"احتراما لمنطق الزمن وتغير الناس".. هل تشير تصريحات السيسي إلى تغيير الموقف القانوني لشيخ الأزهر؟
اعتلت أزمة الطلاق الشفهي قمة محادثات الكثيرين مجددًا في الساعات الأخيرة، بعد تصريحات الرئيس السيسي أمس بالحلقة النقاشية حول قضية حقوق الإنسان.
وقال السيسي مُعلقًا على رفض الأزهر لدعواه بحظر الطلاق الشفهي قبل سنوات: "هل أنا نشفت دماغي مع المؤسسة الدينية.. لا.. انا سيبت الموضوع يتفاعل مع المجتمع ومع المؤسسة الدينية؛ احتراما لمنطق الزمن وتغيير الناس".
وتركت تصريحات الرئيس السيسي، الكثيرين في حيرة من أمر استمرارية الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في منصبه، خاصة وأن قضية الطلاق الشفهي ليست هي الأولى من نوعها التي لاقت معارضة شيخ الأزهر، فقد سبقها إلى ذلك، اختلافهما حول فكرة تجديد الخطاب الديني، فماذا ينتظر شيخ الأزهر بعد تصريحات الرئيس؟
الموقف القانوني لمنصب شيخ الأزهر:
منصب شيخ الأزهر هو أرفع المناصب في الدولة، وهو رئيس مؤسسة الأزهر، التي هي أكبر المؤسسات الدينية على الإطلاق، ولا يجوز بحال إدخاله في أي من الأمور السياسية، كما لا يجوز انتمائه لأي تيار مذهبي أو شبه ذلك، والأهم أنه يتمتع بسلطة مستقلة وغير قابل للعزل أو الإقالة، وذلك بنص الدستور والقانون.
وجاء نص الدستور على استقلالية مؤسسة الأزهر كما يلي: الأزهر هيئة إسلامية مستقلة قائمة بذاتها تختص وحدها بالقيام علي كافة شئون الأمة الإسلامية، وهو ما يحكي استقلالية مؤسسة الأزهر عن باقي مؤسسات الدولة، ونزع صفة التبعية عنها.
كما نصت المادة الرابعة من الدستور على أن شيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، يحدد القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء، وكل ذلك علي النحو الذي ينظمه القانون.
هل تتغير أحكام الدستور والقانون الخاصة بمنصب شيخ الأزهر بعد تصريحات السيسي؟
يقول الدكتور عمرو فاروق، الخبير والباحث في شؤون الحركات الإسلامية والجماعات الإرهابية والمتطرفة، إنه يرى أن التصريحات التي اشتمل عليها خطاب الرئيس السيسي أمس، لم تتطرق بشكل مباشر للحديث عن السيطرة على أي من المؤسسات الدينية، سواء الأزهر أو الإفتاء، أو إخضاع النتاج الفكري لتلك المؤسسات إلى الرئاسة.
وأوضح فاروق خلال حديثه ل القاهرة 24، أن الرئيس دائما ما ينبه على مسألة الوعي الفكري لدى المجتع، حيث يدعو إلى الاهتمام به في كافة المحافل والمناسبات.
وأشار الخبير في الإسلام السياسي إلى تصريحات الرئيس السابقة حول ضرورة تجديد النظر في المعتقدات الدينية، حيث أوضح أنها لم تكن دعوة للتخلي عن المعتقد الفكري، وإنما محاولة لإخراج العقل المصري من دائرة التلقين إلى فكرة العقل النقدي، التي هي إحدى أدوات معركة الوعي.
ولفت الدكتور عمرو فاروق إلى أن الرئيس حاول بتلك التصريحات، القضاء على مسألة الاستقطاب والتجنيد، والتي اعتمدت عليها التنظيمات المتطرفة في جذب أعدادٍ جديدة من الناس إليها.
وعن إمكانية تعديل القانون القاضي باستقلالية سلطة شيخ الأزهر، يرى فاروق أن الخلاف بين الأزهر والسيسي حول قضية الطلاق الشفهي لم يصل حتى حد الاصطدام.
وأوضح الدكتور عمرو فاروق أنه ما دام كان الخلاف يمكن حله بالنقاش فلا داعي أبدًا للاصطدام، مشيرًا إلى أن هذا هو ما حدث بين الرئيس ومؤسسة الأزهر بشأن الطلاق الشفهي.
من جانبه، أكد منير أديب، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب الدولي، أن الرئيس الدولة له سلطة سياسية ودينية على المجتمع، بمعنى أنه يستيطع أن يقيد حلالًا أو يحل أمرًا لم يكن حلالاد، إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك.
واستند الخبير والباحث في الإسلام السياسي في تصريحه ذلك إلى ما ورد في الأثر، عن سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، أنه منع حد السرقة في عام الجماعة.
وعن إمكانية إقالة شيخ الأزهر من منصبه، يقول أديب خلال حديثه ل القاهرة 24، إن شبخ الأزهر سلطة مستقلة لا يمكن عزله أو إقالته، إلا أنه يجوز لرئي الدولة في حالات استثنائية عزل أي شخص من منصبه إذا ما دعت الضرورة لذلك، أو وجدت قضايا ملحة اقتضت حدوث العزل.
وحول إمكانية دفع قضية تجديد الخطاب الديني إلى تعديل قانون الأزهر وسلطاته، يرى أديب أنها قضية خطيرة يمكن أن تدفع لذلك حقيقة، بل هي من أخطر قضايا المجتمع، حيث يترتب على عدم التجديد الكثير من المفاسد والخسائر، لذا يمكن اعتبارها إحدى القضايا الملحة المشار إليها سابقًا.