بسبب كورونا.. صالون “رفاعة الطهطاوي” يناقش ثقافة الاختلاف بالفيديو كونفرانس (صور)
عقد صالون “رفاعة الطهطاوي” الثالث وتناول قضية ثقافة الاختلاف، وذلك بمشاركة مجموعة من المثقفين والباحثين والصحفيين والسياسيين، عبر تقنية الفيديو كونفرانس بسبب الظروف التي فرضتها أزمة كورونا.
وفي افتتاحه الصالون أكد عبدالحافظ بخيت متولي مدير إدارة النشر بالهيئة العامة لقصور الثقافة ومدير الصالون، أن هنالك فرق كبير بين الاختلاف والخلاف، وأن الاختلاف والتنوع هي سمة وحكمة موجودة بطبيعة الحال بوجود البشر، وأن هذا الاختلاف لا يقتضي بالضرورة التشاحن والشد والجذب، بل يجب إدارة هذا الاختلاف واستيعابه وتقبله والتعايش معه وفق ضوابط محددة، وأشار إلى أن الاختلاف الذي كان يحدث بين المثقفين الكبار كان ينعكس بشكل ايجابي على الفكر والثقافة العربية، وأكد على أننا في مصر بحاجة إلى اختلاف يؤدي إلى التطور لا إلى الاقتتال.
أما “طلعت آدم” الأستاذ الجامعي بدولة الإمارات العربية المتحدة، فقد أشار إلى أن هذه القضية شديدة الأهمية، خصوصا منذ اندلاع ثورات الربيع العربي في 2011 والجدل والقضايا التي أثيرت بعدها، وهو ما يعزز الحاجة إلى ضرورة غرس هذه القيمة، من أجل أن يستطيع الجتمع تقبل بعضه البعض واستيعاب اختلافاته وتنوعه.
وفي كلمته أشار “كرم عيسى” الباحث في الشريعة الإسلامية، إلى أن هنالك تصورا مغلوطا نشأ نتيجة انتشار وتنامي التيارات المتطرفة وتغييبها لوعي الناس، هذا التصور يتمثل في أن الإسلام دين يتعارض والتنوع والاختلاف وقبول الآخر، وهو التصور المغلوط والغير صحيح مؤكدا أن الإسلام أرسى منذ البداية مبادئ التنوع والتعدد، وضرب أمثلة من التراث أكدت على هذا المعنى.
أما “ياسر عمر” المهتم بالشأن الثقافي، فذهب إلى أن هنالك نوعين من الاختلاف، اختلاف يقوم على المنطق والعلم وهو الاختلاف المحمود والمطلوب، واختلاف يقوم على العاطفة والتعصب لفكرة معينة وهذا يكون نتاجه الخلاف والتشرذم والاستقطاب، وأكد على ضرورة قيام المنظومة التعليمية بدور في تنشأة الطلبة على هذه القيمة.
ثم ذهب “محمد عمر أبوزيد” رئيس نادي أدب شطورة بمحافظة سوهاج، إلى أن مجتمعاتنا تردد مقولة أن الاختلاف لا يفسد للود قضية دونما إعمال حقيقي لهذه العبارة وتطبيق لها، فبمجرد الاختلاف في الرأي يشهر كل شخص الأسلحة التي يملكها ضد المختلف معه، ويتحول الاختلاف من كونه قيمة يجب البحث عنها إلى حرب واقتتال، وأكد على ضرورة لعب كافة الفاعلين في المجال الثقافي دورا أكبر في عملية صناعة الوعي وترسيخ هذه الثقافة التي تساعد على قبول الرأي والرأي الآخر. وفي كلمته ذهب “عمر الأصمعي” المحامي بالنقض والإدارية العليا وأمين عام حزب الحرية المصري بحدائق القبة، إلى ضرورة بحث المجتمع وكافة الأطراف عن القواسم المشتركة وهي كثيرة، خصوصا وأن بعض الفئات في المشهد السياسي منذ 2011 وحتى اليوم أصبحت تحول خلافاتها مع بعض الفاعلين السياسيين إلى خلاف مع الوطن ومع الدولة وهو القاسم المشترك الأكبر بين كل أبناء الوطن والخط الأحمر الذي يجب ألا نعلي أي شيء عليه، وهو ما أرجعه لغياب المعرفة والوعي الكافي وغياب ثقافة الاختلاف وهو ما عكسته حالة الاحتراب والجدل التي نراها على السوشيال ميديا.
