الإثنين 23 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

صدمة حضارية.. هكذا أثرت الحملة الفرنسية في الشعب المصري

لوحة فنية تصور دخول
ثقافة
لوحة فنية تصور دخول نابليون وجنوده القاهرة
الخميس 01/يوليو/2021 - 06:10 م

تمُر اليوم ذكرى وصول الحملة الفرنسية إلى الإسكندرية، فبعد احتلال نابليون بونابرت جزيرة مالطا، اتجه بأسطوله الحربي تجاه شواطئ الإسكندرية، ووصل هناك 1 يوليو عام 1798، بغرض احتلالها ضمن حملاته التوسعية، وقد أغرى حكومة فرنسا بزيادة نفوذها وسيطرتها على البحر المتوسط، ولما لمصر من موقع هام ومتميز، وأراضٍ خصبة بالثقافة والتاريخ، التحمت قوات نابليون تحت قيادته مع حامية مدينة الإسكندرية، وحاصروهم من كافة الاتجاهات، وأجبروهم على الانسحاب إلى قلعة فاروس، لكنهم لاقوا بعد ذلك مقاومة شعبية كبيرة من سكان الإسكندرية، فقابلوهم بالمدافع والمقذوفات حتى فتكوا بالكثير من البشر والحجر.

بعدما استقر الوضع لنابليون في الإسكندرية أرسل خطابًا للشعب المصري في القاهرة باللغة العربية، واتبع فيه أسلوب الاستعطاف الديني حتى أنه غالى كثيرًا في ذلك، كي يكسب ولاءهم ويطمئنهم، وبدأه بـ"بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله، ولا ولد له ولا شريك له في ملكه. من طرف الفرنساوية المبني على أساس الحرية والتسوية؛ السر عسكر الكبير أمير الجيوش الفرنساوية بونابارته"، وتحدث فيه عن غرضه في القضاء على المماليك، وأنه لن يمس المصريين بسوء، بل جاء ليخلصهم من معاناتهم، "يا أيها المصريون، قد قيل لكم إنني ما نزلت بهذا الطرف إلا بقصد إزالة دينكم، فذلك كذب صريح، فلا تصدقوه، وقولوا للمفترين إنني ما قدمت إليكم إلا لأخلِّص حقكم من يد الظالمين، وإنني أكثر من المماليك أعبد الله سبحانه وتعالى وأحترم نبيه والقرآن العظيم".

 

اتجه نابليون إلى القاهرة مباشرة، وقد واجهه المماليك مرتين بقيادة مراد بك، الأولى بالرحمانية، وقد هزمهم بصعوبة وكاد أن يربح المماليك تلك المعركة، والثانية على أبواب القاهرة، في معركة تعرف باسم واقعة إمبابة، والتي قضت فيها حملة نابليون على المماليك تمامًا في أقل من ساعة، حيث دكت جميع حصونهم وخلفت الكثير من القتلى، وهرب بعدها مراد بك إلى الصعيد، عمل بعد ذلك نابليون إلى تحصين القاهرة من الاعتداءات الخارجية، وفي أثناء ذلك دُمر اسطوله بالكامل في الإسكندرية، وأصبح في عزلة تامة عن الدولة الفرنسية.

قاد الأزهر الشريف وعلمائه الشعب المصري للقيام بثورة ضد الاحتلال الفرنسي في 20 أكتوبر عام 1798، احتجاجًا على ما حل بالمصريين من ظلم وقهر وسلب لأموالهم، وسلب ونهب لتجاراتهم وبيوتهم، فقابلهم نابليون وجنوده بعنف وحزم شديد فضربهم بالبنادق والمدافع، فأفشل الثورة وقُتل أكثر من 2500 من المصريين وأعدم 6 من شيوخ الأزهر ممن قادوا الشعب للخروج عليه.

كانت الحملة الفرنسية بمثابة الصدمة التي أعادت المصريين إلى طريق التقدم والحضارة بعد عقود من الظلام تحت راية الحكم العثماني، أنشأ نابليون المجمع العلمي، وكان من أغراضه بعث العلوم والمعارف داخل المجتمع المصري، إبداء الرأي في الأمور التي تواجهها الحكومة، دراسة المسائل التاريخية والطبيعية والصناعية، وأنشـأ العديد من المعامل الخاصة بالبحث العلمي، وقد زاره العديد من العلماء المصريين ليروا التجارب التي يقوم بها المعمل، وقد وصفه الجبرتي وقال عنه: "ومن أغرب ما رأيته في ذلك المكان، أن بعض المتقيدين لذلك، أخذ زجاجة أخرى فغلا الماء وصعد منه دخان ملون، حتى انقطع وجف ما في الماء وصار حجرًا أصفر". 

كما ألف علماء الحملة الفرنسية كتاب وصف مصر الموضوع في 20 مجلد اشتملت على وصف الطبيعة الجغرافية والفنية وآداب لمصريين وفنونهم وحياتهم اليومية وغيرها، كما أحضر نابليون معه المطبعة بالحروف العربية، والتي أحدثت بعد ذلك ثورة في طباعة ونشر الكتب، واهتم أيضًا بالأثار المصرية والكشف عنها، وأهم اكتشافاتها في هذا الميدان اكتشاف حجر رشيد وفك رموزه، والتي كانت السبب في فهم اللغة المصرية القديمة.

وفي أكتوبر 1801، بعد معارك طاحنة مع الجيشين الإنجليزي والبريطاني، تم إجلاء الحملة الفرنسة عن مصر وغادر آخر جنود الحملة بقيادة جاك فرانسوا مينو، عائدين إلى فرنسا.

تابع مواقعنا