ابتعدوا عن الطبيعة.. تعرف على خصائص الفنون الإسلامية
استطاعت الحضارة الإسلامية أن تتفاعل مع غيرها من الحضارات، وتنقل عن فنونها لكنها لم تتوقف عند النقل بل ابتكرت ألوانا خاصة بها من الفنون تميزه وتطبعها بطابعها الخاص وحسب الدكتور زكي محمد حسن في كتابه "في الفنون الإسلامية" هناك بعض الخواص التي اتسمت بها الفنون الإسلامية، ومنها:-
1- كراهية الفراغ
وتتجلى في ميل الفنانين المسلمين إلى تغطية المساحات، وهربهم من تركها بدون زينة أو زخرفة، فإن من أكثر ما يلفت النظر في العمائر والتحف الفنية الإسلامية ازدحام الزخرفة وكثرتها واتصالها حتى تغطي المساحة كلها أو جزءا منها؛ ولذا كانت الفنون الإسلامية فنونا زخرفية قبل كل شيء، وكانت فضلا عن ذلك أعظم الفنون خصبا في الزخرفة، ويعبر الغربيون عن هذه الظاهرة في الفنون الإسلامية بالاصطلاح اللاتيني Hror vacui أي الفزع من الفراغ.
2- الزخارف المسطحة
فالنتوء والبروز نادران في الرسوم الإسلامية؛ إذ انصرف الفنانون عن التجسيم إلى تغطية المساحات برسوم سطحية، ولكن التلوين والتذهيب خففا من وطأة هذا النقص.
3- البعد عن الطبيعة
لم يعمل الفنانون المسلمون على صدق تمثيل الطبيعة بقدر ما كانوا يرسمون الأشياء كما يصورها لهم خيالهم، فطفت على فنونهم الاصطلاحات والأوضاع المبتكرة، ولعل هذا البعد عن الطبيعة ناتج من أن الإسلام ورث التقاليد الفنية البيزنطية، بعد أن كانت بيزنطة نفسها- بتأثير المسيحية- سارت في الاتجاه الذي أتمه الإسلام بعدها، وهو البعد عن الدقة في تمثيل الطبيعة، والتخلص من تقاليد الفن الإغريقي في هذا الصدد، فالمعروف أن الفن البيزنطي فقد جزءا كبيرا مما كان في الفن الإغريقي من تمثيل الأشياء كما هي بدون غلو ولا تجميل، فلما جاء الفن الإسلامي سار في الطريق نفسه، وكان نفور المسلمين من تقليد الخالق أكبر مشجع على عدم الرجوع إلى الأساليب الفنية الإغريقية القديمة.
4- التكرار
فالمُشاهد أن الموضوعات الزخرفية تتكرر على العمائر والتحف الإسلامية تكرارا يلفت النظر، فالموضوعات التي يرسمها المصور الفارسي في المخطوطات، وفي الزخارف الهندسية التي تعم التحف الخشبية في العصر المملوكي، وفي زخارف الخزف الفارسي والتركي والفاطمي، وفي الزخارف التي تسود العمائر الإسبانية المغربية، وفي سائر التحف الإسلامية على الإطلاق.
وهناك بعض الرسوم التي اعتدنا رؤيتها في الفنون الإسلامية: الأرابسك - الرسوم الهندسية - الحيوانات المتواجهة أو المتدابرة وقد يكون بينها شجرة الخلد الفارسية (هوما) الطيور، ولا سيما الطاووس والأرنب وقد يكون في منقار الطائر فرع نباتي ينتهي برسم وريدة أو ورقة نباتية، إناء يخرج منه جذع يتفرع إلى اليمين واليسار، النسر وقد يكون له رأسان كالنسر الذي أصبح رئگا، أو شارة لسلاطين السلاجقة في القرن الثاني عشر، ثم اتخذه من بعدهم قياصرة الدولة الرومانية المقدسة في القرن الرابع عشر، السلطان على عرشه وإلى جانبه بعض أتباعه كما يرى في الصور الفارسية وعلى الخزف ذي الألوان المتعددة من صناعة مدينة الري في إيران.