"راقصة الباليه" قصة قصير للكاتبة عبير عزاوي
توقف عن لمسي، منذ تزوج وأحضر هذه المتعجرفة .
كم اشتقت لأن يمرر أصابعه على جسدي فتسري تلك القشعريرة اللاهبة في أوصالي و يجتاحني طوفان الارتعاش اللذيذ .
روائح العطر تفوح هذا المساء يرافقها أنغام موسيقا حالمة تنبعث من زاوية الغرفة ؛ إضاءة خافتة ويداه تعبثان بأزرار فستانها الأصفر ؛ مضى على زواجهما شهر كامل ؛ يخرجان للسهر كل ليلة ؛ يعودان منهكين ؛ يحاول احتضانها ؛ تدفعه بحزم؛ وتستغرق بنومها ؛ و يقضي هو ليله أرقاً .
كم أتمنى لو أقوم بقفزة واحدة أطير، ثم أحط على طرف الفراش وأنسلّ إلى داخل جسدها الهامد .
كم أتحرق لتلامسني أصابعه؛ تيار من لهب راعش يسري في ذراتي .كيف يمكن أن أسكن في جسدها؟!
طغت الفكرة في رأسي، استحوذت عليّ وأخذت تطفو على ماحولي وتشيع هالة داكنة من توجس ؛ حينها امتدت يده لتلامس ظهرها، فتحت عينيها وشهقت ؛ ارتعد جسدها وتشنجت أطرافها.
تمنيت أن تتحطم عظامها تحت وطأة الثقل الذي يزيد بمرور كل لحظة، بالشد والجذب بين طوفان رغبته الجامح وبين سكونها .
نهضت متثاقلة على نفسها ؛ مبتعدة عن جسده الضاج باللهفة ؛ قاوم ابتعادها؛ لكنها نجحت في ايقاف فورته .
دخلت الحمام، متمايلة بجسدها اللدن الذي أبغضه؛ يتسلل إليّ صوت انسكاب الماء، ممزوجاً بصوت نشيجها .
يدور هو في الغرفة متوقداً، غارقاً في الهالة القاتمة للغضب، يلف حول السرير يضرب الوسائد بالأرض ؛ هاهو يقترب من الرف يركز عينيه على جسدي المشدود بخفة صلبة؛ يسري فيه ارتعاش جديد
بادئاً من مفرق رأسي إلى إصبع قدمي الذي أقف عليه، أرفع ذراعي فوق رأسي أمسك معصم يدي اليسرى بيدي اليمنى ويلامس باطن قدمي اليمنى ساقي اليسرى، وأمشق جسدي البلوري النحيل لتمر منه ذرات الضوء عندما أرقص .
وأكثر ما يكون اشتعالي عندما .يسحب يده إلى جانب العلبة يدّور المفتاح عدة دورات فأبدأ دورة جديدة ما إن يتوقف المفتاح ؛ تنساب موسيقا بحيرة البجع ؛أخرج من منتصف العلبة؛ أدور راقصة في مسار دائري حولها، بينما عيناه تتأملان دوراني فأكاد أقع .
أنتظر لمسته؛ آه.. ليته يدّورالمفتاح لأخرج إلى دائرة رقصي ؛ سأرقص له أجمل ماعندي . يده تمتد؛ تحوم حولي تتوقف ؛ تحوم أسرع ؛ ثم تهوي على الرف فتنثر مافيه في أرجاء الغرفة . ويمسك هو بيده التي جُرحت وسالت دماؤها .
و على صوت التحطم، خرجتْ مسرعة، الماء يقطر من شعرها وجسدها ؛ويبلل الأرض مع كل خطوة من خطواتها المتحفزة . تغمض عينيها ؛ تمشي على أطراف أصابعها ،تلف نفسها بلحافها وهي ترتعش ؛ وتحكم إطباق الغطاء حول جسدها المبلول. وهو يقترب بحزم من تخومها .
على أرضية الغرفة تمتزج قطرات مائها بقطرات دمه، تتبعثر شظايا جسدي الزجاجية مطحونة باللوعة، شظية صغيرة فقط تتجه الآن إلى قلبه.
* عبير عزاوي - كاتبة سورية