مستويات مياه البحار والمحيطات ترتفع بوتيرة تفوق التوقعات
يتسبَّب تغير المناخ في ارتفاع مستوى المياه بالمحيطات بشكل يفوق حتى توقُّعات العلماء الأكثر تشاؤماً، مما يُنذر بمخاطر فيضانات مبكرة تُهدِّد الاقتصادات الساحلية التي تُصارع بالفعل للتكيف مع الواقع.
وتشير التقديرات المنقَّحة التي نُشرت مؤخراً في مجلة "أوشن ساينس"، أنَّ تغير المناخ سيؤثر على خُمسي سكان الأرض الذين يعيشون بالقرب من السواحل؛ إذ قد تواجه الممتلكات المؤمَّن عليها، التي تبلغ قيمتها تريليونات الدولارات مخاطر أكبر مرتبطة بالفيضانات، والأعاصير، والمد والجزر.
ويشير البحث إلى أنَّه سيتعيَّن على الدول كبح جماح انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل أكثر من المتوقَّع سابقاً، للحفاظ على مستويات سطح البحر تحت السيطرة.
و يقول "أسلاك غرينستد"، عالِم الجيوفيزياء بجامعة كوبنهاغن، الذي شارك في تأليف البحث: "هذا يعني أنَّ أهداف الكربون عالمياً لدينا، قد استُنزفت بشكل أكبر".
وأضاف أنَّ الاقتصادات بحاجة إلى خفض 200 مليار طن متري إضافية من الكربون - أي ما يعادل حوالي خمس سنوات من الانبعاثات العالمية - لتظلَّ ضمن العتبات التي حدَّدتها التوقُّعات السابقة.
الجدير بالذكر أنَّ الباحثين قد اعتمدوا في توقُّعاتهم على نماذج الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ التابعة للأمم المتحدة، التي لا يغطي الكثير منها إلا 150 عاماً الماضية.
ومن خلال دمج البيانات التي تعود إلى عدَّة قرون؛ أظهرت الملاحظات الجديدة أنَّه يمكن الآن توقُّع ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار نصف متر بحلول نهاية القرن مع ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 0.5 درجة مئوية فقط.
ومن الممكن أن ترتفع المحيطات أكثر من متر واحد، وترتفع درجات الحرارة بدرجتين مئويتين، لكنَّ هذا المسار الأخير يمكن تجاوزه بسهولة في ظلِّ سياسات المناخ الحالية.
وقال "غرينستد" إنَّ: "النماذج التي نبني عليها توقُّعاتنا لارتفاع مستوى سطح البحر حالياً ليست دقيقة أو حساسة للتغييرات بالدرجة كافية؛ وبصراحة، فهي ليست دقيقة عندما نقارنها بمعدَّل ارتفاع مستوى سطح البحر الذي نراه عند مقارنة السيناريوهات المستقبلية مع الملاحظات، والمتابعات التاريخية".
وتأتي الاستنتاجات في أعقاب تحذير جاء في شهر يناير الماضي، من أنَّ ارتفاع درجات الحرارة أدَّى إلى ذوبان 28 تريليون طن متري من الجليد - أي ما يعادل طبقة جليدية بسمك 100 متر تغطي المملكة المتحدة بأكملها - مما يجعل أسوأ السيناريوهات المناخية أكثر احتمالاً.
وتجدر الإشارة إلى أنَّه يمكن للمنهجية الجديدة الخاصة بتتبُّع تغيُّر مستوى سطح البحر أن تُساعد شركات التأمين، ومطوِّري العقارات، ومخططي المدن في إقامة أنظمة دفاع أكثر اعتباراً لظواهر المد والجزر.
وأضاف "غرينستد": "السيناريوهات التي نراها الآن، فيما يتعلَّق بارتفاع مستوى سطح البحر متحفظة للغاية.
ومن خلال استخدام طريقتنا، يبدو أنَّ مستوى سطح البحر يرتفع أكثر مما كان متوقَّعاً له من خلال استخدام الطريقة الحالية"، مشيراً إلى أنَّ فريقه في معهد "نيلز بور" على اتصال مع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ، فيما يتعلَّق بإدراج نتائجه في تقرير التقييم السادس الذي سيصدر العام المقبل.