كيف تواجه الحكومة توقعات البنك الدولي بتباطؤ الاقتصاد المصري؟
خالفت توقعات البنك الدولي بشأن نمو الاقتصاد المصري، توقعات وزارة المالية التي أعلنت أنها تستهدف تحقيق معدلات نمو عند 2.8% بنهاية العام المالي الحالي، فيما خفض البنك الدولي توقعاته خلال نفس الفترة إلى 2.3%، متراجعة من 2.7% في السابق، وهو ما يضع العديد من التحديات أمام الحكومة لتسريع عملية الإصلاح الهيكلي وإطلاق مزيد من المبادرات للحفاظ على مستويات نمو متسارعة وآمنة في ظل استمرار جائحة كورونا.
البنك الدولي خفض توقعاته أيضا للعام المالي 2021_2022 إلى 4.5 % متراجعة من 5.8%، في الوقت الذي تتوقع وزارة المالية تحقيق معدل نمو خلال نفس الفترة بنحو 5.4%.
خبراء اقتصاديون أكدوا أن الحكومة اتخذت العديد من الخطوات الاقتصادية لتحقيق معدلات نمو متوازنة وفقا لتقديراتها، وذلك بالرغم من آثار جائحة كورونا والتي استطاعت أن تواجهها بالعديد من الإجراءات الاقتصادية.
أشار الخبراء أيضًا إلى أن تحسن عدد من المؤشرات على رأسها ميزان المدفوعات والبطالة والاحتياطي الأجنبي ومعدل التضخم الذي ما زال يسير وفق الحدود المستهدفة للبنك المركزي، كل هذا يدعم مواجهة التباطؤ المتوقع من قبل البنك الدولي.
وتوقع البنك الدولي أن يتحقق التباطؤ الاقتصادي بسبب ما تعانيه قطاعات السياحة والتصنيع والنفط والغاز جراء الجائحة، وتواصل التأثيرات الخاصة بتراجع الطلب المحلي، وهو ما يرجع إلى انهيار الاستثمارات الثابتة.
إجراء احترازي
يرى محمد عبد العال، الخبير الاقتصادي والمصرفي، أن تخفيض البنك لتوقعاته بشأن الاقتصاد المصري هو إجراء احترازي بسبب تراجع النشاط السياحي والتصنيع والنفط والغاز، لكن مازال معدل النمو المفترض إيجابيًّا وجيدًا بالنسبة للظروف السائدة عالميا ومحليا وإقليميا وهو 4.5% وهو متقارب مع توقعاته مع انخفاض بسيط عن يناير الماضي وعن وزارة المالية.
وأضاف عبد العال، في تصريح خاص، أن هناك مؤشرات إيجابية لتحسن إيرادات السياحة وتحويلات المصريين في الخارج والاستثمار الأجنبي المباشر، لافتا إلى أن أى ارتفاع في أسعار النفط سيتم تعويضه عبر ارتفاع عائد الصادرات من المنتجات النفطية والغاز المصدر، بالإضافة إلى تحسن ميزان المدفوعات في النصف الأول من العام الحالي وتحقيقه فائض بنحو 1.5 مليار دولار، واستقرار الاحتياطي الأجنبي ونموه بنحو 1.25 مليون دولار وصلولا إلى قرب 40.5 مليار دولار، وبالتالي يمكن أن نصل إلى معدلات النمو المستهدفة، وربما يعدل البنك الدولي مؤشراته، خلال الفترة المقبلة.
وتابع: "بالإضافة إلى ما وثقته مراجعة صندوق النقد الدولي من قرض الاستعداد الائتماني وما أشار إلى التزام مصر بجميع المتطلبات الخاصة وتحسن المؤشرات الاقتصادية وبالتالي موافقة على القرض قريبا".
استمرار إجراءات تحفيز النمو
وأوصى عبد العال باستمرار إجراءات تحفيز النمو والاحتفاظ بسعر الفائدة المنخفضة مع استمرار العمل بالمبادرات التي أطلقها المركزي وعلى رأسها مبادرة إحلال السيارات والتمويل العقاري، إضافة إلى بدء المرحلة الثانية من الإصلاح الاقتصادي في إطار الإصلاح الهيكلي وتطوير قطاعات الزراعة وتكنولوجيا الاتصالات والصناعات التحويلية لزيادة مساهمته في الناتج المحلى الإجمالي وبالتالي الاقتصاد القومي سيتحسن ويحقق مؤشرات جيدة تمكنه من تخطي آثار كورونا.
وقال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن توقعات البنك الدولي لمعدلات النمو جاءت مخالفة للتوقعات المتفائلة للحكومة المصرية، إلا أن البنك الدولي يقوم بإجراء مراجعات دورية على فترات زمنية قصيرة لاقتصاديات الدول ومنها مصر بخلاف الحكومة التي تقوم بوضع التوقعات لمدة عام كامل، كما أن توقعات البنك الدولي جاءت متراجعة خلال النصف الثاني من العام الحالي 2021 والذي يمثل النصف الأول من العام المالي الجديد، في حين أن الحكومة بنت توقعاتها على العام المالي 2021_2022 بأكمله، مما يشير إلى أن التقديرات القريبة لن يكون لها آثار سلبية خاصة مع انتشار وجود الأمصال في غالبية الدول ومنها مصر، مما يعني أن هناك احتمالات كبيرة لتعافي الاقتصاد العالمي وجزء منه الاقتصاد المصري وبالتالى تستطيع مصر أن تحقق معدلات نمو مساوية لما حددته في موازنة العام المقبل.
الاقتصاد بدأ يتعافى بشكل تدريجي
وأضاف الإدريسي، في تصريح خاص، أن الاقتصاد بدأ يتعافى بشكل تدريجي، وهذا يتوازي مع الاستمرار في عملية الإصلاح من خلال بدء برنامج الإصلاح الهيكلي، والذي يستهدف تنشيط وتحفيز لقطاعات اقتصادية بعينها يمكنها أن تسرع من عملية النمو كقطاع تكنولوجيا الاتصالات والزراعة والصناعات التحويلية، والتي يمكن أن ترفع حجم الإنتاج، وبالتالي الناتج المحلي الإجمالي بوتيرة كبيرة يساعد في تحسين المؤشرات الاقتصادية.
وأشار إلى أن هناك عوامل خارجية قد تكون ضمن حسابات البنك الدولي، لكنها أمور لا يمكن التحكم بها مثل عودة السياحة الداخلية، فالحكومة قامت بتنشيط عودة السياحة عبر مبادرات تمويلية ومساعدات للعاملين في القطاع ودعمهم في استقبال السائحين لكن الأمر متعلق بالحدث العالمي الأبرز وهو جائحة كورونا.