مهندس أمازون المصري: رغم إعاقتي بالشلل الدماغي وصلتُ للعالمية.. وتكريمي غدًا بسفح الأهرامات | حوار
تصدر اسمه في الآونة الأخيرة مواقع التواصل، وبدأ الجميع في سرد قصته الشهيرة وكيف تحول من طفل مولود بشلل دماغي إلى مهندس في شركة بوكينج وأمازون العالمية.
كان لـ القاهرة 24 أجرى حوارًا عميقًا معه وجه فيه الشكر لأمه لكونها سيدة صبورة تحملت بصبر اختبار الله لها برعايته، إضافة إلى رعاية أخته الكفيفة معه، وتذكر معنا أبرز الصعاب التي واجهته، وأحلامه، واختتم حواره معنا موجهًا رسالة لجميع مرضى الشلل الدماغي، وكشف في نهاية حواره عن مفاجأة ستحدث له غدًا عند سفح الأهرامات، إنه عادل شعبان.. حكاية حلم أصبح واقعًا.
إليكم نص الحوار..
في البداية نريد أن نعرف كيف تفوقت في مشوارك الدراسي؟
عندما وصلت لسن التعليم الأساسي خشي أهلي أن ألتحق بالمدرسة مثل باقي الطلاب، وبالتالي بدأ تعليمي في المنزل، ومن حسن حظي أنني كنت أسكن بجانب مدرسة في مصر الجديدة فأرى التلاميذ بالمدرسة وأسمع الطابور، وأبكي لوالدتي متسائلًا لماذا أنا بالمنزل ولستُ معهم؟ ومن هنا بدأت الرحلة، وبعد إقناع مستمر استطاعت أسرتي إلحاقي بمدرسة وتفوقت فيها، ولكوني ولدت بشلل دماغي وهو مرض يصيب مركز المخ ويؤدي لعدم القدرة على الكتابة بشكل طبيعي، حيث تخرج إشارات عشوائية وتتسبب في حركات لا إرادية، اضطررت للاستعانة بشخص مساعد أُمْلِي عليه إجاباتي وهو يكتب بخط واضح.
-حدثني عن دور والدتك في حياتك ؟
أنا لي أختان أكبر مني بعشر سنوات إحداهما كفيفة النظر، ولكنها استطاعت الحصول على الماجستير من كلية الآداب والأخرى تعمل مدرسة، وكانت والدتي تولينا الرعاية والاهتمام دون تذمر، وكانت راضية باختبار الله لها، ودائمًا ما كانت تشجعني على النجاح والتقدم، فهي كانت مؤمنة بقدراتي.
-هل واجهتك أي عراقيل عند دخول الكلية؟
استمر مشواري الدراسي إلى أن أنهيت الثانوية بمجموع 97% شعبة علمي رياضة، لأنني كنت مبيتًا النية على دخول كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة عين شمس، لأن صديقة أختي كانت فيها وشكرت في مستقبلها أمامي، وهنا بدأت رحلة جديدة، وقامت الكلية بعمل اختبار حركة لي للتأكد من إجادتي في استخدام الكيبورد والماوس، ونجحت فيه لأن التحكم في الماوس أسهل من التحكم في القلم والكتابة به، والتحقت باللجنة الاجتماعية في الكلية، ومن حبي في العمل الاجتماعي قابلت العميد واقترحت استضافة دار الأيتام بالكلية.
- حدثني عن كيفية حركتك وذهابك للكلية بمفردك؟
حتى الإعدادية كنت أتحرك من غير كرسي، لأنه ليس لدي شلل في رجلي الشلل موجود في مركز المخ، ولكن كنت دائمًا أحتاج شخصًا أرتكز عليه، ولكن بحكم السن والنمو أصبحت أطول وأثقل، لذلك كانت وقعاتي تسبب لي ألمًا نفسيًّا أكثر من الألم العضوي، لذلك قررت الجلوس على كرسي متحرك رغم معارضة أسرتي ورفضهم للفكرة، فهو كان بمثابة صدمة فمجتمعنا المصري يوصم كل من جلس على كرسي متحرك بالعار، بالرغم من احتياج الشخص له، وبالفعل كنت أضعه عند مدخل المنزل، وأستند إلى درابزين السلم في النزول والصعود.
