«اعتقالات سبتمبر».. ننشر شهادة محمد حسنين هيكل عن تفاصيل اعتقاله
في الخامس من سبتمبر 1981، قرر الرئيس الراحل محمد أنو السادات، تفعيل 74 من الدستور المصري، والتي تنص على أن لرئيس الجمهورية في حال وجود خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يؤدي إلى تعطيل عمل مؤسسات الدولة والمصالح الحكومية، عن أداء دورها الذي يخوله لها القانون والدستور، أن يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر، ويوجه بيانًا إلي الشعب المصري، ويقوم بإجراء استفتاء علي ما اتخذه من إجراءات خلال ستين يوما من بدء العمل بها.
تفعيل السادات للمادة الـ74، أتاح له إصدار قرارات بالقبض على 1536 من الشخصيات المصرية السياسية والقيادات الحزبية والدينية، ومن مختلف التوجهات من الليبرالية إلى الإسلامية، وقبيل إصدار السادات القرارات، كانت طرقات أيدي عناصر الأمن، بدأت على أبوب هؤلاء السياسيين لتقودهم إلى معتقلات وسجون كانت قد جهزت بالفعل لاستقبالهم.
الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، أورد شهادة حول عملية اعتقاله خلال تلك الاعتقالات في كتابه «خريف الغضب»، قائلًا «كنت أعرف أن السادات يستعد للانقضاض علي كل معارضيه.. وكنت أعلم أنه عندما يقع ذلك فإن شيئًا منه سيصيبني شخصيًا، ولقد قدَّرت احتمال أن يأمر بإخراجي من نقابة الصحفيين ويتصور بذلك أنه يمنعني من ممارسة المهنة، ولكنه لم يخطر ببالي في ذلك الوقت أنه يمكن أن يعتقلني أو يعتقل آخرين في مثل ظروفي في صدد حملة يوجهها هو - باعترافه - إلي الفتنة الطائفية».
وتابع «في نحو الساعة الثانية من صباح 3 سبتمبر كانت هناك طرقات علي باب شقتي في الإسكندرية، كان معي في الشقة ليلتها اثنان من أبنائي، وسمع ابني الثاني طرقات الباب، فذهب ليجد اثنين من ضباط مباحث أمن الدولة، يطلبان منه فتح الباب، ولما رجاهما الانتظار إلي الصباح كان قولهما له: إنهما يرجوان أن لا يضطرهما إلي كسر الباب، وجاء لإيقاظي من النوم، فذهبت وفتحت باب الشقة لهما، ودعوتهما إلي الدخول.. وقالا لي علي الفور إنني مطلوب لمباحث أمن الدولة».
ويضيف «نظرت في ساعتي، وكانت الساعة الثانية والثلث صباحًا وذكرتهما بأنني أنا الذي صغت عبارة زوار الفجر في مقالاتي في الأهرام، وانتقدت بها بعض تجاوزات الأمن في وقت عبدالناصر، فكيف يحدث في عصر يدَّعي الديمقراطية أن يدق علي بابي أحد في مثل هذه الساعة.. وقالا إنهما في أشد الأسف، ولكنهما مكلفان بأمر يتحتم عليهما تنفيذه، وسألتهما إذا كان غيابي سيطول، وبالتالي إذا كان من المستحسن أن آخذ حقيبة بما أحتاج إليه من ملابس أو أدوية.. وكان ردهما بأن لدي عشر دقائق أحزم فيها حقيبتي».
«عندما خرجت من باب الشقة، راعني ما رأيت، فعلي الردهة خارج الباب كانت هناك ثلة من الجنود المسلحين بالمدافع الرشاشة، وكان هناك أحد الضباط يمسك بجهاز لاسلكي يبلغ فيه أولًا بأول تفاصيل عملية الاعتقال».