بعيدًا عن التماثيل والشوارع.. نجيب محفوظ يطرح طريقة غير تقليدية للاحتفال بيحيى حقي
تحل اليوم ذكرى ميلاد الكاتب الكبير يحيى حقي المولود في مثل هذا اليوم من عام 1905، وقد ارتبط حقي بصداقات حميمة مع أبناء جيله، والجيل التالي له، فضلا عن ريادته وأستاذيته للأجيال التالية حتى الآن، وبهذه المناسبة نقف على ما قاله نجيب محفوظ عن يحيى حقي عندما يتذكره بعد رحيله في تقديمه لكتاب "رسائل يحيى حقي إلى ابنته" وكيف طرح محفوظ طريقة غير تقليدية للاحتفاء بحقى.
وما جاء في مقدمة الكتاب:
"على قلة ما أبدع الأستاذ يحيى حقي فإن كل آثاره تبقى مرشحة للبناء والخلود، فمجموعاته القصصية القصيرة على تلتها كانت كلها "نقاوة"، تبقى ما بقي الأدب يُقرا، وحين يُؤرخ لتاريخ الأدب وكتابه خلال الفترة التي عاشها الأستاذ يحيى حقي، سيكتب عنه ضمن من أبدعوا في أكثر من مجال، فهو سوف يذكر بین کتاب المقالة، كما سوف يذكر بین کتاب النقد، وفي القصة القصيرة سيذكر أجمل ذكر.
وإذا كان الأستاذ حقي قد غاب بجسده عنا، فإن أعماله لا تغيب، وقد بقي أثرها في نفسي لا يمحى أبدا، وعلى المستوى الإنساني أشعر من ناحيته دائما بشعور طيب جميل لا يتغير أبدا.
يضيف محفوظ: أما حياته فقد كانت بالنسبة لي ثروة كبيرة، وكانت وفاته خسارة أكبر، ولا أخفي عنك أنه كان من الناس الذين حزنت عليهم حزنا شديدا جدا، فقد كان صديقا لا يعوض. نزيه الفكر، صافي القلب، بسيطا ممتعا في كتاباته وأحاديثه، صاحب روح ساخرة ونكتة بارعة، وفكر مستنير، ولذلك يجب الاحتفال به بطريقة غير تقليدية وأنا لي طريقة خاصة في الاحتفال بذكرى الراحلين، بعكس ما يتردد عن تمثال يقام، واسم يطلق على معهد أو شارع، ومثل هذه النوعية من التكريم ليس لي اعتراض عليها، ولكنها مع احترامي لا تمثل إحياء للذكرى، لأنك عندما تطلق اسم يحيى حقي على شارع سيصبح يحيي حقی بعد جیل أو جیلین، شارعا، مثلما نقول شارع "نوبار" ولا أحد يعرف من هو "نوبار"، ولكن ما أطالب به بالنسبة للأستاذ يحيي حقي هو جمع مؤلفاته الكاملة، فهو الذي يستحق ذلك أكثر من آخرين تجمع مؤلفاتهم الكاملة، وهم على قيد الحياة، وربما كانوا في أواسط العمر، وهذه مسألة غريبة، ولكنها أولى وأليق وأحق بأديب كبير مثل يحيى حقي، فتجمع أعماله كلها في مكان واحد خوفا عليها من التشتت والضياع بحيث تكون موجودة في المكتبات العامة والخاصة وهذا خير احتفال نحيي به ذکری صاحب القنديل الذي سيظل يضيء حياتنا كمشعل استنارة دائم.