- ما أكثر موقف صعب مر بك؟
كنت أستقل التاكسيات يوميًا بمفردي، فعلى أيامي كانت لا توجد مواصلات مؤهلة لأصحاب الكراسي، وكنت غالبًا ما أقابل يوميًا أشخاصًا تواسيني بسلامتك ومتزعلش مما يجعلني أشعر بعجزي، بالرغم من أني لا أريد هذا، فأنا مثلي مثلهم، وذلك لأنني قررت أن أعيش كشخص طبيعي، ولا أكون محور اهتمام أو شفقة من أحد، ولكن لا يمكن أن أنسى أن بعد تخرجي وبعد إجرائي لعدد كبير من المقابلات التي تنقسم إلى قسمين (تكنيكال وشخصية)، أديت أداء مبهرًا في مقابلة التكنيكال وانبهر بي الممتحن، وذهبت يوم المقابلة الشخصية إلا أن مسئولة الموارد البشرية رفضتني بسبب ظروفي بشكل مهين، فأثناء الانترفيو تركتني فترة ثم عادت قائلة إنها انتهت من المقابلات ولا تريد أحدًا، الأمر الذي تسبب في حالة نفسية سيئة للغاية بالنسبة لي، وبكيت كثيرًا في هذا الوقت، لذلك قررت الاتصال بإدارة الشركة وإبلاغهم بالموقف، وفي النهاية تم تعييني في الشركة، وعملت فيها لمدة 7 سنوات وتمت ترقيتي بسبب مجهودي داخلها.
- كيف وصلت للعالمية؟
أثناء عملي وتدرجي في المناصب فوجئت بأن شركة Booking تراسلني للعمل لديها وبالفعل أجريت مقابلة افتراضية عبر الإنترنت ثم أجريت مقابلة أخرى في هولندا، وحصلت على إقامة عمل، وبعدها بثلاث سنوات قررت التقديم على العمل بشركة جوجل أو أمازون، وتم قبولي في أمازون واسعة الصيت في مجال البرمجيات، فأنا الآن أعمل مهندس برمجيات في شبكة أمازون الأم وليس هولندا فقط، لكن ظروف كورونا جعلت كل شيء عبر الإنترنت عن بعد حتى أني لم ألتحق بالمكتب حتى الآن.
- أريد منك أن تقيم تجربتك في أمازون.. ماذا عنها؟
شركة عالمية لها معايير مختلفة في الجودة وآلية العمل واختيار الموظفين، تطور أفرادها وتسعى لتنمية قدراتهم وتنمية الإبداع بداخلهم، فأنا كل يوم في تعلم وتطور مستمر من خلال إسناد بعض المهام التي أكلف بتحقيقها بكيفية واحترافية معينة، لذلك أتعلم منهم كل شيء حتى أكون قادرًا على تحقيق حلمي بافتتاح شركة عالمية مثلها في يوم من الأيام فلا أريد أن تكون شركتي نسخة من شركات كثيرة موجودة الآن.
- ما كواليس الانتقال من مصر والاستقرار في هولندا؟
هذا القرار جاء بعد تفكير عميق ولكني من الشخصيات المغامرة التي تحب عيش كل جديد، وطبيعي أن أخشى من حاجز اللغة ولكن في مجال السوفت وير لا تحتاج اللغة الهولندية، ففي الشركات العالمية العابرة للقارات تحدث الاتصالات باللغة الإنجليزية، لأننا نتعامل مع زبائن معظمهم ليسوا من هولندا، ورغم ذلك فهولندا ساعدتني على الاندماج بالبلاد لأنها متنوعة ثقافيًا ويوجد بها تقبل للجنسيات المختلفة، ولا توجد أي عنصرية تجاه العرب والمسلمين.
- وجِّه رسالة لأصحاب الشلل الدماغي؟
احلموا وتأكدوا أن كل شيء ممكن وجائز، لذلك كونوا مؤمنين في كرم الله وعافروا وتمسكوا بالفرصة، فأنا لولا إصراري على الذهاب للمدرسة لما كنت وصلت لما أنا فيه الآن، فأنا سعيد جدًا بما وصلت له، فقد تمت دعوتي كمتحدث في مؤتمر المسئولية المجتمعية للشباب، في نسخته الثانية المقام غدًا السبت بمنطقة الأهرامات، وذلك بالتعاون مع وزارة التضامن والذي يهدف إلى مناقشة المشاركة الاجتماعية للشباب في المجتمع وسيتم تكريمي فيه.
