بعد إيمان الحصري.. علماء دين يكشفون رؤية الشرع للخطأ الطبي ومسؤوليات الطبيب المتعثر
تعيش الإعلامية الشابة إيمان الحصري حالة من الوهن الصحي منذ أشهر، خضعت خلالها لثمانِ جراحات متتالية، إثر تعرضها لخطأ طبي فادح تسبب لها في مضاعفات صحية خطيرة.
وتسبب خبر انتقال الحصري إلى ألمانيا قبل أيام لتلقي العلاج؛ نظرًا لتدهور حالتها الصحية في ظل بروتوكول العلاج الذي كانت تخضع له داخل مصر، في إثارة مجموعة من التساؤلات حول موقف الشرع من الطبيب المعالج الذي يرتكب أخطاءًا طبية في حق مرضاه، هل يعتبر قاتلًا؟ وماذا ينتظره بعد وفاة ضحاياه؟
حول ذلك يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، والداعية الإسلامي، في تصريحاته ل القاهرة 24، إن وفاة المرضى نتيجة الخطأ الطبي أمر يدخل في حيز القتل الخطأ.
وأضاف أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف أنه في حالة وفاة أي مريض نتيجة تعرضه لخطأ طبي؛ فإن ذلك يلزم الطبيب بدفع دية القتل الخطأ.
وكشف العالم الأزهري عن طريقة دفع دية القتل الخطأ للطبيب الذي يتسبب في وفاة أحد مرضاه، قائلًا إنه يدفعها من ماله الخاص، أو مال من يُعينه، لورثة الميت.
ولفت الداعية الإسلامي أحمد كريمة إلى المدة المحددة شرعًا لإتمام دفع دية المقتول خطأً، موضحًا أنها تستمر حتى ثلاث سنوات كاملة.
في السياق ذاته، يقول الدكتور محمد علي، الداعية الإسلامي، إنه لا شك أن الطبيب مسؤول عما يقع منه من خطأ تجاه المريض، موضحًا أن هذه المسؤولية تعظم أو تقل حسب نوع الخطأ ودرجته.
وتابع الداعية محمد علي خلال حديثه ل القاهرة 24، أن الشريعة الإسلامية قد دلت على اعتبار المسؤولية الطبية، مستدلًا بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن".
وأشار الداعية الإسلامي إلى أن الطبيب الذي يتوفى أحد مرضاه نتيجة خطأ وتقصير منه، يضمن ما لحق للمريض من أذى، بمعنى أنه يتحمل نتيجة خطأه.
وعن حكم دفع الطبيب للدية في حال كان المتوفي نتيجة الخطأ الطبي مُأمنًا على حياته لدى إحدى شركات التأمين، قال الداعية محمد علي إن دفع الطبيب نتيجة خطأه شيء يختلف عن كون المريض لديه تأمين على الحياة أم لا، لافتًا إلى أنه لا علاقة للأمرين ببعضهما.
وذكر علي أنه إذا أتقن الطبيب عمله، وأعطى الصناعة حقها ثم حصل ضرر لا يد له فيه لم يضمن، مؤكدًا أنه ليس عليه شيء في تلك الحالة.
وبيّن أن الفرق بين الأمرين يكمن في كون الطبيب لم يُتقن عمله وأخطأ في الحالة الأولى، أما الثانية، فقد أتقن عمله لكن الخطأ كان خارجا عن إرادته.
وأوضح الداعية الإسلامي محمد علي أن كفارة خطأ الطبيب إذا أدى إلى موت المريض هي كفارة القتل الخطأ، وهي عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب المخلة بالعمل والكسب، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، ودليل ذلك قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَل َمُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا.
وتابع أنه نظرًا لعدم وجود الرقبة، فالواجب عليه صيام شهرين متتابعين، والدية في هذه الحالة تكون على عاقلته، وقيل: على بيت المال، لافتًا إلى أنها تسقط إذا عفا عنها الورثة، مشيرًا إلى أن الكفارة لا تسقط.
وأردف علي أن عاقلة الإنسان هم عصبته، وهم الأقرباء من جهة الأب، كالأعمام وبنيهم، والإخوة وبنيهم، فهم من يدفعون الدية عنه.