عفاف راضي: “الوسط الفني حاليًّا الحلو فيه قليل والأيّ كلام كتير.. ولا يُعرض عليّ أعمال” (حوار)
كتب الموسيقار والمُلحن الشيطان حسب وصف النقشبندي له، بليغ حمدي، شهادة ميلاد صوت جديد ظهر عام 1970، وذلك عبر حفل غنائي كان بطله عبد الحليم حافظ، وكأن بليغ أصر أن يخدم تلك الموهبة حتى يلتقي مسارها بالأضواء، هي عفاف راضي، ذلك الصوت الطفولي الناضج الذي يشعرك بالغربة والحنين في آن واحد، تِلك المطربة التي بدأت مشوارها في عالم الغناء منذ نعومة أظافرها، ولم تكن تعلم أن الطريق طويل ومليء بنجاحات وبصمات مختلفة، لأن الضوء يبحث عمن يبحث عنه، وكان لـ”القاهرة 24″ مع كريستالة الغناء، عفاف راضي هذا الحوار الخاص الذي قررت أن تفتح فيه قلبها لنا، بعد غياب سنوات طويلة عن الأضواء.
عفاف راضي بدأت مشوار الفن منذ نعومة أظافرها.. فمن مكتشف موهبتها؟ والدي هو الذي اكتشف موهبتي وكان عمري وقتها ما يقرب من الـ9 سنوات، وقرر الاهتمام بموهبتي منذ الصغر حتى يستطيع أن ينميها، فالتحقت بمعهد الكونسرفتوار، بجانب برامج الأطفال والمدرسة.
ما الذي اكتسبته عفاف راضي من والدها؟ تعلمت كيف يحب الأب أبناءه ويهتم بهم في سن صغيرة، ويقدر الموهبة التي أعطاها الله لهم، بجانب الإصرار على التفوق وحب النجاح.
سرق الغناء طفولة عفاف راضي أم كانت هناك موازنة بينهما؟ بالطبع لم يكن هناك وقت في تلك الفترة للطفولة، لأني كنت أعود من المدرسة ثم أنتهي من واجباتي المدرسية، ثم أذهب لبرامج الأطفال، والتصوير كان يستغرق ساعات طويلة، كما كنت أذهب لمعهد الكونسرفتوار يومين في الأسبوع، لتعلم الموسيقى والعزف على البيانو.
كم كان عمرك عندما وقفتِ أمام الكاميرا للمرة الأولى؟ تقريبًا كان عمري وقتها 10 سنوات، فأنا بدأت أولا ببرامج الأطفال في الإذاعة ثم التليفزيون، ومثل أي طفلة كانت هناك رهبة في البداية ثم اعتدت على الأمر، وبعدما كبرت وخرجت من مرحلة الطفولة أصبحت لا أستطيع المشاركة في برامج الأطفال.
على يد من تتلمذتِ من الفنانين الكبار بالكونسرفتوار؟ تعلمت الغناء العربي والموشحات على يد الوسيقار الكبير رياض السنباطي، ودرست مع أحد الخبراء الروسيين الغناء الأوبرالي، وبعد مرحلة الإعدادية في المدرسة انتقلت بشكل كامل للكونسرفتوار وأصبحت أدرس وأتعلم الغناء به، وتلك الفترة كانت مهمة بشكل كبير في تنمية وصقل موهبتي.
ما الذي تحتفظين به في ذاكرتك عن بليغ حمدي؟ التعارف بدأ عندما سمع عن طالبة متميزة في المعهد، فأرسل لهم كي يقابلني، وبالفعل ذهبت إليه من أجل الاستماع لصوتي، فغنيت له أوبرا وعربي وموشحات، فأعجب بصوتي وقرر التعاون معي على الفور، وبدأت أذهب إليه باستمرار حتى يتعرف على جميع أبعاد صوتي المختلفة، وكانت أغنية “ردوا السلام” أول أعمالي معه.
وما سبب قيادته لأوركسترا أولى حفلاتك؟ قدمت معه أولى حفلاتي، وهي الحفلة التي غنى بها الفنان عبد الحليم حافظ، وقاد حينها الأستاذ بليغ حمدي الأوركسترا، حيث كان يود أن يبعث رسالة للجميع بأنه يؤمن بموهبتي، خاصة أني ظهرت في زمن مليء بالعمالقة وكنت أنا حينها في بداياتي، ومن الصعب الوصول والظهور بينهم.
هل حدث خلاف بينك وبين بليغ حمدي بسبب رغبته في تغيير اسمك؟ لم يحدث أي خلافات بيني وبين بليغ حمدي، وكل الأقاويل المنتشرة حول ذلك ليس لها أساس من الصحة، والناس “بتفبرك” أي كلام، والموضوع بأكمله أنه اقترح عليَّ أن يصبح اسمي “جميلة” ولكني رفضت وفضلت أن يبقى اسمي كما هو، وانتهى الموضوع على ذلك.
