داهية الحرب وقاهر الصليبيين.. كيف خدع عماد الدين زنكي ملك الروم؟
عماد الدين زنكي، القائد الإسلامي الكبير، والمجاهد الذي أعيا الصليبيين، والذي تحل اليوم ذكرى استشهاده 14 سبتمبر عام 1146، اختاره السلطان ليكون أميرًا على الموصل، لما يتمتع به من فطنة وشجاعة وإقدام، وأسند إليه جمع شتات البلدان التي فرقتها الصليبيين.
ضم إلى إمارته الجزيرة، والكثير من بلاد الشام، وأخذ يعمل جاهدًا على تخطي الأزمات الكبيرة التي حلت بالبلاد، وعمل على استرداد الأرضي المزروعة، وإعادة التجارة إلى وضعها الطبيعي، ومعالجة أمر قاطعي الطريق بمنتهى القوة والحسم، وعمل على زيادة وعي الشعب من خلال نشر الثقافة، وتشجيع العلماء وتقديم الدعم الكافي لهم والإغداق.
لفتت أعماله نظر الصليبيين إليه، فأرادوا إحباط محاولته لاستعادة تلك البلاد لقوتها، فقرروا توجيه ضربة عسكرية له، تنهي هذه الإمارة، والتقوا عند حصن الأثارب بالقرب من حلب، حيث دارت هناك معركة حامية انتهت بهزيمة الصليبيين، وانتصار جنود عماد الدين زنكي، لكن الصليبيين لم يتراجعوا بعد تلك الواقعة، فأخذ حاكم بيت المقدس بالهجوم على بعض مناطق حلب، ومعه طائفة أخرى من الرها، تساعده، لكن عامل حلب هزمهم شر هزيمة.
الثأر من الصليبيين وفتح الرها
أراد عماد الدين زنكي أن يأخذ بالثأر من الصليبيين، فهاجم اللاذقية، وقتل الآلاف من جنود الصليبيين، وأسر منهم 7 ألاف، إضافة إلى الكثير من الغنائم التي غنمها الجنود من حصون الصليبيين.
جاء ملك القسطنطينية، وجمع جيشًا ضخمًا للرد على عماد الدين زنكي، فحاصر قلعة شيزر، وحصنها، ونصب عليها 17 منجنيقًا، فلما رأى عماد الدين عدد الجنود الكبير، أخذ يستميله بالحيلة والمكر، وأخذ يسير كل يوم ومعه جنده، بالقرب من شيزر، ثم ارسل إلى ملك الروم، وقال له، إنك قد تحصنتم مني بهذه الجبال، فأنزلوا منها إلى الصحراء حتى نلتقى، فإن ظفرت بكم أرحت المسلمين منكم، وإن ظفرتم بي، أسترحتم مني.
لم يقتنع ملك الروم، وكان يعلم أن زنكي يدبر له مكيدة يستدرجه حتى يحاصره ويأتيه المدد من كل حدب وصوب، فأخذ زنكي بالعمل بطريقة أخرى، فأرسل إلى الصليبيين يقول لهم إن سيطر ملك الروم على حصنًا واحدًا سيسيطر على الشام لنفسه، ويرسل لملك الروم، يقول له إن الصليبيين سينفضون من حولك إن دخلت الحرب، فأوقع بينهم، حتى ترك ملك الروم شيزر وانسحب بجنوده وترك خلفه السلاح والمنجنيق.
استهدف عماد الدين زنكي بعد ذلك، الرها، وهي أكبر إنجازٍ عسكري له، كانت تحكم من قبل الصليبيين وعلى رأسهم جوسلين الثاني، وكانت الرها حصنًا منيعًا يستعصي على المسلمين، فحاصرها قرابة 28 يومًا، مانعًا عنها كل السبل، حتى خضعت له، وجعله هذا النصر من كبار القادة المسلمين في التاريخ، وجعله أيضًا من الأعداء الواجب التخلص منهم من قبل الصليبيين، وبالفعل قاموا بالتآمر عليه بعد تلك الواقعة بعامين، وقتلوه في خيمته وهو نائم.