الداعية عمرو خالد: وكلَّ ربنا ليريح قلبك ويقلل معاناتك
وصف الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، التوكل بأنه "عقد توكيل بينك وبين الله؛ فهو سبحانه سمى نفسه الوكيل، وضمن لمن يوكله أن يتولى أمره بقدرته حتى يحقق له ما يصلح حياته: "رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا"، موضحًا أن التوكل يمنح المتوكل على الله قوة هائلة تجعله أقوى الناس.
وأكد في تاسع حلقات برنامجه الرمضاني، "منازل الروح"، أن "الله اشترط شرطًا واحدًا ليقبل توكيلك، وهو أن تبذل أقصى جهدك في العمل الذي وكلته به، فالتوكل هو اعتماد القلب على الله وحده، بشرط إحسان العمل؛ فالجوارح تعمل والقلوب تتوكل".
وأضاف: "التوكل عمل عكسي بين القلب والجوارح، عكس اليقين والتقوى وكل المنازل الأخرى.. الجوارح والقلب في نفس الاتجاه، بمعنى أن تقوم بكل أسباب النجاح بالجهد والتخطيط بفكرك وعقلك، ثم تسقط كل الأسباب بقلبك؛ فلا ترى إلا الله وحده وكيلًا لك؛ لأن الأسباب كلها عاجزة مثلك والكون كله لا حيلة له، والأمر كله بيد الله، وهو لا يترك من توكل عليه بصدق".
وبين خالد أن "التوكل عقد شراكة بينك وبين الله.. إدخال مالك الملك معك في معادلة إنجاح حياتك.. من أراد أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله".
وأشار إلى أنه "بدون التوكل على الله ليس أمامك إلا أن تتوكل على قوتك، لكنها مؤقتة ليست دائمة.. غير مضمونة.. التوكل على الله مضمون 100 في المائة، لذلك كان دعاء النبي: "يا سند من لا سند له .. يا صمد من لا صمد له .. يا عون من لا عون له".
لماذا نتوكل على الله وحده؟، أجاب خالد: "لأنه ثابت مستمر "وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ"، كل البشر متغير، لكن الله هو الثابت. الوكيل لا يفعل شيئًا ضد مصلحة موكله، هذا توكيل مضمون أيًا كانت النتائج في الظاهر، لكن هذا التوكيل مضمون، لأن الوكيل وعد من يوكله أن يتولى أمره.
وأوضح: "أي عمل في الدنيا فيه أكثر من 50 في المائة خارج نطاق سيطرتي، لكن الوحيد الذي كل شيء داخل نطاق سيطرته هو الله وحده".
وذكر خالد أن "علاج الإدمان، له 12 خطوة عالمية، مصدرها في الأصل الكنيسة، أول خطوة لابد أن تؤمن أن فيه قوة أكبر منك أنت محتاج لها، وبعد أن يشفى تمامًا.. من الذي شفاك؟.. لو لم يقل القوة الكبرى، يظل يخضع للعلاج".
ماذا أفعل لو بدأت التوكل على الله، ومعي عشرة أسباب للنجاح، ثم ضاعت كلها.. هل هذا ضد التوكل؟ وماهو موقفي من التوكل على الله في هذه الحالة؟، أجاب خالد: "عندما تقطع الأسباب يصبح التوكل أسهل، لأنك لن تعتمد إلا على الله. الغافل يقل أمله إذا انقطعت الأسباب، والمتوكل يزداد أمله إذا انقطعت الأسباب".
وعقد خالد مقارنة بين الصحابة والمنافقين في التوكل، قائلاً: "بعد ما حفر الصحابة، الخندق وبذلوا جهدًا خارقًا ليحفروه، اتفقت قريش مع اليهود لدخول المدينة من حصون اليهود، وليس من الخندق، وكأن كل تعب الصحابة في الحفر ذهب هدرًا.. عشرة آلاف مقاتل من الأحزاب سيدخلون المدينة".
يقول المنافقون كما يذكر القرآن حكاية عنهم: "وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا". أما الصحابة فيقولون: "وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ۚ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إيماناً وتسليمًا"، عندما ضاعت كل الأسباب زاد توكلهم وتسليمهم.
ما الفرق بين الإنسان المتوكل على الله وغير المتوكل عليه؟، أجاب خالد: "كلاهما يبذل الجهد وكلاهما قد يحقق الله له النجاح، لكن الفرق في الطمأنينة والسند والثواب، وبين الهم والغم وقسوة الحياة وعدم البركة بما تحققه وعدم الثواب، والفرق أن مع الله النتائج كلها مضمونة بالخير، أما بعقلك لوحدك، تصبح النتائج غير مضمونة حتى لو نجحت في الظاهر".
وشدد على أن قوة فكرة التوكل الهائلة تتمثل في "أنك بتوكيلك لله ضامن النتائج 100 في المائة أنها لصالحك.. هذا وعد من الوكيل سبحانه، أنك لو وكلته هو مسئول عن تحقيق مصلحتك".
وقال خالد إنه عند فقدان منزلة التوكل (الألم) تحدث مخاطر عالية جدًا تؤدي لضغط نفسي عال،. خوف شديد مع كل خطوة ومشروع، اللجوء لأدوية المهدئات، خوف وتوتر دائم من الفشل والسقوط، لأنه لا يوجد له داعم أو ظهر يستند عليه، أو واحد يضمنه.
لكن كيف أعرف درجة أو قوة توكلي؟، أجاب خالد: ابن عطاء السكندري يقول: "أرح نفسك من التدبير بعد التخطيط، فما قام به غيرك ( الله ) عنك لا تقم أنت به لنفسك".. قس درجة توترك وهمك بعد التخطيط.. كل ما قلت درجة التوتر، هذا دليل التوكل.. كل ما يقل التوتر، فإن هذا دليل قوة توكلك: "لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا"، لأن طاقة الأمل والهمة ستفرغ شحنة التوتر.
كيف اعرف توكلي قويًا أم ضعيفًا؟، بين خالد أنه "على قدر تذكرك له وتجديد عقد الوكالة في قلبك، على قدر تذكرك في الصباح والمساء".
كيف أزيد درجة توكلي؟، أوضح خالد أنه "من خلال الذكر.. خاصة قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، حسبي الله ونعم الوكيل".
وأشار خالد إلى أن هناك جوائز للتوكل: "ثواب التوكل في الدنيا نصره الله وتولية أمرك، من أراد أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله.. قدرة نفسية هائلة. ثواب التوكل في الآخرة.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "سبعون ألفا من أمتي يدخلون الجنة بلا حساب ولا سابقة عذاب قلنا من هم يا رسول الله؟ قال على ربهم يتوكلون".