عباس شومان: من أخفى إصابته بكورونا وأصاب غيره فهو "آثم"
قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الأسبق، إن الالتزام بالضوابط والتعليمات المقدمة من جهات الاختصاص أمر واجب دون تردد، مشيرا إلى أن مخالفتها "إثم".
وأوضح خلال إلقائه خطبة الجمعة اليوم، من الجامع الأزهر، تحت عنوان "الإسلام وإدارة الأزمات": "نعلم جميعًا أنه حل بالعالم جائحة خطيرة، ولا زالت حسابات العالم مرتبكة، تحاول جاهدة استخدام كافة الوسائل للحد من خطر هذا الوباء، ولما كنا ننتمي إلى الأمة الخاتمة التي لها دستور نزل من السماء فيه تفصيل كل شيء، ونمتلك بين أيدينا سنة خاتم الأنبياء "صلى الله عليه وسلم" الذي لا ينطق عن الهوى، ولما كان سلفنا الصالح ما تركوا شاردة ولا واردة إلا وفسروا القول فيها، فقد أصبحنا على بينة ومنهج واضح في التعامل مع هذه الأزمات والجوائح، والمسلم صحيح الإيمان والعقيدة يلزمه أن يتعامل مع هذه الأزمات تعامل يتفق مع شرع الله ومستمد من كتاب الله وسنة رسوله".
وأشار إلى أنه لا يجب أن نضيع كثيرًا من الوقت للبحث في أسباب هذه الجائحة وهل هي بلاء أم مكيدة بشرية؟، لكن ما علينا هو أن نتلمس كيفية الاستفادة من هذا الابتلاء، وأولها: الإيمان والتسليم بقدرة الله، فما زالت البشرية حائرة في تفصيل كل ما يتعلق بهذا الفيروس، وما هي أسبابه وكيف ينتشر بين الناس؟، وما هو العلاج المناسب له؟، الكل يجتهد وليس هناك حقائق مؤكدة إلا ما هو في علم الله، والأمر الثاني: بأن نراجع ما نحن عليه من سلوك لاسيما وأنه يتخطف الناس من بين أيدينا، لكن مع علمنا أن الموت حقيقة، يفترض على العقلاء أن يتصالحوا مع الله ومع البشر وليس ذلك معناه أن نظل في انتظار الموت، لكن عقيدة المسلم تفرض عليه أن يأخذ بالأسباب ويتوكل على الله وأن يتحوط ويعمل بكل طاقته.
وأضاف أن هذه الجائحة ليست شر محض؛ بل فيها كثير من الخير، فمنها العظة والاعتبار وتصحيح المسار مع الخلق والخالق، ومنها ترسيخ لقدرة الله- عز وجل-، فهذا الذي لا يرى بالعين المجردة قد حير العالم، وهذا دليل على قدرة الله فاعتبروا يا أولي الأبصار واعلموا أن في المصائب فوائد؛ "فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ يشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ فِي الطَّاعُونِ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابرًا مُحْتَسِبًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ".
ولفت شومان إلى أن التعامل مع هذا البلاء يمكن أن تنال به أجر الشهادة وإن لم يصبك أصلًا، ففي الصبر عليه والتعامل معه كما وجهنا شرعنا الحكيم أجر عظيم، وقد كان شرعنا الحكيم أول من وضع الإجراءات الاحترازية لتخفيف وطأة الوباء، كما تعامل النبي مع الطاعون، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم عندما ذكر الطاعون عنده أنه قال "رجزٌ أُصيبَ بِهِ مَن كانَ قبلَكُم، فإذا كانَ بأرضٍ فلا تدخُلوها، وإذا كانَ بِها وأنتُمْ بِها فلا تخرُجوا مِنها"، وهذه هي الترجمة الحرفية للحجر الصحي، وكان النبي أول داعٍ بهدي من ربه، لذلك يلزم المسلم حقيقي الإيمان أن يلتزم بالضوابط والتعليمات المقدمة من جهات الاختصاص دون أن يفكر فيها أو يتردد، فالامتثال إليها واجب، ومخالفتها إثم، ومن لم يطبقها فأصيب كان مسؤولًا أمام الله لأنه فرط ولم يأخذ بالإجراءات.
ووجه نصيحة، لمن أصيب بهذا الوباء؛ أن يعزل نفسه عن أهله وعن الناس، حتى لا يضر غيره، ومن أخفى إصابته فأصاب غيره فهو آثم، لأن إسلامنا أمرنا بأن نكف آذانا عن الناس تطبيقًا لقاعدة شرعية "لا ضرر ولا ضرار"، فهناك الكثير من التقصير والإهمال الذي نلحظه جميعًا في كل مكان، رغم تأكيد الجهات المختصة على أن الخطر كبير، ولعلكم تشعرون بهذا في الإجراءات التي تتخذها بين آن وآخر، وهو ما يعكس المتابعة الحثيثة لتفاقم الجائحة والعمل على الحد من انتشارها، وكان آخرها قرار تعليق الدراسة واستبدالها بالتعليم عن بعد، للحفاظ على أبنائنا وعلى جميع القائمين على المنظومة التعليمية.
وختم خطيب الجامع الأزهر، بتوجيه الشكر لجميع القائمين على متابعة تلك الجائحة والعمل على مواجهتها والحد من انتشارها، وبخاصة جيش مصر الأبيض الذين يحملون أرواحهم على أكفهم فداء لأهلهم، موجهًا التهنئة للمصرين بالعام الميلادي الجديد.
أخطر الأعوام على المسجد الأقصى.. مرصد الأزهر: سوابق تاريخية للمستوطنين المتطرفين في 2020