تبادل الاتهامات بين "عون والحريري" حول فشل تشكيل الحكومة
تبادل الرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، الاتهامات مجددا حول فشل تشكيل حكومة جديدة، في وقت دخلت فيه الأزمة السياسية في لبنان منعطفا خطيرا بعد فشل الاجتماع رقم 18 بين عون والحريري في مارس الماضي حول التركيبة الحكومية الجديدة، ما أدى لاندلاع احتجاجات شبه يومية في أنحاء البلاد يعمد خلالها المحتجون إلى قطع الشوارع تنديدا على الوضع المعيشي، وسط تأكيد التقرير أن البلاد ربما تتجه نحو المجهول.
واتهمت الرئاسة اللبنانية رئيس الوزراء المكلف، سعد الحريري، بالسعي إلى تقويض الجهود الرامية إلى تشكيل الحكومة والاستيلاء على صلاحيات رئيس الجمهورية.
وحمل مكتب الإعلام التابع للرئاسة، في بيان أصدره اليوم الأربعاء، "تيار المستقبل" الذي يترأسه الحريري، المسؤولية عن شن حملات متواصلة على رئاسة الجمهورية والرئيس ميشال عون شخصيا، باستخدام "عبارات وتوصيفات تدل على المستوى المتدني الذي وصلت إليه أدبيات القيمين على هذا التيار"، مشيرا إلى بيان صدر أمس عن حزب رئيس الوزراء المكلف كـ"خير دليل على الدرك غير المسبوق في الحياة السياسية الذي انحدر إليه هؤلاء".
وذكرت الرئاسة اللبنانية، في معرض تعليقها على بيان تيار المستقبل: "استمرار هروب رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري من تحمل مسؤولياته في تأليف حكومة متوازنة وميثاقية تراعي الاختصاص والكفاءة وتحقق المشاركة، يشكل إمعانا في انتهاك الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وينم عن رغبة واضحة ومتعمدة في تعطيل عملية تشكيل الحكومة".
ورفضت الرئاسة الادعاءات التي تنص على أن الرئيس عون يحاول "الانقضاض على اتفاق الطائف ومفاعيله الدستورية"، واصفة إياه بـ"قمة الكذب والافتراء وخداع الرأي العام".
وتابعت: "يصر الرئيس المكلف على محاولة الاستيلاء على صلاحيات رئيس الجمهورية وحقه الطبيعي في احترام الدستور من خلال اللجوء إلى ممارسات تضرب الأعراف والأصول، وابتداع قواعد جديدة في تشكيل الحكومة، منتهكا صراحة التوازن الوطني الذي قام عليه لبنان".
وأشارت الرئاسة إلى أن الحريري، وليس عون، هو من يتحمل المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية في لبنان، مضيفة: "المستنقع الذي يدعي بيان تيار المستقبل أن البلاد غارقة فيه، هو من إنتاج منظومة ترأسها تيار المستقيل وتسلطت على مقدرات البلاد".
وأعربت الرئاسة عن قناعتها بأن تيار الحريري من خلال "إطلاق النار مسبقا" على الاقتراح لعقد مؤتمر حوار وطني في قصر بعبدا لمعالجة الأوضاع في البلاد، يسعى إلى "قطع الطريق على أي محاولة إنقاذية لتأليف الحكومة وإجراء الإصلاحات اللازمة التي تؤمن للبلاد استقرارها وازدهارها.
وأبدت الرئاسة أملها في أن تتوج الجهود الرامية إلى تشكيل الحكومة بنجاح في أسرع وقت ممكن "للانكباب على الإصلاحات المطلوبة"، مضيفة: "رئاسة الجمهورية هي اليوم على مفترق طرق مع من يخرج عن الدستور أو يبقى صامتا حيال كل ما يجري، علما أن مصلحة لبنان العليا تسمو فوق كل اعتبار، ومعها مصلحة الشعب الذي هو مصدر السلطات".
