في بناء الإنسان والدولة
يُروى بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، أن القائد والزعيم الهندي (جواهر لآل نهرو) استدعى إلية سفير اليابان ليواسيه على هزيمة بلاده في الحرب، فقال له: "يبدو لي أنه لكي نكون دولة عظمى لا بد من توافر ثلاثة مقومات:
1- المساحة الشاسعة من الأرض.
2- مئات الملايين من البشر.
3- وفرة في الموارد الطبيعية.
وبالطبع، فقد كان جواهر لآل نهرو، يحاول التخفيف عن السفير الياباني بشكل غير مباشر، عبر إقناعه بصعوبة أن تكون اليابان دولة عظمى لأنها لا تمتلك تلك المقومات الثلاثة، وعليهم تقبل الهزيمة وتجازوها، والقناعة بأن يصبحوا دولة محدودة القدرات، مسلوبة الإرادة، تابعة للدول العظمى.
ولكن السفير الياباني لم يقتنع بتلك الرؤية، ولا بهذا العزاء، ورد على جواهر لآل نهرو بشكل دبلوماسي يدل على سعة ذكائه، وثقته في همة وعقول أبناء بلده، وقدرتهم على تجاوز تلك المحنة، والتأسيس لبداية جديدة، ومستقبل واعد مشرق لليابان، حيث قال له: "أشكركم سيدي، ولكن أرجو إن أُعلمكم إن الحل تحت هذه القبعة".
وكان يقصد أن الطريق الأمثل لبناء اليابان من جديد، وجعلها دولة عظمى يكمن في العقل والفكر، وفي مهارات وقدرات الإنسان الياباني.
وقد أثبتت الأيام وما صنعته اليابان من تقدم علمي وازدهار صناعي واقتصادي بعقول وسواعد أبنائها بعد هزيمتها وتدميرها بالكامل في الحرب العالمية الثانية، صدق رؤية ومقولة السفير الياباني "أن الحل تحت القبعة".
وهذا ما يجب أن نتأمله ونتعلم منه، لنجعل من بناء الإنسان المصري عبر تعليم حقيقي يقوم بتنويره وتنمية قيمه ومعارفه ومهاراته الإبداعية، ويهدف لزيادة وعيه الثقافي والوطني، نقطة البداية في استكمال بناء الدولة في مصر، وبناء الجمهورية الجديدة التي تأسست بعد 30 يونيو 2013، وحجر الأساس الذي يقوم عليه بنيانها، والحارس لانجازاتها ومؤسساتها في الحاضر، والضامن لاستمرارها والإضافة إليها في المستقبل.