صاحب قصر الأقصر.. قبطى باع 700 فدان لإنقاذ الوفد من الإفلاس
انتهت محافظة الأقصر، مساء الأربعاء الماضي، من أعمال هدم قصر توفيق باشا أندراوس، بعدما أثار قرار هدمه ضجة إعلامية داخل مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية.
ولد توفيق سنة 1893 بمدينة قوص من أسرة عريقة كان والده أندراوس باشا بشارة من أثرياء مصر في ذلك الوقت، وورث توفيق أندراوس حبًا للعمل العام والخيري والسياسي عن والده، والتي بدأها الأب بوقف مائة فدان من أملاكه لخدمة مساجد وكنائس الأقصر مناصفة وعشرة أفدنة أخرى لخدمة المدرسة الصناعية وبني مدرسة الأقباط ومسجد المقشقش ومسجد المدامود ووغيرها الكثير من المشروعات الخيرية.
ويُعد قصر توفيق أندروس باشا واحدًا من مجموعة القصور ذات القيمة التاريخية النادرة بمحافظة الأقصر بُني عام 1897م، وكان يضم مجموعة من القطع الأثرية التي نقلت إلى المخازن الأثرية في الأقصر قبل نحو 20 عامًا.
بداخل قصرتوفيق باشا أندراوس، العديد من الحكايات السياسية المرتبطة بحزب الوفد، لا سيما مع الزعيم سعد زغلول؛ حيث يروي العديد من المؤرخون في كتب التاريخ أنه كان لتوفيق باشا أندراوس نصيب الأسد في تمثيل أبناء بلدته بمجلس النواب المصري لثلاث دورات متتالية من عام 1923 إلى 1935، ولم يجرؤ أحد على الترشح أمامه، وأطلق عليه "سبع الصعيد" بعد مبايعته لسعد زغلول باسم المسيحيين، وكان يتولى إدارة مؤتمرات حزب الوفد، ويتبرع بالأراضي والأموال لصالح خزينة الحزب.
خدم توفيق أندراوس الأقصر نائبًا عنها لمدة 14عاما دون منافس وفى إحدى الدورات رشح القصر أمامه خيري باشا زوج ابنة السلطانة ملك ولم يحصل أمامه ألا على صوت واحد. ويذكر له التاريخ إنه نتيجة لمجهودة دخلت المياه النقية والكهرباء الأقصر قبل الجيزة.
تصدر توفيق صفوف ثورة 1919 ووهب لها حياته وحاول القصر الملكي أن يثنيه عن توجهاته الوطنية فعرض عليه أحمد حسنين باشا، رئيس الديوان الملكي في عهد الملك فاروق، وكان زميلًا له في جامعة إكسفورد رغبة الملك فؤاد تعيينه سفيرًا لمصر في لندن بشرط أن يوقف نشاطه المعادي للإنجليز، لكنه رفض ليواصل الكفاح مع الحركة الوطنية.
وعندما نفت السلطات البريطانية الزعيم سعد زغلول ورفاقه لم يتردد توفيق أندراوس في أن يبيع 700 فدان من أملاكه ليضع ثمنها تحت تصرف السيدة صفية زغلول، لتمويل الحركة الوطنية بعد أن علم بنضوب خزينة الوفد.
توفى توفيق باشا أندراوس وهو فى رعيان شبابة وسنة لم يتجاوز ال43 من عمرة وافق يوم وفاتة تلاقى عيد الفطر وعيد الميلاد في يوم واحد فخيم الحزن على الأقصر وخرجت جماهير الأقصروالبلاد المجاورة في موكبه الحزين وحضر جنازته العديد من الشخصيات منهم مكرم باشا عبيد وتوفيق دوس باشا وزير المواصلات وال عبد النور وال مشرقي وال ويصا وحكمدار قنا ونقيب الأشراف وكان في مقدمة المشيعين رجال الدين والكهنة، وعلى رأسهم مطران قنا نائبا عن قداسة البابا يؤانس بطريرك الأقباط.
بعد وفاة توفيق أندراوس، في سنة 1935، تألفت لجنة من وجهاء الأقصر وعلمائها بدعوة من الشيخ محمد موسى الاقصرى لأعيان مسلمي الأقصر لإظهار الإخاء المتبادل ومتين الروابط بين عنصري الأمة، وتقديرا لجهود توفيق أندراوس نائب الأقصر الراحل وعضو الهيئة الوفدية ـ في ذلك الوقت.
ويصف محمد عبد الباسط الحجاجى سكرتير لجنة التأبين، وقائع يوم رحيل توفيق أندراوس في كتابه "ذكرى توفيق" قائلا " وقع النعي على كل من عرف توفيقا وقوع الكارثة وأصبح الناس بين مكذب ومصدق فالفقيد حتى ليلة وفاته كان كامل القوة موفور الصحة مليئا بالنشاط الذي عهده فيه جميع أصدقائه وخلصائه اخذ كل امرئ يتساءل هل مات توفيق؟ هل مات صاحب الجهاد الطويل؟ هل مات صاحب الصفحة الخالدة؟ هل مات صاحب المبدأ القويم؟ وما كاد يذاع النعي المشئوم حتى تقاطرت الوفود من كل حدب وصوب على دار الفقيد تبكيه وتندبه وأخذت برقيات التعازي من الأمراء والرؤساء والعظماء والأصدقاء تترى على شقيق الفقيد الأكبر سعادة الكومندور يسى بك أندراوس بشارة، وانقضى يوم الوفاة بطوله والجموع الغفيرة تحيط بسراي الفقيد تبكى رجل الأقصر الفذ الذي أبلى البلاء الحسن في سبيل إسعادها وتجميلها.