بماذا تفسرين سبب عدم انتشار الغناء الأوبرالي في مصر والوطن العربي؟ الغناء الأوبرالي له جمهوره الخاص، ويُعلَّم في المعاهد الموسيقية كنوع من الثقافة، وتنمية الأصوات والتدريب على أكثر من تكنيك، وعدم انتشاره نتيجة نشأتنا، حيث إننا تربينا على الغناء الشرقي العربي، وبالتالي رواجه أكثر بشكل كبير، بينما الغناء الأوبرالي يذهب إليه من وجد أسرته تذهب إلى الأوبرا وتربى على ذلك.
أين عفاف راضي من الساحة الفنية في الوقت الحالي؟ ليس هناك أسباب بعينها وراء اختفائي، فمعظم الذين أعرفهم رحلوا عن عالمنا، وأنا متباعدة بدون سبب، وحاليا الإنتاج والشكل العام للفن تغير، فلا يعرض علي وعلى أمثالي أعمال فنية، فكل من يود الآن الظهور ينتج لنفسه.
حدثينا عن تجربتك مع الأخوين رحباني؟ الأخوين رحباني كانا يودان تنفيذ عمل غنائي كبير في مصر، ففكرا في عمل مسرحية أغني بها وتكون من بطولتي، وقدمت معهما العديد من الألحان المميزة والناجحة، ونالت المسرحية إعجاب الجمهور.
رأى البعض أن الرحبانية حاولوا استنساخ فيروز في مصر ووقع الاختيار عليكِ.. ما ردك على ذلك؟ تلك الأقاويل مجرد “أي كلام”، وليس هناك علاقة بين اختيارهم لي لتقديم تلك المسرحية والفنانة فيروز، فأنا قدمت العمل بطريقة مختلفة عما قدمته فيروز من قبل، وتعاونت حينها مع أمل دنقل، الذي لعب دورًا كبيرًا في تمصير ذلك العمل، وبالفعل قدمته بشكل جيد، ويحسب لي في مشواري بالمسرح.
سبق وأعلنتِ عن مشروع غنائي للأطفال.. فما مصيره؟ بالفعل فكرت في عمل شريط فني للأطفال، وأتعاون به مع شوقي حجاب والموسيقار هاني شنودة، وخلال الفترة المقبلة سنلتقي ونستكمل العمل على ذلك المشروع، من أجل طرحه في أقرب وقت.
ما رؤيتك للمناخ الغنائي والفني في مصر حاليًا؟ اللي بيغنوا كتير أوي لكن الحلوين قليلين، والتميز والفن الراقي الحقيقي قليل جدًا، إنما الأي كلام كتير، والمناخ الغنائي ليس في أفضل حال.
هل تُجيدين التعامل مع السوشيال ميديا؟ أجيد التعامل معها بشكل كبير، وهي جميلة ولكنها تأخذ الكثير من وقتي، ففي البداية كنت أتشاجر مع ابنتي بسبب استخدامها المفرط لها، حتى أصبحت أنا مثلها، فأتابع برامج الطعام والفن والسياسة.
لجأ العديد من الفنانين للحفلات الأونلاين في ظل كورونا.. ألم تفكري في القيام بمثل تلك الحفلات؟ لم أفكر في ذلك وهي تجربة رائعة من أجل الترويح على الجمهور، وكانت آخر حفلاتي العام الماضي في سوريا، وغنيت حينها العديد من الأغاني الناجحة الخاصة بي.
هل تتابعين برامج اكتشاف المواهب الغنائية؟ بالطبع تابعت الكثير منها، ويظهر بها العديد من المواهب الرائعة، ولكن لي بعض الملاحظات عليها.
وما تلك الملاحظات؟ تختفي المواهب بمجرد انتهاء البرامج، لأنه لا يوجد من يهتم بتلك المواهب حتى النهاية، فكل موهبة تحتاج لجهة حتى تستكمل معها المشوار الفني وتوجهها للمسار الصحيح، وهدف تلك البرامج عمل حلقات ناجحة تستقطب أكبر قدر من الجمهور وتحقيق مشاهدات، ولكنها لا تتبنى تلك المواهب.
هل تستمعين إلى المهرجانات الشعبية أم تمتنعين عن ذلك؟ لا أرفض شيئًا ولكن تلك النوعية لا تصل لي، وأسمعها بالصدفة، ولكنها أغانٍ وقتية تأخذ فترة ومن بعدها تختفي وتزول، وأكرر “اللي بيغنوا كتير والحلو قليل”.
ورثت ابنتك منك صوتًا رائعًا.. فلماذا لم تحقق انتشارًا واسعًا حتى الآن؟ هي موهبة ما زالت تحاول، ولم تدخل عالم الغناء بشكل كبير، فلها بعض المحاولات في عالم الغناء، وهي تخرجت في الجامعة الأمريكية، ودرست بالأوبرا لفترة، وحاليًّا ما زالت في البداية.
مَنْ مِنَ الفنانين ما زالوا على تواصل معك حتى الآن؟ لا يوجد أحد نهائيًا، فمعظم أصدقائي وعشرة عمري، أصبحوا غير موجودين ورحلوا مثل بليغ حمدي ومنير مراد، وذلك سبب من أسباب ابتعادي لأنني لا أعرف أحدًا من الموجودين حاليًّا على الساحة.