الانشقاقات تضرب تنظيم الإخوان في تونس.. و"النهضة" تتراجع وتدعو للحوار
بعد مرور أسبوع على قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، بتجميد البرلمان الذي تسيطر عليه حركة النهضة الإخوانية، وسط أزمة سياسية منذ أشهر، بدأت تطفو على السطح الخلافات بين أعضاء الجماعة وقيادتها التي "فشلت في تحقيق تطلعات الشعب التونسي"، وفق بيان لشباب الحركة وعدد من مسؤوليها اليوم.
وفور إصدار الرئيس التونسي قيس سعيد قرار بتجميد البرلمان الذي تسيطر عليه حركة النهضة الإخوانية، بادرت الحركة بوصف ما حدث بـ "الانقلاب على الثورة والدستور"، مؤكدة أن "أنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة"، وذلك حسبما جاء على لسان زعيمها راشد الغنوشي، لكن مرت الأيام دون أي جديد سوى مزيد من التصريحات، وسط مؤشرات على فقدان الحركة قدرتها على الحشد.
واليوم أصدر عدد من شباب الحركة ومسؤوليها بيانًا دعوا فيه قادة الحركة وعلى رأسهم راشد الغنوشي إلى تحمل المسؤولية كاملة وتفهم حالة الغليان والاحتقان في الشارع التونسي التي سببها فشل الحركة في قيادة المرحلة الماضية والإخفاق في تحقيق متطلبات الشعب التونسي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فضلًا عن الفشل في إدارة الأزمات السياسية.
ووقع على البيان أكثر من 130 فردًا من شباب الحركة بينهم أعضاء في مجلس النواب وفي المكتب التنفيذي للحركة ومجلس الشورى وأعضاء مكاتب مركزية، تحت عنون "تصحيح المسار"، اعتبروا فيه أن الحركة لم تنجح في تلبية احتياجات المواطن الذي طحنته ماكينة غلاء الأسعار وتدهور القدرة الشرائيّة، بالإضافة إلى البطالة والجائحة الصحية.
وبعيدًا عن الانشقاق الداخلي للحركة فإن استطلاعًا للرأي كشف الانهيار الكبير في شعبية حركة النهضة في تونس، ومساندة أغلبية التونسيين لقرارات الرئيس قيس سعيد بتجميد البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة الذين زادت حدة الانتقادات الموجهة لهما في أيامهما الأخيرة، للدرجة التي دفعت الكثيرين إلى إطلاق دعوات التظاهر وخروج الآلاف في يوم الجمهورية 25 يوليو، واقتحام مقرات حركة النهضة اعتراضًا على سياساتها في إدارة المرحلة الماضية.
وأبرز الاستطلاع الذي أجراه معهد إمرود كنسلتنج لاستطلاعات الرأي، بالشراكة مع قناة "التاسعة" التونسية، الحنق الشعبي تجاه تنظيم الإخوان في تونس، حيث أبدى 87% من المواطنين التونسيين تأييدهم قرارات الرئيس قيس سعيد، بتجميد البرلمان الذي تسيطر عليه حركة النهضة الإخوانية، وإعفاء الحكومة التي كانت في صفها، وسط أزمة سياسية خلال الأشهر الماضية أمام رئيس الجمهورية.
مطالب بالمراجعات والتغيير
وأكد النائب أسامة الصغير، أحد أعضاء مجلس النواب المجمد الموقعين على بيان شباب حركة النهضة، أن البيان هدفه توجيه رسالة لاجتماع مجلس شورى حركة النهضة المقبل، للقيام بعدد من المراجعات داخل الحركة، والمصارحة بما أوصل الحركة وتونس للوضع الراهن.
بانتظار قرار الشورى
وقال زبير الشهودي، القيادي المستقيل من حركة النهضة، إنه في حالات الطوارئ مثل التي تعيشها تونس حاليًا يصير مجلس شوري الحركة، هو الجهاز الأعلى فيها، لذلك تعد كل الآراء الصادرة عن قيادات الحركة حاليًا مجرد آراء شخصية، على غرار تلك التصريحات التي يطلقها راشد الغنوشي، رئيس الحركة، وسمير ديلو، النائب البارز بها.
وأكد في تصريحات اليوم، وفق وسائل إعلام تونسية، أن تصريحات الغنوشي، لما أسماه بـ "الدفاع عن الديمقراطية وفتح أقفال البرلمان"، ليست إلا تصريحات شخصية ولا تعبر عن رؤى الحركة، موضحًا أن مجلس شورى حركة النهضة سيجتمع في وقت قريب، لتقرير ما ستتخذه من خطوات إزاء الوضع الحالي في البلاد.
وتوقع القيادي السابق بالنهضة أن يجنح شورى الحركة للتهدئة ويدعو للحوار مع رئيس الجمهورية، حتى لو كان الثمن سياسيًا، ولم يستبعد إمكانية تنحية القيادة الحالية للحركة كإجراء نوعي للتفاعل مع الوضع الراهن أو التضحية بموقع الحركة الراهن للخروج من المأزق الحالي.
الحركة تتراجع
وفي بيان جديد اليوم للمكتب التنفيذي لحركة النهضة، دعت إلى الحوار مع جميع القوى الوطنية أحزابًا ومنظمات وجمعيات، للتوافق على حد أدنى وطني يضمن سرعة العودة للحياة الدستورية والشرعية ويحمي استقرار البلاد ووحدتها، وفق البيان.
ويعد بيان الحركة تراجعًا عن دعواتها السابقة للتظاهر دفاعًا “الديمقراطية والثورة والدستور”، وفق وصفهم.
وجاء في البيان الذي نشره اليوم راشد الغنوشي أن “المسؤولية تقتضي أن يكف الجميع عن التجاذب وأن يدعو لحوار لا يقصي أحدًا، تغليبًا لمصلحة الوطن والمواطن”.
فيما ردت تيارات سياسية على رأسها التيار الشعبي التونسي بأن هذه الدعوة للحوار هدفها هو الالتفاف على مطالب الشعب لعودة الحركة من جديد.