لا وجه لإقامة الدعوى.. القصة الكاملة لواقعة اغتصاب فتاة فندق فيرمونت
حالة من الجدل الواسع الذي أثارته مواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة الماضية، والذي أثارته واقعة "جريمة الفيرمونت" بعد نشر العديد من التدوينات لواقعة اغتصاب جماعي تعرضت له فتاة داخل فندق فيرمونت نايل سيتي.
بداية تفاصيل واقعة الاغتصاب
بدأت تفاصيل الجريمة حبيسة الكتمان قبل أن تقرر المجني عليها، إخراجها إلى العلن أواخر شهر يوليو 2020 الماضي عندما تصدر هاشتاج "جريمة فيرمونت" موقع “تويتر”، بعدما تداول مئات من المغردين رواية نقلها حساب على موقع “انستجرام” لفتاة تتهم مجموعة من الشباب بالاعتداء عليه جنسيًّا بعد إعطائها مادة كحولية تؤدي إلى فقدان الوعي، وتناوبوا على اغتصابها، ولم يكتفوا بهذا بل قاموا بتصوير أنفسهم خلال الاعتداء عليها، بالإضافة لحفر الأحرف الأولى من أسمائهم على جسدها وتهديدها إذا قررت الإبلاغ عنهم.
بلاغ من المجلس القومي باغتصاب فتاة بفندق الفيرمونت
وفي 4 أغسطس 2020، تلقت النيابة كتابًا من المجلس القومي للمرأة، مرفقًا به شكوى قدّمتها الفتاة إلى المجلس تفيد باعتداء بعض الأشخاص عليها جنسيًّا في عام 2014 داخل فندق فيرمونت نايل سيتي بالقاهرة، ومرفق بشكواها شهادات مقدمة من البعض حول معلوماتهم عن الواقعة.
النيابة تفتح تحقيقًا في واقعة اغتصاب الفيرمونت
وأمر النائب العام بفحص ما قُدّم من أوراق وتحقيق الواقعة تحقيقًا قضائيًا، على أن تعلن ما يمكن إعلانه من نتائج التحقيقات في الوقت الذي تراه مناسبًا، حفاظًا على سلامة التحقيقات وحسن سيرها.
توالت التحقيقات وجرى إلقاء القبض على عدد من المتهمين في مصر ولبنان، وأمرت النيابة العامة بعرض المتهمين على الإدارة المركزية للمعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي، لتحليل عينات منهم بيانًا لمدى تعاطيهم مواد مخدرة، وتوقيع الكشف الطبي على اثنين منهم، وأرسلت النيابة العامة هواتف ضُبطت بحوزتهم إلى الإدارة العامة للمساعدات الفنية بوزارة الداخلية، لتفريغ ما تحويه من مواد مختلفة، واسترجاع ما حُذف منها، وكذا تفريغ المحادثات التي أجريت عبر تطبيقات التواصل المحملة عليها.
وتمكن 7 آخرون متهمون في الواقعة من الهروب إلى خارج مصر، حسب ما أعلنت النيابة العامة، وأمرت باتخاذ إجراءات الملاحقة القضائية الدولية بحقهم، بالتعاون مع الإنتربول الدولي.
حبس نازلي وجنزوري
خلال مباشرة التحقيقات، أمرت النيابة بالقبض على المتهمة نازلي مصطفى وآخر يُدعى أحمد جنزوري، وتم ضبطهما ومتهم ثالث، ومثلوا أمام النيابة التي حققت معهم، وبتاريخ 31 أغسطس أمرت بحبسهم، وفي نفس جلسة التحقيق أمرت النيابة بإخلاء سبيل 3 متهمين آخرين بكفالة مالية 100 ألف جنيه لكل منهم.
إخطار من الإنتربول بالقبض على ثلاثة متهمين بالفيرمونت
صباح يوم 24 سبتمبر الماضي، تلقت النيابة العامة إخطارًا من الإنتربول بإلقاء القبض على المتهمين أحمد طولان وعمرو وخالد حسين، في بيروت، وذلك استجابة لطلب مكتب التعاون الدولي بالنيابة العامة، إلقاء القبض عليهم بالعاصمة اللبنانية بيروت، أثناء وجودهم في أحد الفنادق.
إخلاء سبيل نازلي ومصطفي والجنزوري
وبعد فترة من الحبس الاحتياطي قررت جهات التحقيق إخلاء سبيل عدد من المتهمين على ذمة التحقيقات في واقعة التعدي على فتاة بفندق فيرمونت، وهم كل من أحمد الجنزوري نازلي مصطفي وسيف الدين أحمد، وخالد حسين.
النيابة تدعو المواطنين من لديه فيديوهات عن الواقعة أن يقدمها
دعت النيابة العامة كل من لديه معلومات أو مقاطع فيديو تخص واقعة التعدي على فتاة فندق "فيرمونت نايل سيتي" بتقديمها إليها في سرية تامة ضمانًا لتحقيق العدالة.
