حكم التنازل عن الأبناء وتغيير نسبهم.. دار الإفتاء توضح
كشفت الأمانة العامة لدار الإفتاء المصرية، حُكم التنازل عن الأبناء وتقييدهم باسم آخر بدلًا من أبيهم في سجلات المواليد.
ورد سؤال إلى دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي، حول حكم تنازل الأب عن ابنته لأخيه الذي لم يُنجب، وما إذا كان يجوز للأخ أن يقيدها باسمه في سجلات المواليد بدلًا من أبيها، أسوة بما هو متبع مع الأطفال اللقطاء.
قالت دار الإفتاء، إن من النُظم التي كانت سائدة في الجاهلية نظام التبني؛ وهو أن يتخذ شخص ولدًا له سواء أكان هذا الولد الدعي معروف النسب أم مجهوله، وأن يُصرح بأنه ليس ولدًا حقيقيا له، وكان المتبع أيضًا أن هذا التبني يثبت للولد الدعي جميع الحقوق التي تثبت للابن الحقيقي على أبيه.
أضافت أن الإسلام جاء وقضى على هذا النظام وأبطله؛ فأمر بأن لا ينسب أحدًا لغير أبيه، وأن لا يُنسب الولد إلى من تبناه كما كان الحال قبل تشريع؛ هذا الحكم الذي قرره الله سبحانه وتعالى بقوله: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ.
تابعت دار الإفتاء: فقد أثبتت هذه الآية وغيرها من السنة والآثار الواردة في هذا الباب أن التبني لا يثبت به نسب من المتبني، وأن الولد المتبنى لا يكون ابنًا لمن تبناه، ولا يجب لأحد منهما على الآخر حق أبوة ولا بنوة، مضيفة أن هذا هو حكم التبني في الشريعة الإسلامية.
أوضحت أن الإقرار بالبنوة إن كان صحيحًا لمقر بنوته، ويثبت به النسب شرعًا، إلا أن ذلك مقيد بشروط ثلاثة:
الأول: أن يكون الولد المقر ببنوته مجهول النسب.
الثاني: أن يكون هذا الولد بحيث يولد مثله لمثل المقر به.
الثالث: إذا كان الولد المقر ببنوته مميزًا فلا بد من أن يصدق المقر في إقراره.
أردفت الإفتاء أنه في كل هذه الأحوال لا ينبغي لأي شخص أن يقر ببنوة ولد، وهو لا يعتقد أنه ولد له وخلق من مائه، مؤكدة أنه لا يجوز شرعًا لهذا الأخ أن يتبنى بنت أخيه، كما لا يجوز لأبيها أن يتنازل عنها لأخيه على وجه يقطع نسبها الثابت منه حقيقة؛ لأن النسب الثابت لا يقبل الفسخ.
أكدت دار الإفتاء أنه لا يجوز لهذا الأخ أن يقر ببنوة بنت أخيه؛ لعدم توفر ما جعلته الشريعة شرطًا لصحة هذا الإقرار؛ حيث إن هذه الصغيرة ليست مجهولة النسب، بل منسوبة لأبوين حقيقيين؛ فلا يجوز الإقرار ببنوتها، كذلك لا يجوز قيدها باسم عمها بدلًا من أبيها، وإلا كان ذلك تحويلًا لهذا النسب الذي أصبح حقًا مكتسبًا لهذه الصغيرة بالميلاد من أبيها، وذلك لا يجوز شرعًا؛ لأن النسب لا يقبل التحويل.
كما أنه لا يجوز أن تعامل هذه البنت معاملة اللقطاء؛ لأن اللقيط حي مولود رماه أهله خوفًا من العيلة أو فرارًا من تهمة الزنا.
اختتمت دار الإفتاء: ننصح الأخوين الكريمين بعدم الإقدام على كل ما من شأنه أن يؤدي إلى فسخ نسب هذه الصغيرة؛ لأن النسب خالص حقها اكتسبته بالميلاد، فليس لأحد أن يغيره، لافتة إلى أن الإقدام على ذلك فضلًا عما فيه من القضاء على حقوقها المكتسبة شرعًا، فإنه خروج على أمر الله الذي يقول: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ.