حارب أخاه وثار عليه المصريون.. ذكرى تنصيب الخليفة المأمون
لا خير في الإسراف، ولا إسراف في الخير.. تمر اليوم ذكرى تنصيب عبد الله المأمون خليفة للمسلمين بعد والده الخليفة هارون الرشيد، ليكون بذلك سابع خلفاء العباسيين، اشتهر عهده بالثورات والقفزات العلمية والثقافية، شهدت خلافته نهضة علمية في الطب والفلك والفلسفة.
ولد في 786هـ ويقال إنه اليوم الذي تولى فيه هارون الرشيد خلافة المسلمين، وأمه فارسية ماتت في فترة النفاس، تلقى العلم عن العديد من الشيوخ والعلماء من مشاهير عصره، منهم أبو الهذيل العلاف، وعندما أصبح في الثالثة عشر من عمره أعطاه والده ولاية العهد للخلافة من بعد أخيه الأمين، وأعطاه خرسان إلى همذان، وجعله شبه مستقل بإدارتها، وأخذ على ولديه العهود والمواثيق بأن لا يتعرض أحدهما للآخر، وعلق تلك المواثيق في الكعبة.
نشبت العديد من الخلافات بين الأخوين، انتهت بإعلان الحرب بينهما، فجهز المأمون جيشه، وحشده على حدود خرسان، وولى على رأسه طاهر بن الحسين، والأمين أرسل جيشه بقيادة علي بن عيسى بن ماهان، وانتهت تلك المعركة بانتصار جيش المأمون، أصر الأمين بعدها على إرسال جيوش عديدة لكنهم هزموا جميعًا، مما جعل جيشه الرئيسي يصاب بالهوان والضعف من هذا الاستنزاف، فانتهز المأمون الفرصة وتقدم نحو العراق وحاصر بغداد، حتى اشتد الجوع على أهل بغداد، إلى أن طلب الأمين الأمان والتسليم، وعندما تقدم للتسليم أسره جيش المأمون وأمر طاهر بن الحسين بقتله.
المأمون لا يتهاون.. ثورات وانقسامات أخمدها بالبطش
قامت في عهد المأمون العديد من الثورات وأولها في بداية حكمه من أهل العراق، بسبب ميله للفرس وتفضيله لهم، وقد تزعمها أبو السرايا السري بن منصور الشيباني، واشتعلت من مدينة الكوفة، وانضم لها أعداد كبيرة من العلويين الذين يعادون حكم العباسيين، أرسل له المأمون عدة جيوش، انتصر أبو السرايا عليها، وسيطر على البصرة والقادسية وأعلن نفسه حاكمًا عليهم وضرب النقود باسمه، فأرسل له المأمون هرثمة بن أعين، فقضى على تلك الثورة وقتل الكثير من أتباعها وعلى رأسهم قائدها أبو السرايا.
والثورة الأكبر والأخطر كانت في مصر، إذ كانت أحوال الناس لا تسر، وصار الناس مقسمين إلى مؤيدين للمأمون وآخرين للأمين وغيرهم اتبع السري بن الحكم والذي كان يريد الاستقلال بمصر عن الخلافة العثمانية، وفي تلك الأثناء كان هناك الكثير من الأندلسيين الهاربين من الحاكم الأموي، فاستولوا على الإسكندرية، وأسسوا إمارة أندلسية ظلت قائمة لعشر سنوات.
فأرسل المأمون عبد الله بن طاهر إلى مصر، وعندما وصل أرسل لهم يهددهم بالحرب، وأمرهم بالدخول في طاعة الخليفة، فأجابوه، وغادروا متجهين إلى جزيرة كريت، واستولوا عليها، وبعدها بفترة ثار أقباط مصر عليه، واستمرت الثورة 8 أشهر شارك فيها معظم المصريين، فذهب المأمون إلى مصر بشخصه، ليقف على الأحوال ويهدئ من الأوضاع، وعزل الوالي وعين غيره وحاول استرضاء المصريين، لكنه في الأخير استخدم القوة ضدهم ليستطيع إنهاء تلك الثورة.