وكانت تحقيقات النيابة العامة تحت إشراف المستشار حمادة الصاوي النائب العام، في واقعة فتاة الفيرمونت، قد كشفت عن تواتر مشاهدة الكثير مقطعًا لتصوير واقعة التعدي على الفتاة بالفندق خلال عام 2014، وإزاء هذه المخاوف لجأ شخص بحوزته المقطع إلى إنشاء حساب بأحد مواقع التواصل الاجتماعي باسم مستعار، وأرسل عبره صورًا التقطها من المقطع إلى بعض الشهود، ثم أغلق الحساب خوفا من البطش به، وقدم الشهود تلك الصور إلى النيابة العامة، ودل هذا السلوك عن عدم إحاطة البعض بحقوقهم التي كفلها الدستور والقانون، بشأن ضمان سرية بيانات الشهود وحمايتهم.
ورأت النيابة أن توافر هذا المقطع سيكون من شأنه الإسهام في تحقيق العدالة بهذه الواقعة، ومن ثم فإنها تدعو الجميع إلى تفعيل دورهم المجتمعي الإيجابي، بالمبادرة بتقديم هذا المقطع إلى النيابة العامة إما بصورة مباشرة أو عبر البريد الإلكتروني: [email protected]، وتؤكد النيابة ضمانَ سرية بيانات الشهود ومقدمي هذه الأدلة وحمايتهم إعمالًا لأحكام الدستور والقانون.
النيابة العامة تأمر مؤقتًا بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في قضية "جريمة الفيرمونت"
أصدرت النيابة العامة، اليوم الثلاثاء، أمرًا مؤقتًا بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في قضية مواقعة أنثى بغير رضائها بفندق فيرمونت نايل سيتي خلال عام 2014، وذلك لعدم كفاية الأدلة فيها قِبَلَ المتهمين، وأمرت بإخلاء سبيل المحبوسين احتياطيًّا منهم.
وكانت تحقيقات النيابة العامة في الواقعة قد استمرت لنحو تسعة أشهر استنفدت فيها كافة الإجراءات سعيًا للوصول إلى حقيقتها، وتوصلت منها إلى أن ملابساتها تخلص في مواقعة المتهمين المجني عليها بغير رضائها بجناح بالفندق حال فقدانها الوعي خلال حفل خاصٍّ حضرته عام 2014، ولكن الأدلة لم تبلغ حدَّ الكفاية قِبَلَ المتهمين لتقديمِهم إلى المحاكمة الجنائية عنها.
وكانت التحقيقات قد مرت بمرحلتين؛ أُولاهما رصدت فيها النيابة العامة في نهاية شهر يوليو من العام الماضي ما تم تداولُه من معلومات حول الحادث بمواقع التواصل الاجتماعي المختلفة وتباين الآراء فيه بين التنديد بالمتهمين أو الادعاء بعدم صحة الحادث، ثم استمعت إلى المجني عليها وشاهدٍ واحدٍ تواجد بالجناح محلَّ الواقعة ليلة حدوثها، وتسعة وثلاثين شاهدًا منهم مَن رأوا ثوانيَ مِن مقطعٍ مرئيٍّ لتصوير الواقعة في فترة زمنية قريبة من حدوثها، وآخرين سمعوا عنها وعن المقطع دون أن يشاهدوه وعلموا قليلًا عن ملابساتها، فضلًا عن مسئولين بالفندق، وأطباء شرعيين وضباط شرطة أجرَوْا تحرياتهم حول الواقعة، وقُدِّمتْ إلى النيابة العامة صورٌ فوتوغرافية لجسد فتاة عارٍ لا يظهر فيها وجهُها ولا أحدٌ غيرها، ونُسبت إلى مقطع تصوير الواقعة وأنها التقطت منه.
وحرصت النيابة العامة منذ بدء التحقيقات على اتخاذ إجراءاتها قبَلَ المتهمين، فأدرجتهم بقوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول، وأمرت بضبطهم وإحضارهم، وأصدرت أوامر بإلقاء القبض الدَّوْليِّ على المتهمين الذين غادروا البلاد على إثر المتداول بمواقع التواصل الاجتماعي وقَبْل مباشرة التحقيقات، فأُلقي القبض على ثلاثة منهم بدولة لبنان وآخرَ داخلَ البلاد.
