حضرة بونابارته محب الملة المحمدية... كيف وصف الجبرتي نابليون بونابرت؟
نابليون بونابرت، هو أشهر قائد عسكري مر بتاريخ فرنسا، صاحب الحملات العسكرية التي أرهبت أوروبا وأخضعتها، إمبراطور فرنسا وحاكمها المحبوب، والذي تحل علينا اليوم ذكرى ميلاده الموافق 15 أغسطس من عام 1769، ولتاريخنا المصري منه نصيب، حيث كانت حملته التي قادها لغزو مصر لها أثر عظيم على النهضة المصرية الحديثة، وكانت بمثابة لحظة الاستفاقة على العالم الجديد الذي تطور وسبقنا بسنوات في شتى المجالات.
كانت الحملة الفرنسية قد أتت في عصر أحد أشهر المؤرخين المصريين، عبد الرحمن الجبرتي، والذي كان منبهرًا بنابليون وبعلماء حملته، وزارهم مرارًا، وقد وصف وصول نابليون في كتابه عجائب الآثار في التراجم والأخبار قائلًا: وقد حضر إلى محروسة مصر المحمية أمير الجيوش الفرنساوية، حضرة بونابارته محب الملة المحمدية، ونزل بعسكره في العادلية سليمًا من العطب والأسقام، ودخل إلى مصر من باب النصر يوم الجمعة في موكب عظيم وشنك جليل فخيم، وصحبته العلما والجواقات السلطانية وأرباب الأقلام الديوانية وأعيان التجار المصرية.
كما وصف المماليك والألفي قائدهم بالمجرمين، وقال عن تحصنهم بالشرقية لتجميع قواهم ضد الحملة: وقد بلغنا أن الألفي توجه إلى الشرقية مع بعض المجرمين من عربان بليَّ والعيايدة الفجرة المفسدين، يسعون في الأرض بالفساد وينهبون أموال المسلمين «إنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ».
كما ذكر أنهم لم يستغلوا المصريين ولم يعاملوهم بنظام الاستعباد والسخرة بل أعطوهم حقهم وأكثر.. ولم يسخّروا أحدًا في العمل، بل كانوا يعطون الرجال زيادة عن أجرتهم المعتادة، ويصرفونهم من بعد الظهيرة.. كانوا يجعلون بدل الغلقان والقصاع عربات صغيرة ويداها ممتدتان من خلف يملؤها الفاعل ترابًا أو طينًا أو أحجارًا من مقدمها بسهولة، بحيث تسع مقدار خمسة غلقان، ثم يقبض بيديه على خشبتها المذكورتين، ويدفعها أمامه فتجري على عجلتها بأدنى مساعدة إلى محل العمل.
وقال الجبرتي إنهم عاملوا المسلمين بكل الود واللطف: وإذا حضر إليهم بعض المسلمين ممن يريد الفرجة لا يمنعونه الدخول إلى أعز أماكنهم، ويتلقونه بالبشاشة والضحك، إذا رأوا فيه قابلية أو معرفة أو تطلعًا للنظر في المعارف بذلوا له مودتهم ومحبتهم، ويحضرون له أنواع الكتب المطبوع، ولقد ذهبت إليهم مرارًا، وأطلعوني على ذلك، فمن جملة ما رأيته كتاب كبير يشتمل على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ومصورون به صورته الشريفة على قدر مبلغ علمهم واجتهادهم، وهو قائم على قدميه ناظر إلى السماء كالمرهب للخليقة، وبيده اليمنى السيف وفي اليسرى الكتاب، ورأيت بردة للبوصيري، ويحفظون جملة من أبياتها وترجموها بلغتهم، ورأيت بعضهم يحفظ سورًا من القرآن.
والجدير بالذكر أن الحملة الفرنسية قد وصلت مصر في العام 1798 عن طريق الإسكندرية، ورحلت في عام 1801، بعد معارك طاحنة دارت بين الجيش الفرنسي وبين جيش العثمانيين والإنجليز انتهت بجلاء الحملة الفرنسية عن مصر، بعدما قامت باكتشافات عظيمة خاصة في مجال الآثار وفك رموز حجر رشيد.