قضى 30 عامًا في خدمة الإنسانية.. أسرة طبيب لقي مصرعه بحادث "توكتوك" بالإسكندرية تطالب بالقصاص العادل (صور)
في تمام الساعة الثانية والربع من ظهر يوم الثلاثاء الموافق 2 نوفمبر الماضي، وأثناء عودته من عمله لمنزله، تصادف أن يكون بطريقه سائق "توكتوك" يسير عكس الاتجاه فيصطدم به صدمة عنيفة سِفك على إثرها دمه، فنقله صيدلي شاهد الحادث خلال عمله بصيدلية مجاورة لموقع الحادث إلى مستشفى يبعد عنهم بخطوات من خلال سيارة إسعاف، وبالفعل ظل فيها حتى وافته المنية أول أمس. تلك القصة باختصار هي ما حدث من الدكتور سمير إبراهيم سليمان، استشاري النساء والتوليد بالإسكندرية، الذي يعتبر واحدا ممن يُخلد اسمه في الوسط الطبي باعتباره من أصحاب الكفاءة والخُلق والإنسانية وحب الخير، وذلك حتى جاء الحادث ليلقى مصرعه ويُدفن بالمقبرة التي اشتراها مؤخرا لأسرته بمقابر برج العرب وكأنه كان يعلم أنه أول من سيُدفن فيها.
الدكتور سمير صاحب الـ62 عاما، سبق أن شغل منصب مدير طبي بإدارة وسط الطبية، واستشاري بمستشفى برج العرب العام، وذلك حتى بلغ سن المعاش وعمل بعدها كمدير طبي واستشاري بمستشفى لواء الإسلام ليستكمل مسيرته المهنة.
الحادث الذي تعرض له الطبيب الراحل وقع بمنطقة مزلقان فيكتوريا بشرق الإسكندرية، وهو في طريق عودته لمنزله بشارع محمد نجيب، بعد أن انتهى من عمله كاستشاري نساء وتوليد بمستشفى "لواء الإسلام" وهي واحدة من المستشفيات التي تقدم خدمات طبية بأسعار رمزية ويُقبل عليها مرضى الفئة البسيطة والمتوسطة بشكل خاص.
وهذا هو ما كان يُعرف به الدكتور "سمير" طوال فترة خدمته الطبية بسعيه لخدمة البسطاء ومحدودي الدخل، لإيمانه أن مهنة الطب خدمة رسالة إنسانية قبل أن تكون مهنة، وذلك بحسب ما ذكرته السيدة "ماجدة إبراهيم" زوجته وأم لابنه المهندس محمد وابنته "نورهان" التي تعمل مدرس مساعد بكلية طب الأسنان.
"لم يكن زوجي فقط بل كان رفيقي وصديقي وأخي وحبيبي.. فقدته بسبب شاب أهوج خالف قوانين المرور والسير" قالتها زوجة الطبيب الراحل، مضيفة أنه كان صاحب خلق حميد وطبع هادئ مستقيم في كل شيء، وحتى في سيره يلتزم بحدود الطريق لا يجاذف بتخطيه، وعلى الرغم من ذلك لم يفلت من أذى أصحاب التكاتك الذين أصبحت الفوضى سلوكهم المعتاد في شوارع الإسكندرية.
المكالمة الأولى التي تلقتها الأسرة كانت من أحد شهود العيان على الحادث بمحادثة ابنته بأنه سيتم نقله عبر سيارة إسعاف إلى مستشفى الثغر الذي يبعد خطوات من مكان الحادث، وبفجعة كبيرة أخبرت الابنه شقيقها الذي هرول إلى المستشفى قبل وصول أبيه، وشاهده وهو غارق في دمائه.
"تخيلت أني هلاقيه مصاب بكسر عادية أو إصابة بسيطة، ولكني صُدمت بمجرد رؤيته غارق في الدماء وبحالة خطيرة وأخبرنا الأطباء أنه أصيب بنزيف حاد في المخ وجلطة".. بتلك الكلمات وصف الابن "محمد" حالة والده بعد تعرضه للحادث، مشيرا إلى أنه دخل في غيبوبة لم يفق منها حتى وافته المنية.
وأضاف محمد أنه ذهب لمكان الحادث لمحاولة العثور على أي كاميرا سجلت الحادث لرغبته في معرفة ما جرى مع والده، إلا أنه فوجئ بتلميحات بالتهديد من بعض الأشخاص بأن يبتعد عن هذا البحث، لأن سائق التوكتوك صاحب الحادث وزملاؤه لن يتركوه، قائلًا: "قالي خلي بالك دول ناس مش سهلة".
القصاص العادل ومعاقبة الجاني بأقصى عقوبة جنائية هو كل ما يتمناه الابن لرجوع حق والده، وعلى الرغم أن فقدان والده وغيابه عنهم، لن يوازيه أي عقوبة، ولكنه سوف يشفي غليله هو وأسرته.
أما الزوجة المكلومة فطالبت الرئيس السيسي بالتدخل أولا لرد حق زوجها في القصاص العادل من مُرتكب الحادث، وثانيا من حمايتها وأسرتها من بعض التهديدات التي تعرضوا لها بعد الحادث للتنازل عن القضية وإلا سيتم التعدي عليهم.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إنها تعرضت وأسرتها للسباب من سائق التوكتوك مرتكب الحادث خلال تواجده معهم بالمستشفى عقب الحادث، حين سألته "أنت عملت فيه ايه؟"، فما كان منه إلا أن صاح فيهم بالسباب.
واختتمت الزوجة حديثها قائلة: "زوجي رجل حريص ويقظ دائما في سيره، والحادث لا يجب أن يُصنف كقتل خطأ لأن السائق كان يسير عكس الاتجاه وبسرعة كبيرة من قوتها دمرت زوجي وتعرضت فتاة كانت داخل التوكتوك لكسر بيديها".
وتأمل الزوجة في مؤسسات الدولة والقضاء الشامخ والرئيس السيسي بأن يكون الحكم رادعا لمثل تلك الحوادث المتكررة في الشارع السكندري، ورد حق الطبيب الشهيد الذي ظل طوال أكثر من 30 عاما يخدم بلده بالعمل في صمت دون أن ينتظر مقابلا بالشهرة أو المال.
الإسكندرية تواصل حملات مطاردة مخالفات البناء بعد ميل عقار "كوم الشقافة"