أما “محمد فوزي” الباحث في العلوم السياسية وعضو مؤسسة شباب المتوسط للتنمية، فقد ذهب في كلمته إلى أن ثقافة الاختلاف هي ما يميز المجتمعات المتحضرة عن غيرها من المجتمعات الهشة، وأن غياب هذه الثقافة واندثارها في مجتمعاتنا مرجعه الرئيسي يرتبط ببعدين، الأول ما يتصل بفكرة بناء الإنسان والثقافة الديمقراطية وغياب هذا الملف المهم عن أولويات النظم السياسية منذ عقود، والثاني مرتبط بظهور وانتشار التيارات الإسلامية والمتطرفة وما تقوم عليه من أفكار تدعي امتلاك الحقيقة المطلقة وتشيطن وتبدع وتكفر الآخر المختلف معها ومن يقع خارج دائرتها.
وفي كلمته أشار “سامي عبدالراضي” مساعد رئيس تحرير الوطن، إلى أن الاختلاف هو حق مشروع لكل شخص ولكن وفق ضوابط وأسس معينة، بما يضمن سير أي حوار في اتجاه اختلاف محمود دون وجود منطق القوة الذي يستخدم لفرض وجهة نظر معينة، وأكد على أن بعض الشخصيات التي تتصدر المشهد في الإعلام أو الساحة الرياضية أو البرلمان أو غيره تخرج في بعض الأوقات عن هذا الاتجاه وعن مقارعة الحجة بالحجة، والالتزام بآداب الحوار، مما يصدر للناس صورة سيئة تؤكد افتقادنا لهذه الثقافة، كما اقترح وطالب بتدريس محتوى تعليمي للنشئ والطلبة يرسخ في نفوسهم ثقافة الاختلاف ويجعلهم ينشأون عليها، هذا فضلا عن ضرورة تبني الأسر لنهج في تعاملهم مع أبنائهم يساعد الأبناء على طرح وجهات نظرهم بحرية دون إكراه أو خوف وهو ما يساعد في تنشأتهم على هذه الثقافة.
ثم جاءت كلمة “محمود عبدالراضي” نائب رئيس قسم الحوادث بجريدة اليوم السابع، ليؤكد أن الاختلاف تم استبداله بالخلاف، بل وصل الأمر في معظم النقاشات إلى التطاول والبذاءة، بدلا من النقاش الذي يعلي من القيم ويستهدف الوصول إلى الحقيقة، فكل شخص يدافع بعصبية عن فكرته حتى وإن كانت خطأ وتأكد من ذلك، وأشار إلى أن فهمه للشريعة الإسلامية أنها رسخت لهذه القيمة العظيمة وهو ما رأيناه على امتداد التاريخ الإسلامي، وأكد أن المؤسسات الثقافية والإعلامية عليها دور عظيم في الترسيخ لهذه الثقافة من خلال عقد الفاعليات المختلفة التي تؤصل وترسخ لهذه القيمة. وفي سياق متصل أكد “أحمد إبراهيم القاوي” المهتم بملف التيارات الإسلامية، أن الاختلاف سنة كونية، وأكد أن التيارات الإسلامية هدمت فكرة الاختلاف، وذلك من خلال تحويلهم أي اختلاف عادي إلى صراع بين الحق والباطل، هذا فضلا إلى محاولاتهم الدائمة هدم المرجعيات، هذا فضلا عن افتقاد خطابهم للعقل والمنطق خصوصا في فهم النصوص والتعامل معها، وتوظيفهم الدين في السياسة بما يخدم مشروعاتهم وأطروحاتهم، وهي الأمور التي تقتضي إعادة بناء العقول وتصحيح المفاهيم والتكريس لثقافة الاختلاف.
واختتم “عبدالناصر حسانين” أحد الشباب المهتم بالثقافة والمعرفة الصالون بالحديث عن دور البيئة والمنشأ في البناء الثقافي والفكري لكل شخص وفرد في المجتمع ونظرته للحياة وللأمور وتعاطيه معها، وهو ما يجب أن ينتبه إليه أفراد المجتمع ويتقبلوه بما يضمن وجود محاولات لاستيعاب هذا الاختلاف وتقبله، فالأفراد في الغالب ليس لهم دور في اختيار هذه البيئة وهذا المنشأ، وأاشار إلى أن كافة الأفكار والأطروحات التي تدخل في إطار حقل العلوم الانسانية والاجتماعية هي في النهاية منتج بشري لا يجب أن نضفي عليها صفة التقديس مما يحول دون حدوث أي نقاشات حولها ولكن بالضرورة يجب أن يكون هذا الاختلاف والنقاش وفق ضوابط منهجية ومنطقية معينة، واختتم كلمته بالدعوة إلى الاختلاف وضرورته وعدم المزايدة على الناس فيما يعتقدون من آراء طالما ابتعدت آرائهم عن التكفير والإرهاب.