نائب رئيس دولة جنوب السودان: علاقاتنا مع مصر قوية وتاريخية.. وعشت في القاهرة لسنوات| حوار
رحلة لمدة 7 أيام إلى دولة جنوب السودان التي تقع في شمال شرق أفريقيا التي نالت استقلالها من السودان في عام 2011، كانت فرصة لاكتشاف شعب يرتبط بعلاقات وثيقة مع الشعب المصري على مدار التاريخ ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.
دراجات نارية يُطلق على "البودا بودا" منتشرة في كافة أرجاء العاصمة جوبا، أسواق شعبية متناثرة في كل مكان، مصارف عملات أجنبية، وسيارات من طراز حديث تملأ الشوارع، وصور للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من آثار زيارة سابقة له، وأشخاص على نواصي الشوارع يعملون في تجهيز الأكلات الشعبية، كانت تلك المشاهد التي تقابلك بمجرد نزوك من مطار جوبا عاصمة جنوب السودان وأنت في طريقك إلى مكتب نائب رئيس دولة جنوب السودان للشئون الاقتصادية جيمس واني إيجا بحي الوزارات في العاصمة والذي يجمع معظم وزارات الحكومة هناك.
جيمس واني إيجا سياسي من طراز فريد واقتصادي متميز، يعشق مصر ويحب أهلها وقضى بها سنوات طويلة كطالب جامعي، ويحلم بأن تكون بلاده أحد أهم اقتصاديات إفريقية ويسودها الاستقرار.
التقى «القاهرة 24»، مع الدكتور جيمس واني إيجا، نائب رئيس دولة جنوب السودان للشئون الاقتصادية، الذي أكد أن التعاون بين جوبا والقاهرة أصبح متميزًا خلال السنوات الأخيرة، لكن هناك سعي مستمر من الدولتين لزيادة هذا التعاون في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وعلى بعد دقائق من مكتب نائب رئيس دولة جنوب السودان، تمر مياه النيل الأبيض أحد فرعي نهر النيل مندفعة قوة نحو مصر، عبر عشرات السنين الأمر الذي كان سببا في تعاون كبير بين البلدين، حسب جيمس واني إيجا في حواره لـ «القاهرة 24».
يؤكد جيمس واني إيجا أنه عاش بمصر لفترة طويلة ودرس بها كآلاف الجنوبيين الذين تعلموا بجامعات مصر خاصة القاهرة والزقازيق والإسكندرية، موضحًا أن العلاقات بين البلدين تطورت بصورة كبيرة في ظل قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس سلفاكير.
وإلى نص الحوار..
في البداية كيف ترى العلاقات بين مصر وجنوب السودان؟
العلاقات بين البلدين قوية وزادت قوتها بزيارات متبادلة بين الرئيس سلفا كير والرئيس عبد الفتاح السيسي، وفيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي فقد زرت القاهرة برئاسة وفد لدعم التعاون بين البلدين في هذا المجال، وبالفعل هناك طفرة في التعاون الاقتصادي ونسعى إلى دعمه والباب مفتوح للجميع للاستثمار في دولة جنوب السودان.
جيمس واني إيجا: لدينا فرص استثمارية هائلة.. والباب مفتوح للمصريين
في أثناء زيارتك إلى مصر.. كيف ترى القاهرة في ظل مشروعات التطوير الأخيرة؟
زرنا قبل أسابيع مصر، ورأينا تغييرًا كبيرًا في مصر، خاصة وأنني قد عشت بالقاهرة ودرست فيها خلال سبعينيات القرن الماضي، لكن الآن في عهد الرئيس السيسي يوجد تطوير وتغيير كبير، فهناك مدن جديدة ومطارات ومحلات وغيرها من المشروعات العملاقة التي أبهرتني، فالأهرامات في وقت سابق كانت خارج المدينة وبعيدة عنها لكنها الآن وسط المدينة بعد تطوير ما حولها وبناء مدن جديدة.
نائب رئيس جنوب السودان: مصر شهدت نهضة غير مسبوقة بقيادة الرئيس السيسي
ذكرت أنك درست بالقاهرة.. ما هي ذكرياتك في تلك الفترة؟
أنا درست الاقتصاد بالقاهرة في سبعينيات القرن الماضي، وقضيت فيها وقتًا جميلًا وتعلمت فيها، وليس أنا الوحيد الذي تعلمت فيها لكن هناك الكثير من الوزراء وكبار المسئولين في حكومة دولة جنوب السودان تعلموا في الجامعات المصرية، ويمكن القول إن ثلث الحكومة تلقت تعليمها في مصر، والحضارة المصرية في دمهم ولهم أهل وإخوة، والحقيقة أننا إخوة وفي قارة واحدة وبلد واحد.