من جهته، رد تيار المستقبل، اليوم الأربعاء، على بيان الرئاسة اللبنانية، مؤكدا أن "الرئيس ميشال عون مجرد واجهة لمشروع يرمي إلى إعادة إنتاج وزير الخارجية السابق جبران باسيل في المعادلات الداخلية".
واعتبر تيار المستقبل، في بيان له، أنه "قد ثبت بالوجه الشرعي والسياسي والدستوري أن رئاسة الجمهورية تقع أسيرة الطموحات الشخصية لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مجرد واجهة لمشروع يرمي إلى إعادة إنتاج باسيل في المعادلات الداخلية، وإنقاذه من حال التخبط الذي يعانيه".
ولفت إلى أن "بيان القصر الجمهوري جاء ردا على بياننا، ليؤكد هذا الانطباع ويكشف حقيقة الدور الذي يتولاه جبران وفريق عمله، بإهانة موقع الرئاسة الأولى وما يمثله في الحياة الوطنية، واستخدامه في أجندات حزبية ضيقة أشعلت النزاعات السياسية في كل الاتجاهات، من النزاع داخل العائلة إلى النزاعات المتدحرجة في التيار الوطني الحر وكتلة "لبنان القوي"، وصولا إلى مروحة النزاعات التي نشبت في مختلف الساحات، وجعلت من عهد العماد عون هدفا ترمى عليه السهام من كل حدب وصوب".
وأضاف البيان: "من المؤسف، أن يصبح موقع الرئاسة ممسوكا من قبل حفنة مستشارين، يتناوبون على كسر هيبة الرئاسة وتلغيمها بأفكار واقتراحات وبيانات لا تستوي مع الدور الوطني المولج بها، ومن المؤسف أن تسمح الرئاسة لرئيس تيار سياسي وحزبي، مصادرة جناح خاص في القصر الجمهوري يخصص للاجتماعات الحزبية وإدارة شؤون الرئاسة، والأشد أسفاً ان يقبل رئيس البلاد التوقيع على بيان، أعده جبران باسيل شخصياً في حضور نادي مستشاري السوء الذي يقيم أيضا في الجناح المذكور".
وتابع: "كل الحملات على رئاسة الجمهورية بطلها باسيل ومن زرعهم في القصر، تارة من خلال تعميم الخطاب الطائفي والمذهبي وطورا باللجوء إلى ممارسات غريبة الأطوار وبعيدة كل البعد عن الدستور ووثيقة الوفاق الوطني في التعاطي مع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، والتي أتى على ذكرها في رده على رسالة رئيس الجمهورية في مجلس النواب، من تسريب شريط فيديو يتهم فيه رئيس الجمهورية، الرئيس المكلف، بالكذب، بخلاف الواقع، إلى سابقة مخاطبته عبر الشاشات، وصولاً إلى رسالة الدراج وورقة ملء الفراغ بالوزير المناسب، وما بينهما من مواقف مسيئة ترفع عنها الرئيس المكلف والتزم بأصول الدستور وواصل التشاور مع رئيس الجمهورية، لتشكيل حكومة تلبي تطلعات اللبنانيين، وليس حكومة تلبي تطلعات جبران باسيل، والجميع شهود على ذلك، وشهود على إحباط باسيل لكل المبادرات".
وشدد البيان على أن "من يستولي على صلاحيات رئيس الجمهورية، هو من يتاجر بها ويضعها في البازار السياسي للبيع والشراء بها، ويستدرج العروض بشأنها، كما هو حاصل من خلال احتجاز التوقيع على تشكيل الحكومة كرمى لعيون الصهر".
ووجه تيار المستقبل رسالة إلى الرئيس اللبناني، قائلًا: "أوقف استيلاء من حولك على صلاحياتك، وأوقف محاولاتهم للاستيلاء على صلاحيات الآخرين، وعد إلى الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وجنب اللبنانيين كأس جهنم الذي بشرتهم به".