وإزاء توصُّل التحقيقات في مرحلتها الأولى إلى تداول مقطع تصوير الواقعة خلال فترة لاحقة على حدوثها وتواتر مشاهدته دون تقديمه إلى النيابة العامة، وكان من شأن توافره أن يُسهم في كشف حقيقة الواقعة، اتخذت النيابة العامة إجراءً غير مسبوق يواكب ظروف الدعوى وحالها في مرحلة ثانية من تحقيقاتها حرصًا منها على سلوك كافَّة السبل وصولًا للحقيقة، إذ دعت كافة المواطنين عبر بيان رسمي أصدرته بتاريخ 24 فبراير الماضي، إلى تقديم المقطع إليها -إن وُجد- بصورة مباشرة أو بإرساله عبر بريد إلكتروني أُنشئ خِصّيصَى لذلك وكفلت له الحماية الفنية اللازمة، فتلقت النيابة العامة عبره تسجيلات صوتية لمحادثات نُسبت لبعض الشهود، فاستدعتهم لسؤالهم عنها وبيان حقيقة ما فيها وأجرت تحقيقاتها فيما استجدَّ من ملابسات، والتي كان من بينها إقرار شاهد بتلقيه مقطعَ تصويرِ الواقعة عبر بريده الإلكتروني خلال عام 2015 وحذفه دون مشاهدته، فحصلت النيابة العامة منه على بيانات البريد والحاسوب المفعل به، وخاطبت الشركة المالكة للموقع المنشأ به البريد والتي تدير خوادمه في محاولة منها لاسترجاع المقطع، فأفادت الشركة بتعذر ذلك فنيًّا، كما أنه في ذات إطار سعي النيابة العامة لضبط هذا المقطع، وإزاء ما تواتر على لسان بعض الشهود في التحقيقات من أن فتاة أجنبية مقيمة بدولة عربية تحتفظ بالتصوير، طلبت النيابة العامة من سلطات تلك الدولة القضائية سؤالها وقدمت معلومات تساعد على تحديد هويتها، فاستُدعيت ونفتْ حيازتَها المقطع.
وبعدما انتهت التحقيقات أعادت النيابة العامة طرح الأوراق لتقييم ما حوته من أدلة ومدى كفايتها ضد المتهمين، فتبينت أنه قد نال منها أوجه عدة جعلتها غير كافية لتقديمهم إلى المحاكمة الجنائية؛ حيث كان الاختلاف البيّن في تاريخ الحفل محل الواقعة له أثر بالغ في صحة أقوال الشهود، ومن ثَمَّ تحديد مرتكبي الواقعة وأطرافها وأدوارهم على نحو جازم، فضلًا عن أن عدم توصل التحقيقات إلى مقطع تصوير الواقعة أو مبادرة أحد بتقديمه قد نال من قوة الدليل في الأوراق.
وكانت صور جسد الفتاة العاري التي قُدِّمت على أنها ملتقطة من تصوير الواقعة لم تقطع بنسبتها إلى المجني عليها لعدم ظهور ما يميزها فيها، خاصة أنَّ كثيرًا من الشهود الذين أطلعتهم النيابة العامة على تلك الصور لم يتمكنوا من تحديد هُويّة مَن فيها وعلى رأسهم شاهد الرؤية الأوحد في التحقيقات.
وكذلك كان التراخي في الإبلاغ عن الواقعة لمدة قاربت ستَّ سنوات قد أنشأ صعوبة عملية في حصول النيابة العامة على الأدلة بالدعوى-خاصة المادية والفنية منها– التي لها أثرٌ منتج وتدلل يقينًا على ارتكاب المتهمين الواقعة.
كما أن شاهد الرؤية الأوحد الذي تواجد في الجناح محل الواقعة وقت حدوثها لم يشهد منها إلا جانبًا يسيرًا لم يتضمن مواقعة المتهمين المجني عليها والتي قرَّر أنه لم يكن على صلة بها وقتئذٍ، ولكن عَلِم لاحقًا من آخرين أنها المعنية بالواقعة.
كما قد تضاربت أقوال الشهود بين دسِّ مخدِّرٍ للمجني عليها خلال الحادث أو تعاطيها إياه بإرادتها، وبلغ التضارب مبلغه أن تباينت الروايات ما بين رضاء المجني عليها بمواقعة بعض المتهمين أو عدم رضائها عن ذلك، فضلًا عن تناقض أقوال الشهود فيما بينهم بشأن تفصيلات جوهرية مؤثرة في الواقعة، وكذا عدل بعضٌ منهم عن أقوال سَبَق أن أدلى بها، من ذلك أن عدل شاهدٌ عما سبق وقرَّره من رؤيته متهمًا بمقطع تصوير الواقعة يشرع في اغتصاب المجني عليها، إذ عاد وقرَّر أنه لم يرَ ذلك في المقطع وأن روايته السابقة لم تكن سوى محضِّ رواية سماعية نقلها عن آخرين من الشهود لم يُدلوا بدورهم بتلك التفصيلات في التحقيقات، وكذا عدل شاهد آخر عما سبق وقرره من تمكنه من تمييز صوت أحد المتهمين بالمقطع المشار إليه، نافيًا قَالَتَه الأولى دون مبررٍ سائغ، فضلًا عن أن بعض الشهود قد قرروا رؤيتَهم المقطع المشار إليه عبر هاتف أحدهم الذي بمواجهته نفى ذلك قاطعًا بعدم سابقة حيازته المقطع من الأساس، وكذا لم يؤكد أيٌّ ممن شاهدوا التصوير رؤيتَهم مواقعة المجني عليها فيه، علاوة على أن كثير من الشهود كانت رواياتهم سماعية نقلوها عن آخرين دون أن يحددوا للنيابة العامة المصادر التي استقوا منها معلوماتهم مما تعذر معه تتبع تلك المصادر للتأكد من مدى صحتها ومن ثمَّ الاطمئنان إليها.