"سيرته أطول من عمره".. "حسناء" تمد في سيرة والدها بموهبة الرسم التي ورثتها عنه (صور)
حسناء إسماعيل سالم، 23 سنة فتاة موهوبة من قرية أبوصير الملق مركز الواسطى محافظة بني سويف، تخرجت في كلية التربية الإنجليزية بجامعة بني سويف.
أنعم الله على حسناء بوالد فاضل وكما يقال "البنت حبيبة أبيها" كانت حسناء صديقة أبيها وتتابعه في كل شيء وتحاول تقليد ما يفعله، وكان الحاج إسماعيل يعمل "خطاطًا" فكانت حسناء تترقب يد أبيها وهي تعلو وتنحني لتخرج لوحة فنية جميلة تحمل طابع خط أبيها المميز، وحاولت تقليده كالعادة في عدد من المرات.
وفي العام الأول الابتدائي لحسناء بدأت أن تكتب وترسم مثل أبيها.
تقول حسناء لـ"القاهرة 24": "برسم من وأنا في أولى ابتدائي كنت دايما بحب أقعد مع بابا وهو بيكتب أو بيرسم واحدة واحدة اتعلمت" وكانت بدايتها تخط على الأوراق بالقلم الجاف.
ثم بدأت في تطوير طرق كتابتها بأقلام الخط ثم أقلام البوص واللوح ولا زالت تتعلم الكتابة على اللوحات بمختلف أنواع الأقلام الأخرى، حصلت حسناء على العديد من الجوائز والمراكز على مستوى المركز والمحافظة التابعة لها، كما أنها أهلت لمسابقة على مستوى الجمهورية ولكن لم ينصفها الحظ على آخر لحظة وقررت الاشتراك مرة أخرى وعدم الانهزام.
وفي الصف الثالث الثانوي توفى الأب والملهم والصديق المخلص، فانتكست حسناء وتركت كل شيء خلفها، فكل شيء بدون أبيها لا يعني لها شيء، وبعد فترة قررت حسناء أن تعظم اسم أبيها وتعود عودة أقوى مما كانت عليها وأن تستمر ليرى الناس عملها ويذكرون أبيها بالدعاء له بالرحمة والمغفرة فتقول حسناء "بابا كان أقرب حد ليا ويعتبر بعد ما اتوفى ملقتش حد يحبني قده فأنا بحمد ربنا إني ورثت منه الهواية دي عشان الناس تشوف شغلي وتفتكر بابا ويدعو له بالرحمة"، وحقًا عادت حسناء حاملة صرخة في قلبها ذات معنيين أولهم صرخة على فراق الأب ثانيهم صرخة قوة وحماس لتمجيد اسم أبيها.
وبعد ذلك نهضت حسناء وقامت بالرسم بالقلم الرصاص، وأبدعت في الرسم الديجيتال، ورسم الزخارف على الحائط سواء بالرسم على الحوائط بالمنازل أو بالرسم على أسوار المدارس"كنوع من أنواع عمل النقاشة"، وأيضًا بالرسم على الملابس، كما تستطيع الكتابة بالحفر على لافتات المقابر، وبإمكانها عمل "الفويس أوفر" أو تسجيلات صوتية على مشاهد كرتونية وقول الاقتباسات باللغة الانجليزية على مقاطع فيديو، ذلك بجانب مهارتها في صناعة الأعمال اليدوية، وأوضحت حسناء أنها تعلمت الرسم بذاتها ولم يسبق لها أن أخذت أي حصص تعليم للرسم بل اعتمدت على نفسها وعلى تعليم والدها لها فقالت " بابا كان بيرسم بردو بس بسيط علمني اللي هو يعرفه عن الرسم وبعدين أنا اتعلمت ذاتي كده مع نفسي من غير كورسات أو يوتيوب أو كل ده الحمدلله".
كما أشارت إلى بعض الصعاب التي واجهتها بسبب المجتمع الريفي المنغلق الذي يرفض عمل المرأة والذي تظل الناس فيه تتحدث عن الفتاة بالسوء ولا يعيرون انتباههم للجزء المفيد من الموضوع وهو الفن الذي تقدمه حسناء وهذا ما يجعلها ترفض الكثير من فرص العمل الجيدة لها وأوضحت قائلة "أكتر حاجه واجهتني إن إحنا في قرية ومش متعودين إن بنت تشتغل و الرسم على أسوار المدارس كانوا الناس بيتلموا حواليا ومفكرينها حاجة غريبة إن بنت تشتغل في المجال ده والرسم في البيوت صعب شوية عشان مش بدخل ارسم في أي بيت وخلاص كلام الناس طبعا زي إيه يوديها البيت ده وده وفيه رجالة وحجات زي كده ف بيجيلي الشغل وبضطر أرفض إلا لو ناس مقربين واعرفهم بروح واخد اخويا معايا".
العلاج بالفن.. كيف يساعد الرسم في التخلص من القلق؟
وبالرغم من هذه المعوقات لم تستسلم حسناء وظلت تستكمل مشوار أبيها ولم تتبع معايير المجتمع الهدام، واستطاعت أن تجد لكل موقف ثغرة تمكنها من تفاديه فمنعًا لكلام الناس أصبحت تأخذ أخيها معها، حتى تصل لمرادها، ووجهت حسناء نصيحة لكل الفتيات تقول فيها "طول ما انتي ماشية ف طريقك مظبوط متهتميش بأي حاجه تتقال عليكي واعملي إللي نفسك فيه وإللي انتي ناجحه فيه بغض النظر عن اللي هيتقال"، أما عن أمنياتها فقالت "نفسي بابا يكون فخور بيا وأفتح كاليجرافي بالمحافظة"، وإلى هنا نختم بذكر الأب الراحل بالدعاء بالرحمة والمغفرة، فإنه إذا صلح الراعي صلحت الرعية حقًا وحسناء نموذج إيجابي لكل فتاة بداخلها موهبة مكبوتة بسبب معايير المجتمع المنغلق.