ثُلث حكومة جنوب السودان تعلمت في مصر.. وأحب الفول والكشري والملوخية
ما أبرز الأشياء التي أحببتها خلال فترة دراستك بالقاهرة؟
مصر مليئة التاريخ والحضارة، بالإضافة إلى حبي للأكلات المصرية الشهيرة مثل الفول والكشري والملوخية وغيرها من الأكلات التي انتقلت مع الوقت إلى جوبا أيضا، بالإضافة إلى عشرات الذكريات الأخرى.
ننتقل إلى ملف آخر.. وهو فرص الاستثمار في دولة جنوب السودان؟
في مجال الاستثمار، هناك أولويات لدولة جنوب السودان حاليًّا على رأسها توفير وإنتاج الغذاء، وكذلك الاستثمار في مجال الطرق لأن الزراعة تحتاج إلى طرق حتى يصل الإنتاج إلى المدن والقرى، وكذلك الاستثمار في الطاقة، فهناك نقص كبير في الطاقة، وذلك له تأثيراته على المواطنين، وكذلك عمل المصانع المستهدفة مستقبلًا.
وهناك مجالات أخرى كثيرة تحتاج إلى الاستثمار، مثل المياه والتعليم والصحة وغيرها، فجنوب السودان في حاجة إلى جميع الاستثمارات الضرورية لأنها دولة بدأت من الصفر ولديها ثروات كبيرة، ومن ذلك يوجد 22 معدنًا مثل الذهب والزنك وغيرهما.
ومساحة دولة جنوب السودان كبيرة للغاية تصل إلى 684 ألف كم مربع أي 3 أضعاف دولة أوغندا، والمستثمر المصري أو أي مستثمر يمكن أن يبدأ في أي مجال من هذه المجالات التي تحتاج إلى العمل فيها بقوة، ونحن نرحب بالجيران وأبوابنا مفتوحة للجميع، ومصر جيراننا.
ماذا عن التحديات التي تواجه دولة جنوب السودان؟
هناك العديد من التحديات التي تواجهنا، أبرزها عدم الاستقرار خلال السنوات الماضية من ناحية الأمن لكننا دخلنا في اتفاقية سلام وجارٍ تنفيذها والأوضاع استقرت، والتحدي الثاني هو أن 98% من دخل جنوب السودان يعتمد على البترول، وذلك تأثر بانتشار فيروس كورونا المستجد بصورة كبيرة، وكذلك ضعف التعليم والحاجة إلى التدريب والخبرات.
لا زلنا في الفترة الانتقالية.. وسيكون هناك انتخابات عقب انتهائها
ماذا عن الأوضاع السياسية والفترة الانتقالية؟
حاليا نحن في الفترة الانتقالية بعد توقيع اتفاق السلام في عام 2018، وتم تنفيذ العديد من بنود الاتفاق لكن تبقى بعض البنود التي لا زالت في مرحلة التنفيذ، ومع انتهائها سيكون هناك انتخابات لتحديد خارطة الطريق والأوضاع الآن تتجه إلى الاستقرار، ونسعى لتحقيق التنمية في بلادنا.
نلحظ وجود تعاون بين مصر وجنوب السودان في مجال الموارد المائية؟
بالفعل هناك تعاون كبير بين البلدين في هذا المجال، فمصر تتعاون معنا على تنفيذ عدد من مشروعات المياه مثل السدود وعلى رأسها إعداد دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية لمشروع سد وأو المتعدد الأغراض بدولة جنوب السودان، والمساعدة في مواجهة الفيضانات وغيرها، وهناك زيارات متبادلة بين وزراء الري والمياه في الدولتين بصورة مستمرة.
والتعاون مع مصر في مجال الموارد المائية مهم جدا ومتعدد، بداية من تحديد منسوب المياه في نهر النيل الأبيض لمواجهة حدوث الفيضانات في جنوب السودان وتوقع حجم الفيضان من خلال محطات القياس، ومصر أيضا تسهم في إنشاء محطات مياه شرب الجنوب وبناء سدود لتحقيق الاستفادة القصوى من موارد المياه المتاحة ما يدعم شعب الجنوب في توفير المياه والكهرباء والتنمية.
ما موقف دولة جنوب السودان في أزمة سد النهضة؟ وكيف ترى الحل؟
جنوب السودان قدمت بالفعل مقترحا للوساطة في أزمة سد النهضة لأننا لا نريد تصعيدا حفاظا على استقرار وأمن المنطقة، وهذا المقترح كان يهدف للوصول لاتفاق مرض لكل الأطراف مصر وإثيوبيا والسودان، حتى يعم السلام في المنطقة.
ونحن ندعم مسار التفاوض والحوار بين الدول الثلاث لحل النقاط الخلافية من خلال الجلوس على طاولة التفاوض والمحادثات المشتركة.