ما هي حقيقة الخلاف بين عبد الناصر ومحمد نجيب؟ هيكل يجيب
تمُر علينا اليوم ذكرى ميلاد الصحفي المصري العملاق، محمد حسنين هيكل، صحفي القرن، وأشهر الصحفيين العرب على الإطلاق، والذي ولد في 23 سبتمبر من العام 1923.
كان هيكل أقرب صحفيين عصره إلى عبد الناصر، ومجلس قيادة الثورة، وكان صديقًا شخصيًا لجمال عبد الناصر، لذا كان حاضرًا بشكل دائم، وشاهدًا على أهم الوقائع والأحداث التاريخية الهامة في تاريخ هذه الأمة، ولذا كانت نظرته لما دار بين محمد نجيب وعبد الناصر، نظرة ثاقبة، محددة، لها أبعادها التي ترتكز عليها، ومما كتبه في هذا الشأن مقاله المنشور في الهلال، في العدد العاشر، من العام 1984، تحت عنوان: حقيقة الخلاف بين نجيب وعبد الناصر.
يسرد فيه العديد من الوقائع الهامة والكاشفة، ويقول في مقدمة مقاله بودي أن اتجاوز كل ما يكون قد تعرض له محمد نجيب من اضطهاد، لا لأني أقره، بل لأني أدينه بشدة، سواء بالنسبة لمحمد نجيب، أو غيره، من تعرض للتعذيب على يد أجهزة عبد الناصر، ثم يطرح التساؤل الهام والمحير والفاصل هل كان عبد الناصر بريئًا بشكل كلي أو جزئي مما فعلته أجهزته؟.
وعن أسباب الخلاف يقول هيكل ليس من الموضوعية، أن ننكر أن هناك خلافا فكريًا وسياسيًا بين الرجلين، وأن القضية، لا تعدو كونها نزاعًا على منصب الرئاسة، فوضع القضية على هذا النحو يخرجنا من دائرة الموضوعية والصدق، هناك خلاف فكري وسياسي عميق، هو الأصل في الصدام العنيف الذي عرف بأزمة مارس، ويضيف: أن ما يرويه التاريخ، يقول أن محمد نجيب مسئول مسؤولية كاملة عما حدث في مصر سنتي 1952 و1953، وكان رحمه الله تحت تأثير مجموعة سليمان حافظ وأفكار الحزب الوطني، التي تتميز بالتوجه الفاشستي.
نجيب لم يكن صاحب عقلية سياسية وناصر طالب ثورة
ويتحدث هيكل عن نجيب وشخصيته فيقول: لم يكن محمد نجيب صاحب عقلية سياسية ناضجة، ترى المشاكل، وترى الحلول الثورية، بل تسيره الأحداث، أو يسيره البعض، لكنه لا يسير الأحداث، ويبقى السؤال، هل كانت هذه هي عقلية عبد الناصر السياسية؟.
ويبدأ هيكل في وصف شخص ناصر عبد الناصر كان شخصية سياسية، فلم يترك من البداية أي مناسبة، إلا وأثبت فيها أنه طالب ثورة، تستهدف خدمة القطاعات الفقيرة من الشعب، وترفص كافة مؤسسات السلطة السابقة، واستطاع الرجل في أقل من سنتين من صراعه مع نجيب، أن يصبح أحد أعلام حركة التحرر في العالم الثالث، فهذي هي حدود عبد الناصر، وهذا هو الفارق بينه وبين نجيب.
ويتحدث عن المرحلة التي تلت ناصر وأيهما ظلم موضحا: وإذا كانت ثورة عبد الناصر، قد ارتدت، في كثير من الجوانب، فأن فكر عبد الناصر لا يزال حيًا والكثير من إنجازاته، باقية، لكنها لا تذكر، أليس ذلك موقف أبشع مما قيل عن طمس اسم محمد نجيب من الكتب المدرسية؟ وإذا كانت الناصرية قد ضُربت بعد وفاة عبد الناصر، فإن ذلك يرجع إلى حقيقة واحدة، وهي أن الثورة المضادة، كانت داخل الثورة منذ البداية، وقد يكون هذا خطأ عبد الناصر الذي لا يُغتفر.