حملة الفقراء.. حلم الشرق الذي راود الأوروبيين
في مثل هذا اليوم 15 أغسطس من العام 1096، انطلقت ما تعرف بحملة الفقراء والفلاحين، وهي أولى حملات الصليبيين على الشرق، لكن لم تكن منظمة بشكل عسكري ولم تشارك فيها أي جيوش، إنما كانت حملة شعبية من عامة الناس، أغلبهم من الفقراء والذين كان لهم الأغلبية في المجتمع الأوروبي الفقير والأمي في ذلك الوقت، تحركوا بوازع ديني وآخر طامح في حياة جديدة أفضل من التي يحيونها في أوروبا المليئة بالفقر والمعاناة.
كان الشرق حلم الأوربي البسيط والغني، فهي تلك البلاد المليئة بالخيرات، بلاد ألف ليلة وليلة، بلاد القصور وبيوت الأموال، بلاد اللافقر، بلاد المعارف والعلوم، كانت بمثابة الكنز الذي ما دام أرادوه، حلمهم الذي راودوه، فأردوه، على مر التاريخ وهم يحاولون استنزافه حجرًا فحجرًا، حملات خلف حملات، وحروبًا بالسيف، وأخرى بالمكيدة.
وقد وجدوا الذريعة، تلك الحجة التي امتطوها، بيت المقدس وصليب الصلبوت، كنيسة القيامة وقبر المسيح، فأخذ بُطرس الناسك ذلك الخطيب المؤثر في الناس، بتحفيزهم وتجميعهم من أجل الهدف، وهو الذهاب تجاه الشرق وبيت المقدس لتخليصه من المسلمين، وفي 15 أغسطس، خرج الفلاحون من كل مكان، متسلحين بالعصي والسكاكين، كان تعدادهم نحو 40 ألف، لكنهم لم يكونوا منظمين، وشيئا فشيئا قلت نسبة سيطرة بطرس الناسك عليهم.
أخذوا ينهبون كل ما يقابلونه، ويهاجمون البيوت والكنائس، ولم يتركوا أحدًا مسلمًا أو مسيحيًّا، حتى وصلوا الأناضول، وسيطر بعضهم على إحدى القلاع، فحاصرها المسلمون، وقطعوا عنها الماء، حتى استبد بهم العطش، واستسلموا، وكان شرط المسلمين لعدم قتالهم، أن يعلنوا إسلامهم، فتركوا من أعلن، وقتلوا من بقي على دينه، فدفع ذلك أن يهاجم الباقي وكانوا أكثر من 20 ألفًا، بغية الثأر لإخوانهم، ليفاجأوا بجيش المسلمين النظامي، يهاجمهم بالسهام من فوق الأشجار، ومجموعة كبيرة من الفرسان فوق أخيلتهم تتقدم إليهم بشدة وحزم، ويقتلون منهم الكثير بالسيوف، لينهار قوامهم ويولوا أدبارهم فارين من المسلمين.
كانت تلك الحملة العشوائية بمثابة البداية التي تبعتها حملات الصليبيين على الشرق والتي استمرت من وقتها وحتى عام 1291، أي قرابة القرنين من الزمن، قضاها الطرفان في معارك دامية، وحروب ضخمة.