العرض والطلب يتحكم في الأرواح.. نقص الأكسجين بين صرخات المرضى وجشع التجار
ساعات طويلة من الرعب عاشتها مروة قدري بعد إصابة أسرتها بالكامل بمحافظة البحيرة بفيروس كورونا المستجد، حيث بدأت في تطبيق إجراءات العزل المنزلي لوالديها، لكن سرعان ما تدهورت حالتهما الصحية إثر عدم تمكنها من توفير أسطوانات الأكسجين لارتفاع سعرها.
تقول مروة قدري لـ"القاهرة 24" إنها اضطرت لنقل والدتها لمستشفى الإسكندرية الدولية لتلقي العلاج يومين بتكلفة 40 ألف جنيه، ولارتفاع التكلفة دخلت مستشفى العجمي بالإسكندرية، وفوجئت بانقطاع الأكسجين عنها بعد أول ربع ساعة، ما أدى لتدهور حالتها الصحية ودخلت العناية المركزة وذلك لانخفاض ضغط الأكسجين بالمستشفى. العرض والطلب
الأمر لم يختلف عند والدها كثيرا، حيث ذكرت "قدري" أن والدها دخل مستشفى صدر دمنهور بنسبة 72% أكسجين وهو ما كان يستلزم وضعه في العناية، ولكن تم وضعه مع 6 أفراد في غرفة واحدة ما زاد فى تدهور حالته الصحية، واضطرهم لنقله لمستشفى خاصة، ولكن مع ارتفاع تكلفة الإقامة بمستشفى العزل فإنها لم تجد حاليا إلا البحث بكل السبل لتوفير أسطوانات الأكسجين بتكلفة أقل للعلاج بالمنزل.
تواصلنا مع عدد من التجار لمعرفة أسباب تفاقم الأزمة وسبب هذا الارتفاع المفاجئ في الأسطوانات، بحسب رواية محمد أكرم، مدير شركة أكسجين تريد، قال إن المصانع غير قادرة على تعبئة الأكسجين لعدم توافره مع ازدياد الطلب عليه، مضيفا أن شركته متعاقدة مع 4 مستشفيات خاصة توقفت عن العمل بسبب عدام توافر الأكسجين.
فيما لفت تاجر أكسجين آخر، رفض ذكر اسمه، أن المصنع ينتج 1000 أسطوانة في اليوم، لكن أصحاب المصانع قللوا من ملء كل أسطوانة كما كانت في البداية؛ ما ينتج لهم ما يزيد عن 200 أسطوانة زائدة كل يوم.
مبررات المصانع
يقول المهندس محمد قطب، مدير مصنع دلتا للغازات، إن انخفاض عدد العمالة في جائحة كورونا قلل عدد إنتاج الأسطوانات وذلك مع ارتفاع الطلب، كما أضاف "أنا لست جهة رقابية حتى أحاسب التجار والموزعين"، لافتا إلى أن مديرية الصحة تأخذ نصف إنتاج المصنع لصالح مستشفيات العزل.
واستطرد "قطب" لـ"القاهرة 24" أن محافظة البحيرة لا يوجد بها غير مصنعين لتعبئة الأكسجين، بالإضافة إلى أنه يتم حجز الأسطوانات من المستوردين من قبل خروجها من المصنع.
شبكة الغاز بالمستشفيات
في ظل استغاثات عدد من المستشفيات وصراخ المرضى لنقص الأكسجين بالمستشفيات، نفى الدكتورمحمد إسماعيل، رئيس شعبة المستلزمات الطبية بالغرفة التجارية، لـ"القاهرة 24"، أن يكون أي مستشفى بها عجز بالأكسجين، لأنه شرط للحصول على ترخيص تشغيل المستشفى إلا به شبكة من الغازات، ومن يخالف ذلك معرض لمشاكل جسيمة أمام القانون.
وبسؤاله عن الرقابة على ارتفاع أسعار الأسطوانات، قال الدكتور محمد إسماعيل "المستودعات حاليا لا زيادة بها والأسطوانة نفسها هي التي ارتفع سعرها، بسبب زيادة الطلب وقلة العمالة"، مضيفا أنه سيتم تطبيق إجراء يمنع المواطن من شراء أكثر من أسطوانة وروشتة طبيب لمنع تخزينها في المنازل، على حد قوله.
تطوع لإنقاذ المرضى
نشوى الرفاعي، متطوعة لعلاج حالات العزل المنزلي بالبحيرة، وعدد من المتطوعين قرروا مواجهة جشع التجار ومساعدة الأهالى، فقاموا بجمع سعر الأسطوانات من نفقاتهم الشخصية لخدمة أكثر من 300 فرد في العزل المنزلي، مضيفة أن الأهالي تلجأ للعزل المنزلي بسبب زيادة الأعداد في المستشفيات وعدم توفير الرعاية الكاملة، وهو يضعهم أمام أزمة نقص أسطوانات الأكسجين وتوفير تكلفة شرائها.
وبحسب تصريحات سابقة للدكتور خالد مجاهد، المتحدث باسم وزارة الصحة، أشار فيها إلى رصد زيادة نسبة استهلاك الأكسجين في المستشفيات في الموجة الثانية لفيروس كورونا، مشيرًا إلى أن هناك مراقبة يومية لنسبة الأكسجين الموجودة بالمستشفيات، وذلك عن طريق غرفة عمليات مركزية ومنظومة مميكنة تحت إشراف وزارة الصحة.