامًا للكشف من جانب الطبيب، والذي أخبر مرافقيه أنه لا يُعاني من أية أمراض، لكنه مُصاب بسوء تغذية ويحتاج فقط للراحة والطعام، إلا أن الأب أنهى القصة سريعًا بطلبه الجلوس، وحينما جلس سقط أرضًا ليفارق الحياة قبل أن تفارق قدماه العيادة، وما هي إلا سويعات قليلة ولحق بنجله بعدما وضع جثمانه إلى جوار جثمان نجله.

أحد الممرضين الحاصلين على لقاح كورونا لـ"القاهرة 24": "سيبتها على الله بعد قراءة نسبة فاعليته"