معركة التل الكبير.. كيف سقط أحمد عرابي في بئر الخيانة؟
معركة التل الكبير، هي إحدى المعارك الفاصلة في تاريخ مصر الحديثة، التي تسببت في احتلال مصر من قبل الإنجليز، بعد هزيمة الجيش المصري بقيادة الزعيم أحمد عرابي في المعركة، التي دارت وقائعها في مثل هذا اليوم 13 سبتمبر من العام 1882 بمدينة التل الكبير قرب قناة السويس.
توجه الجيش الإنجليزي نحو الإسماعيلية، فتحرك أحمد عرابي، الذي فكر في ردم قناة السويس، لكن ديليسبس قال له بأن الاتفاقات الدولية تمنع إنجلترا من استخدام قناة السويس ميدانا للحرب، وأن الإنجليز لا يستطيعون إنزال جنودهم إلا في وجود جنود فرنسيين معهم.
وصلت القوات الإنجليزية بورسعيد 20 أغسطس، ثم أنزلوا الجنود بالإسماعيلية، ولم يمنعهم أي أحد، وكان معهم سلطان باشا، مندوب الخديوي توفيق، وفي تلك الأثناء حاول محمود باشا بعدما أوكله أحمد عرابي، أن يقيم ما يستطيع من خطوط دفاعية عند التل الكبير، وساعدته الوفود من العرب والأعيان والمشايخ والصوفيين، بالمأكل والمواشي والجنود أيضا.
وفي تلك الأثناء، وصل قرار السلطان العثماني، والذي أعلن فيه عصيان عرابي، وأن ما يفعله مخالف لإرادة الدولة العثمانية، وكان هذا الإعلان هو أولى الضربات الكبرى التي وجهت لعرابي، لأنه أحدث الكثير من الفوضى بين الجنود، وجعل الكثير منهم يتردد، هل يمتثل لأوامر السلطان، أم عرابي، كما أُحبط الكثيرون وتملكت منهم روح الاستسلام، حتى عرابي نفسه، شعر بخيبة الأمل وأحس خطورة ما حدث، فكان شعاره على الدوام أنه يدافع عن حقوق الدولة العثمانية.
حاول أحمد عرابي أن يقنع جنوده بأنهم على صواب، وأن هذا القرار دسيسة من الإنجليز، وأنهم هنا يقاتلون أعداء الله الذين يحاولون احتلال البلاد الإسلامية، ويقول عرابي في مذكراته، لم تؤثر تلك النصائح في الذين يجهلون أحكام الدين، لكنهم أظهروا قبول ما أوضحناه، وأسروا الخيانة والغدر، ومن هؤلاء الخائنين، علي يوسف خنفس، قائد مقدمة الجيش المدافع عن التل، والذي تحالف سرًا مع الإنجليز.
استمال الإنجليز بمعاونة أتباع الخديوي، العربان بالدهب والأموال، مقابل الكشف الطرق المؤدية للمعسكرات المصرية، كما أتي الإنجليز بالمستشرق ادوارد بالمر، وهو أستاذ للغات الشرقية بجامعة كامبردج، وكان يعرف لهجات البدو جيدا، ونزل في سيناء لفترة ويعرفها جيدا، ونزل بناء على خطة موضوعة على قبائل البدو، قائلا لهم أنه تاجر إبل، وتقرب كثيرا من بعض شيوخ القبائل الذين أحبوه، ووثقوا فيه، ومن ضمن الأعمال التي وكلت له، أنه قطع أسلاك التلغراف، وأحرق الأعمدة، ليقطع الاتصال بين عرابي وتركيا، لكنه في 7 أغسطس، قطع عليه الطريق بعض البدو، وقتلوه ومن معه، طمعا في أمواله.
بداية المعركة وهزيمة أحمد عرابي في أقل من ساعة
في 12 سبتمبر أرسل علي يوسف الكثير من جنود الخط الأمامي إلى عرابي، وقال له بأن الإنجليز لن يتحركوا اليوم، وبث في أرجاء الجيش وجنوده الراحة والطمأنينة، وبعد منتصف الليل، بدأ الإنجليز زحفهم، ومر الإنجليز إلى جار قوات مقدمة الجيش المصري، لكن علي يوسف لم يتركهم يمرون فقط، بل أنار لهم الفوانيس حتى يتيسر لهم السير.
وعند الخامسة صباحا من يوم 13 سبتمبر هجمت الجنود الإنجليز على معسكر الجيش المصري، الذي كان نائمًا في ذلك الوقت، ولم يستطع غالبية الجنود الاستعداد لمواجهة بنادق الإنجليز التي فتكت بأغلب المصريين في أقل من ساعة، وفي ذلك الوقت قاوم الكثير من الجنود المصريين هجوم الإنجليزي العاتي، ببنادقهم ومدافعهم التي أوقعت الكثير من الإنجليز في أرض المعركة، وخرج عرابي على أصوات المدافع والطلقات، والذي كان يؤدي صلاة الفجر في تلك الأوقات ووجد حوله الجنود ملقاة على الأرض غارقة في الدماء، ومن تبقى يُلقي سلاحه ويفر هربا من أرض المعركة، حاول عرابي العودة إلى القاهرة للدفاع عنها، لكنه لم يجد ما يكفي من الجنود.
فقبض عليه وحكم عليه بالإعدام، ثم خفف الحكم للنفي وصودرت أمواله، وتم توجيهه إلى جزيرة سيلان.